السبت 23 نوفمبر 2024
جالية

البصراوي: حزب ماتيو سالفيني يتفنن في زرع ثقافة التحريض والكراهية ضد مغاربة إيطاليا

البصراوي: حزب ماتيو سالفيني يتفنن في زرع ثقافة التحريض والكراهية ضد مغاربة إيطاليا

على هامش الزيارة التي قام بها للمغرب زعيم حزب رابطة الشمال الحاكم بإيطاليا ماتيو سالفيني المعروف بمواقفه العدائية تجاه قضايا المهاجرين بمن فيهم المغاربة، اتصلت "أنفاس بريس" بعبد المولى البصراوي صحافي مغربي مقيم بإيطاليا ومهتم بقضايا الهجرة، وأجرت معه الحوار التالي، والذي يتضمن الكشف عن تصاعد موجات العداء ضد المهاجرين، وقضايا أخرى...

+ كيف تقرأ تصاعد موجات العنصرية ومعاداة الأجانب بأوروبا في الشهور الأخيرة؟ هل للأمر ارتباط بأجندات انتخابية لبعض الأحزاب اليمينية المتطرفة؟

- فعلا.. فالشغل الشاغل للأحزاب اليمينية هو معاداة الأجانب ومحاربتهم على ترابها، وكذا تضييق الخناق عليهم تشريعيا وسياسيا وإعلاميا.. وتزداد حدة الكراهية والعنصرية بشكل أكثر تأثيرا كلما حلت الانتخابات خصوصا، أو كلما حلت أزمة اقتصادية خانقة باقتصاديات بلدانها، كما هو حال اقتصاد إيطاليا وإسبانيا... بحكم السياسات الفاشلة التي نهجتها، والتي أدت إلى انهيار اقتصادها، علما أن هذه الأحزاب غالبا ما تكون في موقع التسيير والتدبير، وبالتالي فهي التي أوصلت الحركة الاقتصادية إلى الباب المسدود. ولذلك تجد نفسها أمام أزمة ثقة، فتبحث لها عن مبررات من خلال إلقاء اللوم على المهاجرين وإشهار سلاح الكراهية والعنصرية ضد الأجانب محاولة تحميلهم مسؤولية الأزمة التي تعيشها بلدانهم، بدل الاعتكاف على خلق برامج تنموية قادرة على زرع الحيوية والدينامية في اقتصاداتها، وبالتالي خلق فرص العمل لمن هو في حاجة إلى ذلك، بينما الوقائع تفند أطروحاتهم ذات النزعة العنصرية. ففي إيطاليا اعتبرت مؤسسات تتمتع بالمصداقية أن المهاجرين يشكلون قوة فعالة في الاقتصاد الإيطالي، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، واعتبرت أن الضرائب المحصل عليها من المهاجرين، تذهب إلى جيوب المتقاعدين.

+ كيف تنظر إلى تعاطي الإعلامي الإيطالي مع الحملات المغرضة ضد المهاجرين؟

- الإعلام الإيطالي في شقه الموالي لحزب رابطة الشمال بزعامة ماتيو سالفيني شن ومازال يشن حملات إعلامية مغرضة في حق المهاجرين، بل تفنن في زرع ثقافة التحريض والكراهية ضد هذه الفئة المغلوب على أمرها. والغريب في الأمر أن زعيم الحزب الحاكم بإيطاليا حظي باستقبال في المغرب من طرف مسؤولي الدولة وتباحث معهم إمكانية تعزيز التعاون بخصوص قضية المهاجرين السريين، في ظل صمت إعلامي وطني رهيب داخل المغرب، بل ذهبت بعض وسائل الإعلام إلى التضخيم من موضوع زيارة ماتيو المعروف بمواقفه العنصرية والعدائية خصوصا ضد مغاربة إيطاليا ووصفهم بأبشع النعوت، ومعاداته للإسلام باعتباره دين لا يؤمن بالآخر -حسب رأيه- ووضع المسلمين تحت المراقبة الأمنية التي تتنافى مع كونية حقوق الإنسان .

+ تم تغيير عدد من القناصلة المغاربة بإيطاليا في سياق الغضبة الملكية على بعضهم بعد الوقوف على مجموعة من المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية المقيمة في الخارج، ومنها ضعف مستوى الخدمات التي تقدمها سواء من حيث الجودة أو احترام الآجال أو بعض العراقيل الإدارية، فكيف تقرأ هذا التغيير؟

- أعتقد أن موضوع قرار إنهاء مهام بعض القناصلة من طرف وزارة الخارجية المغربية تنقصه الجدية والمسؤولية، ويكشف أن هذه الأخيرة لم تستوعب مضامين وعمق الخطاب الملكي، بعدما وجه توبيخا صريح العبارات إلى بعض القناصلة، بسبب التزاماتهم السياسية والشخصية التي تحد من مردودية الإدارة بالمهجر.

شخصيا كنت أنتظر، بعد الخطاب الملكي الذي اتسم بالجرأة والشجاعة في وصف معاناة الجالية من تدني الخدمات الإدارية، أن تسارع الخارجية المغربية لفتح ورش إصلاحي يعمل على تشخيص الواقع الإداري والخدماتي المقدم من طرف مؤسسة القنصلية ومحاولة البحث عن الحلول الممكنة، ورش يسمح بمشاركة الجميع بدون استثناء على اعتبار أن هذه القضية قضية وطنية وليست حكرا على الوزارة من جهة، وأفراد الجالية المغربية من جهة أخرى.. لكن مع الأسف القرار تحكمت فيه اعتبارات ردود الفعل بدل الموضوعية، ناهيك عن عدم إشراك الطرف الأساسي المتمثل في مكونات المجتمع المدني بالمهجر.

+ يتوفر المهاجرون المغاربة على قوة انتخابية مهمة في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا، فلماذا لا يتم توظيف هذه القوة لخدمة القضايا الوطنية وقضايا المهاجرين، علما أن المهاجرين المغاربة بكاطالونيا، مثلا، يصوتون لفائدة أحزاب تريد الانفصال عن إسبانيا وتتبنى مواقف مناوئة للقضية الوطنية؟

- فعلا الجالية المغربية بالخارج تشكل قوة انتخابية وازنة لا يستهان بها كما وكيفا، لكن هذه القوة تفتقد إلى مقومات وأسس القوة بمعناها المادي، أي القوة القادرة على صنع القرار والمساهمة في صنعه على المستوى الوطني أو على مستوى دول الاستقبال.. إذ لم نصل بعد إلى التأثير على غرف صنع القرار بحكم تعدد المؤسسات التي تعنى بشأن الهجرة والمهاجرين، علما أن هناك دراسات جد مهمة ظلت سجينة رفوف هذه المؤسسات، ويبقى التيه عنوانا عريضا للجالية المغربية بالمهجر بسبب غياب إستراتيجية عمل واضحة المعالم لدى المؤسسات المعنية بالهجرة.فالمهاجر في غياب هذه الإستراتيجية بدول الاستقبال يظل بين مطرقة الأحزاب التي تهتم بقضايا المهاجرين رغم مواقفها المعادية للصحراء المغربية، وسندان اليمين المتطرف المعادي لتواجدهم.. وهنا أيضا تطرح مسؤولية الأحزاب السياسية والمجتمع المدني بالداخل بتبني وفتح نقاش في صفوفها بخصوص قضايا الهجرة والمهاجرين في أفق خلق مقاربة تشاركية تحفظ كرامة المواطن المغربي بالمهجر.