الخميس 2 مايو 2024
سياسة

الوزير الرميد يُكذب نفسه في 24 ساعة

الوزير الرميد يُكذب نفسه في 24 ساعة

"أنت تقوم بتسويد الواقع وهو ما سيفقد الثقة في المواطن حيال المسؤولين السياسيين، وسترسم لديه صورة بعيدة عما هو كائن حقيقة"، إلى هنا قد يكون رد الأستاذ مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات على الزميل محمد التيجيني، مقدم البرنامج الحواري على "الأولى"، مقنعا بعد أن كان سؤال الزميل التيجيني للوزير، حول "الأسباب التي منعته من الأمر بالتحقيق في ما سبق لمجموعة من القادة السياسيين أن أعلنوا عنه بخصوص وقوع فساد وشبهات خلال الانتخابات الأخيرة، والتي كان موضوعها رشاوى وأموال وزعت بطرق ملتوية".

لكن من غير المفهوم وغير المنطقي، أن يصدر بلاغ للجنة الحكومية لتتبع الانتخابات، التي تضم وزيري الداخلية والعدل والحريات إلى جانب رئيس الحكومة، أوردت فيه الأسماء الكاملة للأشخاص الذين تمت متابعتهم أمام قضاء التحقيق بمختلف محاكم المملكة، للاشتباه في استعمال المال لاستمالة الناخبين خلال انتخابات مجلس المستشارين، بلغ لحدود 7 أكتوبر 2015،  ما مجموعه 26 شخصا.. وهو ما يعد انتهاكا صريحا لقاعدة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته..".

فكيف في أقل من 24 ساعة، انقلب السيد الوزير على موقفه أمس الثلاثاء، بعد أن لام زميلا صحافيا بأنه يسود الشأن الحزبي، ويساهم في زعزعة الثقة بالمؤسسات الحزبية، ويأتي اليوم الأربعاء، ويصدر بلاغا تفصيليا لقائمة حزبيين مازالوا قانونيا أبرياء حتى تثبت إدانتهم؟

وكيف سيكون موقف السيد الوزير ومعه أعضاء الحكومة، غدا أو بعد غد، عندما يقرر القضاء إخلاء سبيل المتابعين، لعدم وجود أدلة ضدهم تتعلق برشاوي انتخابية؟

ثم ألم يكن يعلم السيد وزير العدل والحريات، وهو رئيس النيابة العامة، بهذه التحقيقات عندما صرح في ذات البرنامج بأنه كغيره من المسؤولين يعرف أن هناك استعمالا واسعا للمال في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، غير أنه كما قال لا يملك أدلة على ذلك؟

كيف في أقل من 24 ساعة، تم إصدار بلاغ ضم 26 متابعا من السياسيين، هل كانت المتابعات تتم دون علم وزير العدل والحريات، أم أنه فضل التكتم الإعلامي حتى صدور بلاغ رسمي؟

وإذا كانت وزارة العدل والحريات من حقها متابعة الأشخاص المذكورين في البلاغ، ألم يكن ملائما قانونيا أن تصدر هي البلاغ لوحدها، احتراما للضوابط القانونية، التي لا تعطي الحق للجنة حكومية، مهما كانت طبيعتها، بتوجيه التهم لأي أحد، أو بعبارة أخرى، هل اللجنة الحكومية تُمارس تحريك الدعوى العمومية وإحالة الأشخاص على التحقيق؟

ألا يشكل هذا الخرق لسرية التحقيقات امتحانا آخر لاستقلالية القضاء، التي لم تضع حربه أوزارها بين المطالبين بتشبث وزارة العدل بالنيابة العامة، مقابل توجه آخر يطالب بالفصل بينهما؟

كيف سيكون عليه الوضع لدى هذا القاضي أو ذاك، وهو يتوصل بملف هذا المتابع أو ذاك، وقد حسم بلاغ اللجنة الحكومية في أنه مدان حتى تثبت براءته، في خرق تام لقرينة البراءة لأشخاص مازالوا في طور البحث، بل إن منهم من صرح لموقع "أنفاس بريس"، بأنه كغيره من عموم المواطنين، اطلع على اسمه عبر وسائل الإعلام العمومية؟

هل طوى مصطفى الرميد صفحته الحقوقية، بعد أن كان يصول ويجول في المحاكم، قبل توليه لوزارة العدل والحريات، ومدليا لوسائل الإعلام الوطنية والدولية، بتصريحات منددة بما كان يعتبره "خرقا لسرية التحقيقات، وضربا لقرينة البراءة"، على خلفية تصريحات الوكيل العام للملك بالدار البيضاء والرباط، حول كشف أسماء المتورطين في قضايا الإرهاب؟

ألا يجعل من بلاغ اللجنة الحكومية وضمنها وزير العدل والحريات المنتمي لحزب العدالة والتنمية، مبررا آخر من مبررات الاتجاه الداعي لعدم إضفاء أي لون حزبي على وزارة يمثل مسؤولها رئيسا للنيابة العامة، التي تمثل المجتمع؟

ألن يكون الوزير الرميد بإصدار هذا البلاغ حكما وخصما سياسيا في ذات الوقت؟

هي أسئلة وغيرها، عرت الوجه الحقيقي لوزير العدل والحريات، على خلفية بلاغ يوم الأربعاء 7 أكتوبر، الذي يبدو أنه سيكون له ما بعده، سواء من قبل المعنيين الذين ذكرت أسماؤهم ضمن المتابعين، أو من قبل الحقوقيين؟.