الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

رشيد صفـَر:مسرحية الضَّارُّ و"المضرور".. العرض مُتواصل ..

رشيد صفـَر:مسرحية الضَّارُّ  و"المضرور".. العرض مُتواصل ..

يُرفع الستار.. ظلام دامس وإضاءة خافتة .. خائفة.. 13 دقة وربما ملايين الضربات..

في بلدنا الحبيب غالبا ما تنبث في حلة عجيبة ومُتناقضة، المسرحيات عفوا.. التمثيليات.. التمثيليات.. أي الهيئات والقصد هنا تلك المعنية بحل المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وإسماع أو سماع صوت المقهورين والمتضررين في شتى القطاعات (من طلبة ومستخدمين ومهنيين وغيرهم). هذه التمثيليات "المسرحيات" تجد فيها "رئيسا" في (لعبة تبادل الأدوار وتغيير الماكياج) عائدا مُجددا داخل التمثيلية بملابس أخرى أي ملابس الآخر في الجهة الأخرى، لمعالجة مشاكله مع "المرؤوس" أو القابع تحت سلطته، وهي المشاكل التي عجز القابع في هرم "التمثيلية" عن حلها في السابق أو رفض البث فيها أو غاب عنه إبداع الحلول لمواجهتها، أو أنتجها واعتاد من خلالها أن يمارس شططه الذي لا يُدرُّ سوى الضرر والإقصاء، في حق المغلوب على أمرهم، كما تـُدرُّ السماء الأمطار في فصل تتميزُ فيه الغيوم بالكرم المؤدي للفيضانات.

ولنا في الواقع أمثلة كثيرة وحالات غزيرة. إذ سجل "عبد المنعم كزان" عضو وممثل مجلس طلبة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، غياب التمثيلية الطلابية بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ما أنتج ضربة في العمق للقانون، بسبب تغييب أحد الفاعلين الأساسيين في العملية التعليمية والمتضررين الأساسيين من مشاكلها وسلبياتها، على اعتبار أن المنهجية التشاركية التي أتى بها دستور 2011 إضافة المقتضيات القانونية تستوجب تكريس مبدأ التشاركية، حيث يتم اقتراح 3 طلبة جامعيين من طرف وزير التعليم العالي، ينتخبون من طرف نظرائهم ويعينهم الوزير كأعضاء مشاركين في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. ولنا أن نلتمس العذر لمن هم وراء هذا التغييب، لكن لا نضمن لهم أن يكون العذر أقبح من الزلة.

في النقابات أيضا تجد التمثيليات "المسرحيات" مطبوعة بحكم "الضار" على "المضرور"، ففي هذه التمثيليات التي من المفترض أن تدافع عن الحقوق المسلوبة لـ "سواعد الأمة" من عمال وعاملات بسطاء، من مسرح "لبساط" والبسط وبسط النفوذ وسلب النقود، يصعد ممثلهم في سلم النقابة بثوب المُتضرر والمُدافع عن حقوقهم ثم يلبس في غفلة منهم ثوب "الباطرون" لتأدية الدور الثاني الذي أوكل له في الكواليس المسرحية، إذ بعد أن تهطل عليه الامتيازات والحوافز، يترقى في "لوركانيكرام" الخاص بالشركة أو المؤسسة، ليجد نفسه جنبا إلى جنب بالرئيس مع الرئيس وللرئيس.. أي مع "الضار" في مواجهة "المضرور"، فيخذل زملاء الأمس الذين يصبحون أعداء اليوم.

وفي خشبة البرلمان يقصد المواطنون صناديق الاقتراع للتصويت على شخص سيواجه في دوره المسرحي حسب فصول الحكاية المسرحية السياسية، الإقطاعيين ومصاصي الدماء. شخص يرى فيه أخي الناخب وترى فيه أختي الناخبة، مُحاربا شهما لمنتجي الضرر السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وبوصفة سحرية لا توجد إلا في حكايات الدجالين والعجوز الشمطاء، يصبح الشخص المصوت عليه "ضارا" لـ "المضرورين"، عوض أن يرفع عنهم الضرر، لذلك لا تجد في مسرح البرلمان في فصول القرار المسرحي أدوار "الخرَّاز" أو "الخبَّاز" أو "عاملة بيوت" أو "عامل نظافة"، ليس لأن المستوى الثقافي لا يليق بل لأن المستوى الاجتماعي لا ينسجم عندنا مع جمع "الضار" بـ "المضرور".. هكذا إمعانا في استمرار الضرر كحق من حقوق "الضارين" على "المضرورين"، لإنتاج التمثيليات الساخرة (المُضحكة المُبكية).. ولكم أن ترفعوا "ضرركم" يا "جموع المضرورين" بشتى الوسائل !! لكن لا تحيدوا عن "التمثيليات" التي تنقلب في زمن قياسي إلى "إقصائيات" من الإقصاء مع الإقصاء وللإقصاء، لتصبح "مسرحيات". مجرد "فعل ومفعول مُتخيل" لا يُرجى منه سوى الفرجة ولاشيء غير الفرجة.

تصفيقات ... انتهت "التمثيلية" تحيات عطرة من مسرح الأمس واليوم وربما الغد المفتوح على مر السنون والظنون. كنتم مع ثلاث فصول من مسرحية "الضار والمضرور".

 يُسدلُ الستار