الأربعاء 1 مايو 2024
سياسة

"الرفاق " المغاربة ينقلون المعركة و" يفخخون " البرلمان السويدي

"الرفاق " المغاربة ينقلون المعركة و" يفخخون " البرلمان السويدي

المعركة الدبلوماسية التي فجرها الترف السياسي للاحزاب اليسارية السويدية من خلال عملها على خلق كيان وهمي في خاصرة المملكة المغربية للانفصاليين الصحراويين تتحول الى مواجهة بين تيارات اليسار العريض على الساحة السويدية بعد دخول ” الرفاق” اليسار المغربي على خط هذه المواجهة وزيارتهم للبرلمان السويدي للتعبير عن استيائهم من تلك النوايا التي تستهدف الوحدة الترابية للمغرب .

بعد التوضيحات المهمة في قضية الصحراءالتي قدمتها القوى اليسارية المغربية للاحزاب السويدية يبدو أن ” الرفاق ” المغاربة تمكنوا من ” تفخيخ ” البرلمان السويدي بحقائق ستدفع الى ايجاد شرخ بين  الاحزاب السويدية المعتدلة التي تسعى لايجاد حلول سلمية في مناطق النزاعاو المتطرفة في توجهاتها والمتعاطية مع ملف الصحراء وفقا لمصالحها واجندتها السياسية .

نبيلة منيب، الامينة العامة للحزب الاشتراكي المغربي الموحد، صرحت لعرب نيهيتر: ” ان الاطراف التي استمعت لنا والمشكلة منها الحكومة واحزاب اخري قالت انها ستأخذ بعين الاعتبار وجهة نظرنا .”

واردفت منيب : ” ما قمنا به في جولتنا الاولى هو توضيح العلاقة التاريخية بين الصحراء والمغرب ،وربما يتبع هذه الزيارة زيارات ولقاءات اخرى ،واعتقد ان باب الحوار بيننا وبين الاحزاب السويدية قد فتح ”.

اليسار المغربي عزف على لحن تباين وجهات النظر للاحزاب السويدية من موقفها من الصحراء فهناك جهات معتدلة منهم من صوت ضد مشروع الاعتراف بالكيان الوهمي الصحراوي لاعتماد هؤلاء المعتدلين على قرارات الشرعية الدولية من جانب ومن جانب اخر  مواقف حزب الخضر والاشتراكي الديمقراطي اللذين كانا متحمسان لفكرة الاعتراف بالدولة الوهمية .

الان بعد هذه الزيارة، علمت عرب نيهيتر بان حزبي البيئة والاشتراكي الديمقراطي سيعيدان التفكير في هذا الصراع المفتعل للاطلاع اكثر علي تفاصيله وحقائقه التاريخية والديمغرافية التي تؤكد مغربية الصحراء قبل الإقدام علي اي خطوة قد تؤجج الصراع بين شعوب المنطقة.

في هذا السياق، قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي المغربي ورئيسة الوفد المغربي، انها لم تسمع بتصريح الحكومة السويدية حول نيتها الاعتراف بالصحراء الغربية ككيان سياسي مستقل عن المملكة، موضحة أنه ثمة عمل داخلي حول هذا الموضوع الحساس يخص الدولة السويدية، التي أرسلت مبعوثا لها لتقييم الوضع في الصحراء بغية جمع المعطيات الكافية لاتخاذ موقف بخصوص هذه القضية.

وأضافت : " يأتي هذا التحرك السياسيي المغربي إثر نشر خبر علي مستوى الجمعية العامة للامم المتحدة مفاده أنه ربما هناك تحركات من قبل السويد باتجاه ايجاد دعم لما يعرف بالجمهورية الصحراوية التي كان الحزب الاشتراكي الحاكم في السويد مع حزب الخضر قد اعترف بها عام ٢٠١٢ كحزب، ولقد تم في ذلك الحين تقديم التماس للبرلمان السويدي للاعتراف بهذه الجمهورية، لكن الحكومة رفضت ذلك انذاك لعدم توفر شروط قيام دولة، الأمر الذي يفتقد إلى عنصري الأرض والشعب، فضلا عن السيادة علي هذا التراب الوطني، بينما لم تستطع الامم المتحدة ،لغاية الان، تحديد او احصاء سكان هذه المنطقة من الجغرافيا المغربية."

كما أكدت نبيلة منيب أن اليسار لا يدافع عن طرح الدولة المغربية كما هو، وانما يناضل من أجل تطوير الدولة المغربية باتجاه توفير أسس البناء الديمقراطي الحقيقي الكامل،لا سيما وأن اليسار قاطع الانتخابات عام ٢٠١١، وعانى من سنوات الجمر والرصاص، ولا يزال يعاني ،الى اليوم، وقالت:" نحن نخوض هذه المعركة من أجل البناء الديمقراطي وتحرر الانسان المغربي، وهذا لم يفقدنا البوصلة، نحن لا نريد أن نعطي هدية لأعداء وحدتنا الترابية، وهذا لا يعني أننا نتبع النظام بشكل أعمى والدليل على ذلك يكمن في أننا لا نشارك في حكومة ولا برلمان ونحن موجودون ومشروعنا متميز ،ولكننا نتفهم أن البعض يظن أن بعض قضايا تقرير المصير شبيهة بقضية فلسطين العادلة، قضية الشعب الفلسطيني لا مثيل لها ،، ولا يمكن خلط الأوراق مع أناس طلبوا الانفصال وعاشوا بالمخيمات ويعودون للمغرب ويتقاضون اموالا طائلة ويستفيدون من الريع ولا يخدمون الديمقراطية ولا يتعاونوا معنا بأي شيء".

