الجمعة 21 مارس 2025
سياسة

اقتراع مجلس المستشارين.. و"الحنين" للثلث الناجي في صنف الجماعات الترابية

اقتراع مجلس المستشارين.. و"الحنين" للثلث الناجي في صنف الجماعات الترابية

تتنافس لوائح الأحزاب السياسية لتوزيع غنائم مقاعد مجلس المستشارين، ويتفنن سماسرة خريجي شعبة الفساد بكلية "الجماعات القروية الميتة" منذ انطلاق الحملة الانتخابية في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة 25 شتنبر الجاري في حملاتهم عبر زيارات ميدانية لاستمالة أصوات المستشارات والمستشارين بكل طرق "التدليس" بذات الشعبة، لتستمر الحملة إلى حدود منتصف ليلة الخميس فاتح أكتوبر، لتنطلق عملية التصويت يوم الجمعة 2 أكتوبر 2015.... وفي نظر المهتمين بشأن المؤسسات المنتخبة، فإن مكونات مجلس المستشارين لن تخرج عن سياق تحصيل الحاصل وانعكاس لواقع الحال .

تذكير في سياق اللامركزية

لقد ظهر التنظيم اللامركزي على مستوى الجماعات المحلية بالمغرب في الفترة الموالية للحصول على الاستقلال، حيث صدر قانون الانتخابات بظهير فاتح شتنبر 1959، وبعد ذلك صدر ظهير 2 شتنبر 1959 المتعلق بالتقسيم الإداري بالمملكة الذي بمقتضاه أحدثت الجماعات المحلية وتم تعيين حدودها الترابية، ثم جاء ظهير 23 يونيو 1960، وهو القانون الذي نظم اختصاصات الجماعات الحضرية والقروية، ليعوض في السبعينات بظهير 30 شتنبر 1976، الذي شكل قفزة نوعية في ميدان اللامركزية، وحاليا تخضع الجماعات المحلية لميثاق جماعي جديد الذي صدر بالقانون رقم 00-78، الذي استحدث نظاما إداريا خاصا بالمدن التي يفوق عدد سكانها 500.000 نسمة بعد أن ألغى نظام المجموعة الحضرية .

جماعات قروية ازدادت ميتة

فالتقسيم الترابي والمجالي الذي فرخ بموجبه الصدر الأعظم وزير الداخلية إدريس البصري عدة جماعات قروية خلال التسعينات لضمان أغلبية مريحة من الثلث الناجي وبسط نفوذها عبر نافذة غرفة المستشارين المحدثة وفق مخطط مهندسي أم الوزارات سابقا.. تقسيم بولادة قيصرية لجماعات قروية على الورق أحدثت بدون موارد مالية وخصاص كبير في الأطر البشرية لكنها بالمقابل لعبت أدوارا سياسية عكسية لكبح جماح المعارضة وشكلت درعا واقيا ضد أي اكتساح لغرفة المستشارين .

سنكتفي بنماذج على سبيل المثال وليس الحصر، نماذج قريبة من محيط كل من إقليم اليوسفية وسيدي بنور والرحامنة للترافع عن تجاوز مدة صلاحية هذه الجماعات القروية.. جماعات ازدادت ميتة وأضحت مجرد بنايات خاوية على عروشها لا تتوفر حتى على (برويطة وبالة وفاس)، ولا حتى على مكاتب إدارية، بل منها من ظل مغلقا حسب قول أحد المواطنين "25 سنة وأنا أعبر الطريق الرابطة بين اليوسفية وبن جرير ولم أصادف يوما حركة بمقر جماعة تيزمارين أو جماعة أولاد حمو بتراب الرحامنة.. أبواب مغلقة وأعلام وطنية مكنسة فوق بناياتها". ويضيف ذات المصدر أن "نفس الشيء ينطبق مثلا على جماعة كدية بني دغوغ بقيادة أولاد عمران إقليم بسيدي بنور أو جماعتي الكنتور والسبيعات بإقليم اليوسفية".

هذه النماذج من الجماعات القروية وغيرها برؤسائها ومستشاريها يقتصر دورها في التوجيه عبر مسالك الانتخابات وتخصصاتها "التعليمية في شعبة الفساد السياسي" محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا "تحولت لكليات متخصصة في شعب"  تشناقت والسمسرة والمتاجرة في الأصوات بالمال السياسي... "كليات" بمقاعد محدودة (48 مقعدا) للمستشارين والمستشارات المحظوظين.. ولا تسلم "ديبلومات" التخرج منها صوب الغرفة الثانية إلا لجهابذة الغش والتدليس والنوم العميق في قبة البرلمان .

جماعات قروية تعزز وجود الكائنات الانتخابية وتضمن لها الحياة والتنفس رغم غرقها في وحل الفساد والتهميش والإقصاء.. "ألم يشخص الملك حالتها المرضية في خطاب ثورة الملك والشعب وشخص ضعفها وترهلها وخصاصها من كل شيء ومن أبسط شروط الوجود" يقول بعض الفعاليات السياسية .

جماعات قروية تتحكم في المشهد السياسي ونخبه و أصبحت عائقا حقيقيا أمام رهان التنمية ولن تساير السرعة التي خطط لها على مستوى الجهوية المتقدمة لعدة أسباب موضوعية منها أمية القائمين على شؤون تدبيرها وتطلعهم للاستفادة الشخصية وتسابقهم نحو المجالس الإقليمية للظفر بمقعد يعزز مكانتهم التفاوضية  ك "كورتية" ووسطاء لضمان مقاعد بغرفة المستشارين لمن يدفع أكثر من وكلاء اللوائح المتنافسة .

إعدام أو إدماج وإلحاق الجماعات القروية بالمركز

من هذا المنطلق يرى العديد من المتتبعين للبنيان المؤسساتي المرتبط بالاستحقاقات المغربية التي ستقفل مع اقتراع مكونات الغرفة الثانية (120 مقعدا) أنه حان الوقت للتفكير بجدية في "إعدام" مثل هذه الجماعات القروية الوهمية وإلحاقها بمؤسسات جماعية حضرية حتى لا تضيع حقوق ساكنتها، ودمجها مركزيا في جماعات أخرى قادرة على تدبير الشأن المحلي بمواردها المالية وأطرها البشرية، وتعزيز البعض منها بقوة المخططات التنموية وخلق شروط حياة جديدة لها إداريا واقتصاديا واجتماعيا حتى لا تبقى مجرد دكاكين للمتاجرة في سوق الأصوات الانتخابية لإغراق مؤسساتنا الوطنية بالفنادقية والأميين والغشاشين والمفسدين.