الجمعة 11 إبريل 2025
سياسة

سؤال إلى النخب الفرنسية: لماذا تتنكرون لمنتوجكم الإرهابي في صفوف أبناء الجيل الثاني للمهاجرين؟

سؤال إلى النخب الفرنسية: لماذا تتنكرون لمنتوجكم الإرهابي في صفوف أبناء الجيل الثاني للمهاجرين؟

حين يضرب الإرهاب بقوة، بوسعنا أن نتفهم، مثلا، قيام باريس بترحيل فرنسي من أصول مغربية مدان بتهمة الإرهاب، بعدما تجريده من الجنسية، كما فعلت مع أحمد سهنوني اليعقوبي، المولود في الدارالبيضاء في 1970  والحاصل على الجنسية الفرنسية في 2002، بعد إدانته بتهمة مرتبطة بالإرهاب. يمكننا أن نتفهم ترحيله إلى بلده، لأنه تربى وترعرع فيه. لكن من غير المستساغ، على وجه الإطلاق، أن يتحول الفرنسي المولد والنشأة والدراسة، في رمشة عين، إلى "عربي قذر" و"إرهابي متوحش" بمجرد ضلوعه في عملية إرهابية تستهدف هذا البلد الأوربي أو ذاك، وبمجرد أن اسمه ميلود أو عزيز أو حسن أو عبد الرحمن أو المعطي.

من غير المستساغ أن تكتشف فرنسا أن أبناءها، الذين ولد آباءهم في حالات كثيرة على ترابها، ليسوا فرنسيين، وأنهم أجانب وغرباء ومتوحشين، لأنهم متورطون في مستنقعات سوريا، ولأنهم لا يعرفون لغة أخرى غير لغة الحرب والقتال. وكأنهم لم يتربوا في مدارسها وشوارعها، ولم يتأطروا بقوانينها وتشريعاتها.

من غير المستساغ، على الإطلاق، أن يلوح بعض السياسيين الفرنسيين بالقيام بحملة تطهير تقضي بإبعاد جميع المتورطين في الإرهاب إلى بلدانهم الأصلية، وكأنها تريد أن تعاقب البلد الأصلي على "جريمة" لم يرتكبها، ولا يتحمل فيها أية مسؤولية. وكأنها تلقي باللائمة ليس على تشريعات وقوانين وسياسات اجتماعية واقتصادية، بل على الأعراق والاثنيات والعقائد.

فرنسا تريد أن تعاقب أبناءها الذين انحرفوا عن "قوانينها"، لأن الفرنسيين لا يمكنهم أن يكونوا إرهابيين، ولأن العيب ليس فيها، بل في "الجينات".

فرنسا تريد، عبر التلويح بإبعاد المغاربيين المتورطين في أحداث إرهابية، إلغاء أي مسؤولية أخلاقية وسياسية لها عنهم. تريد أن تقول للعالم إن هؤلاء الذين فجروا أنفسهم وقتلوا الأبرياء ليسوا فرنسيين، وأنهم قادمون من الغابات والصحارى، وأنها بريئة من كل إثم، وأن الحل هو العزل. ولن يتم العزل إلا بإرسال هؤلاء إلى بلدان لم يعرفوها، وربما لم يسبق لهم زيارتها.

فرنسا تريد أن تجعل كل مواطنيها "العرب" و"المسلمين" في وضعية صعبة. في فضاء "المابين"؛ فلا هم فرنسيون بالكامل، ولا هم غرباء بالكامل. هم هذا وذاك في الوقت نفسه، وجميعهم متهم إلى أن يثبت العكس. وكل من يريد أن يكون فرنسيا عليه أن ينال ذلك عن استحقاق، كأن يعلن انتماءه لحزب لوبين (الجبهة الشعبية)، وأن يطالب برأس كل الملونين والإرهابيين والعرب، وأن يعتقد بصدق شامل أن فرنسا للفرنسيين، وأن الفرنسسين هم الشقر وزرق العيون.

فرنسا تريد أن تدفع جميع العرب والمسلمين إلى التصويت بكثافة على "الجبهة الشعبية"، كما أنها تشجع على وضع "العدسات اللاصقة"، وعلى صباغة الشعر باللون الأصفر، وعلينا أن نبحث عن السر وراء ذلك، وأن لا نندهش إن كان الاشتراكي فرانسوا هولاند هو صاحب المنتجات الكوسميتية..

فرنسا تريد أن تمارس ضد العرب والمسلمين سياسة الأبارتايد، ولا بأس أن تحتفظ بعقولهم وأدمغتهم التي تحرك الجامعات والمختبرات العلمية؛ فهؤلاء فرنسيون حتى النخاع، لأن فرنسا المجيدة هي التي أنتجتهم وأشرفت على تعليمهم، ومن حقها استغلالهم والمفاخرة بهم بين الأمم. فرنسا تميز بين عرب وعرب، ومسلمين ومسلمين. فالإرهابيون يمكن إرسالهم إلى بلدهم الأصلي، والعلماء والأبطال الرياضيين والأساتذة والأطباء يمكن الاحتفاظ بهم، وتوشيح صدورهم بالأسلحة.

فرنسا بريئة جدا، وعليها أن تستأصل الورم الخبيث، وأن ترميه نحو الجنوب. الجنوب هو الذي يليق بالإرهابين. الجنوب هو موطنهم الأصلي.. وفرنسا لا يمكن لأنوارها أن تلد الظلام !