قضية وطنية

من جانب آخر، قالت رشيدة طاهري، عن حزب التقدم والاشتراكية ” الشيوعي سابقا” والمشاركة في الوفد المغربي، ان الزيارة كانت ايجايبة وعملت على الحد من التوتر الذي حصل بين المغرب والسويد، موكدة على أن قضية الصحراء هي قضية وطنية باجماع كافة مكونات المجتمع المغربي بمختلف مشاربه.

تنوع قوى اليسار

محمد بن عبد القادر مسؤول العلاقات الخارجية للاتحاد الاشتراكي المغربي، ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في رؤيته لليسار العالمي، حين قال إن اليسار في العالم مقولة فارغة، لا يوجد يسار واحد في العالم هناك (يسارات )، وليس يسارا واحدا،ففي العالم العربي يتعرض اليسار للاضطهاد ويعيش علي الهامش، وفي الغرب هناك يسار يحكم كما في المانيا والسويد وله مصالح وأحيانا تتناقض تلك المصالح مع القضايا العربية،ذلك أن هذا اليسار لم يعد يمثل افكارا وقيما بل مصالح.

فيما يتعلق بقضية الصحراء،يرى محمد بن عبد القادر أنه " ثمة نوعين من اليسار، احدهما حالم كاليسار السويدي الرومانسي ، العاطفي، يسار أبدع أفضل نموذج للرخاء الاجتماعي في العالم، مثلما ابدع الحداثة السياسية، وهذا نعترف به ويمكن أن يلهمنا كيسار عربي، وهذا نقره تماما، فالحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي حكم السويد لاكثر من ٥٠ عاما، وتمكن من ارساء نموذج الرخاء الاجتماعي، لكن هذا اليسار بعيد كل البعد عن تعقيدات قضية الصحراء ولا يفقه فيها شيئا".

وأضاف : أن قضية الصحراء لها سياق وظروف ورهانات ومصالح دول مختلفة،  بينما لا يعني تعاطف الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر واليسار السويدي انهم على صواب، فهذا اليسار وقع في أزمة بعدما أنتج نموذج الرخاء الاجتماعي، لأنه لم يجد أمامه أي قضية نبيلة يستثمر فيها كيسار، فلا يوجد فئات مضطهدة في السويد لكي يتضامن معها، فاليسار العربي يتضامن مع الفقراء والمعتقلين، لذا ذهب اليسار السويدي بعيدا للبحث عن الشعوب المضطهدة والاقليات والعرقيات الأخرى على غرار البوليساريو ،بينما هو بعيد عن تعقيدات المنطقة ولا يفهم فيها شيئا ، وقال:" نحن نفهم أن اليسار السويدي يؤسس لمقاربة رومانسية حالمة لقضية الصحراء فقط، ويخلط ما بين الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي والارميني والكردي، في ظل حقيقة مفادها أن السويديين مهووسون بالقضايا الانسانية".   
الاجماع المغربي

كل ذلك يعني أنه على الرغم من أن الأحزاب اليسارية المغربية تقف في صف المعارضة،الا أنها تتفق مع بقية القوى السياسية المغربية في قضية الصحراء الغربية، حيث يقول مصطفى بو عزيز، احد مؤسسي الحزب الاشتراكي الموحد: " الاحزاب المغربية اليسارية معارضة، لكنها تمتلك وجهة نظر متميزة فيما يتعلق بالنزاع حول الصحراء ، ذلك أن موقف الأحزاب التي نمثلها ، أي المؤتمر الاوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، جميعها،تنظر لقضية الصحراء من منظور التقدم وتطوير المنطقة من خلال المعطيات التاريخية والموقف الذي من شأنه أن يطور العلاقات بين شعوب المنطقة،والالية التي تخلق أفضل الشروط للتنمية الاقتصادية والدخول الايجابي في العولمة من موقع شريك وليس تابع،وبناء علي هذه الاسئلة نحن نرى ان استحداث دويلة في المنطقة لا يخدم كل هذه المواقف، فهذا التوجه مبني علي شيء خاطيء وما يقوم علي باطل فهو باطل ، والباطل الأول يكمن في سؤال: هل هناك شعب صحراوي؟ وعلى أي أساس يمكن القول بوجود شعب؟وما هي المميزات التي تمنح مجموعة بشرية معينة شروط التميز عن الجيران؟ فالمميزات التي يقدمها الصحراويين أقل مما يقدمها الريفيون في الشمال المغربي من حيث اللغة وطبيعة الاستعمار والبنية الاجتماعية المغلقة ومع ذلك الريف جزأ من المغرب ويمكن لاي جهة مغربية ان تقدم ما يساوي او يفوق ما يقدمه الصحراويين".

وفي التفاصيل، يوضح بو عزيز أنه ما قبل الاستعمار كان النظام مبني علي توافقات وفي مركزه مؤسسة ملكية، وأن الضحية الأولى لهذه الدويلة ستكون الجزائر عندما تنوي القوى الاستعمارية استهداف مناطق انتاج الكربوهيرات ( الغاز والنفط ) ومن ناحية المصلحة العميقة لشعوب ودول المنطقة يجب أن تكون قضية الصحراء عامل وحدة وليس عامل تفريق.

تنشر "أنفاس بريس" هذا المقال باتفاق مع موقع "عرب نيهيتر" بالسويد