الأحد 8 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

حســن شاكـــر: قـــراءة فــي خطـاب وضع الـنقـط تـحت الحــروف...

حســن شاكـــر: قـــراءة فــي خطـاب  وضع  الـنقـط تـحت الحــروف...

بـعْـضـا مـن أسبـاب الـنُــزول...

صرخات ونـداءات وجدت آدانـا صماء.. وبيانـات وشكاوي كان مصيرهـا سـلات الـمهمـلات...و كــرامة أُهـدرت على عـتبات قـنصليات حيث يـرفـرف العلـم الـوطني خجـولا مـن موظـفين فضلـوا الأبـراج الـعالـية...

في هــذه الظروف المشحونة بكـل أنـواع الـتحدي ومظاهـر هـشاشة الهـوية  ومشاكـل يـومية تحت عـنـوان  حــدث ولا حـرج...!!

انتـظرت جمـوع المهاجريـن جـوابـا مـلكـيـا وشـدت الأسمـاع الـرحـال إلى خطـاب العـرش 30 يـوليـوز2015 ..وكـان لهـا مـا أرادت.. لـقد لـمس كـل الـفاعـلين بعْـضا مـن لـومه وعـتابـه وبعْـضا من رغـباتـه وانـتـقـاده وبعْـضا مـن بيـانـاتـه وصرخـاتـه..

لقـد تعـمد الـخطاب الإشـارة الى تـفاصيل إداريـة دقـيقة كالحـالة الـمدنية ( الاسماء وتصحيح الاخطاء...) في إشـارة الى معـرفـة بـتفـاصيل أكثـر دقــة و واقـعية..بـل وأفْـصح عـن مـصدر معلـوماتـه وهي الـجالية نفسهـا ,و بعيدا عن أية تـقارير إدرايـة  فهـو يتـفاعـل معهـا في تـنـقـلاتـه الـخارجية ويـقـرأ مـا تـكـتب ويتـفـاعـل مـع صرخـاتـها...

زلــزال ديبلـومـاسية الـكـعْـك وكـــؤوس الــشاي...

كان بالـفعل خمـيسا أسـودا حيث عـرى خطاب العـرش عـن ما تـبقى من أوراق الـثوث وأن الـكيل قـد طفـح بكـل مظاهـر الـتسيب والـزبونية وعــدم الـكفاءة في السلك الـديبلوماسي خاصة الـقناصلة..

هــرول المسؤولـون بإعـلان إجـراءات إستعجـالية ( وقْـف عُطـل الـموظفين والهاتف الأخضر...) وهـذا دلـيل إدانـة لحصيلـة سلـبية في عهـد وزيـر الخارجية السيد مــزوار..حيث انـه كـان مطـالبـا فقـط بتطبيـق مضاميـن مـرسـوم مـوظفي وزارة الخارجية 2.04.534 والـصادر في دجنبـر 2004 والــذي جاءت فصـوله 17 و23 و31 الـخاصة بتعـيين الـقناصلة مُـفصلــة من حيث شــروط الكــفـاءة ( دراسات عـليا والتمكـن من اللغات الاجنبية ) وضـرورة تـوفـر تجربة محتـرمة في العمل الديبلوماسي والقنصلي...

السـؤال إذن ,مـن المسؤول عـن إغـراق الـقنصليات حسب معـاييـر الـزبـونية والعــلاقـات الـحـزبية..؟  ولمـاذا لـم تحتـرم كـل شــروط الـتعيين الـواردة في المرسوم..؟

لأن غـير ذلك, سيتـم تـقـديم الـعديد من أكـباش الـفـداء قُــربـانـا لـمرحلـة " الـكــراطـة " بـوزارة الخــارجية...!!

الـمرحلة عــاوزة  كــدا...في انتظــار النُـضـج..

الخطاب جاء بأجـوبة واضحـة و أخرى ضمـنية... فـالـواضحة هـي ظرورة إشـراك الـجالية في الـمؤسسات الإستشـارية والحكامـة.. وهـذا ما جـاءت بـه بالـضبط الـمادة 18 من الـدستـور..

أما المؤسسات المعـنيـة فهـي المنصوص عليهـا في الـفصول 160 الى 170 أي مجلس المنـافسة وحقـوق الانسان والجالـية والاسـرة والطفـولة والـشباب والعـمل الجمعـوي ....إلـخ

أيضا ضرورة مـشاركة الجالية في الـديمقراطية الـتشاركية وهـذه إشـارة الى  فـصول 14 و15 أي حـق الجالية في تـقديـم ملتـمسات تشـريعـية وأيضا الـعـرائض...

لكــن كـيف يُمكـنها هـذا وقـوانينهـمـا الـتنظيمية لازالـت في قـاعة الانتظـار..!!؟  وهُـنـا  نستحـضر  تجاهـل الفـاعـلين عن الـحديث عن الفصل 12 من الدستور الـذي يعـتـرف فقـط  بالجمعيات ذات مقـر بالمغـرب..مما يعني إقصـاء جُـل جمعيات المهجر من تقـديـم الـعرائض والملتـمسات الـتشريعية في إطــار الـديمقـراطية الـتشاركـية...

أما الأجـوبة الـضمنية في خطاب العـرش فـقـد تمثـلت في عـدم الإشــارة للمشـاركة السياسية أي الفصل 17 وهـذا لا يعـني إلـغـاءا لـحق دستـوري بـل تـأكيـدا لـما جـاء في خطـاب تقـديـم دستـور 2011 أي " تـوفـر الـنضج "...

 وهــذا الـنُضج يُـمكن تـفسيره بأن أولـويـات إنشغـال الـجالية لـيست هي كـراسي البرلمان بـل الـمعيش الـيومي ومشاكـل الهـوية والانـدمـاج والـدين والعـراقيل الاداريـة والهشـاشة الـدينية...

وهُـنا نجـدد الـتأكيـد على وجـود فـصيـل كـبـيـر  بالجالية تُـحبد تـأجـيل تطبيق هـذا الـحق  الـدستوري..أي أن هنــاك من هــو مع... ومـن هـو ضد..!!

الـنُضـج يعني أيضا عـدم الإهـتمام الـكـافي للأحـزاب وبحثهـم عن أصحاب " الـشكـارة " لـتـنسيقـيـاتـهـم بالـخارج وأن الـتأطـيرالـسياسي للجـالية  يحتـل مـرتـبة متأخـرة في أجنـدة الـبعض منهـم ..وهـو ما يُـبـرر خـوف المهاجرين من خلق طبقـة تنـزل بمظـلات الـمال وتبحث فقـط عن الحصانـة وامتيـازات ضريبية..

الـنضج يعني أيضا أن جُـل المقترحـات الـمقدمة لم تُـحدد حـالات الـتنافي وعنـد جعلها لمقـر القنصليات محـرابا انتخـابيـا خالـصا فهـي تخـرق الفصل 17 نـفسه الذي أوصى  بكيفـيات الـممارسة ( جمْـعـا ) أي إمكانيـات عـديدة كالـتصويت الالكـتـروني مثـــلا...

الـنضج يعني أيـضا تحسيـن ضروف الإستقـبال بالـقنصليات حتى تستـرجـع مصداقـيتها أمام الـملك والجـالية وأن تتخلـص من مظاهـر الـزبونية والإبتـزاز...

النضج أيضا هومعـرفة طريقـة تمويل الحمـلات الانتخابية بالخـارج..فـهــل ستُـرسـل الأمـوال بالعـملة الصعبة ..؟ أم سيتكلـف المنسقين بالخارج من أموالهـم الخاصة..؟ وهـذا هو الجواب على تفضيل الشكــارة والأعـيان بالخـارج على الـكفـاءة والـتجربة...!!!

الـنُـضج أخيــرا..يجمـع حولـه البُـعـد الإجتماعي والـثقــافي وأيضا الـسياسي ..

الـنقــط تـحت الحـروف أيضـا...

الخطاب الملكي جـاء مُـشخصا للـداء وحامـلا للـدواء أي استـراتيجية جـديـدة لملف الهجـرة مـشروطة بالـتـفـاعل والـتـنسيق بين المؤسسات الـوطنية..

وهي إشـارة واضحة الى إنهـاء عهـد فـوضى الإختصاص بحيث لا يُـمكـن لـثـلاثـة مؤسسات الإشتـغـال على موضوع اللغـة العربية مثـلا بطرق قـد تختلف وقـد تحمل معهـا تـصورات مختلفة وحلـول مختلـفة أيضا..

يجب إعـادة الـنظر في مؤسسات الهجرة  وفي إختصاصاتهـا وفي أعضائهـا أيـضا... فالمـادة 2 من ظهيـر تـأسيس مجلـس الجالية جـاءتْ مُـفصلـة لـمجالات إخـتصاص المجلس مُـدعـمة بالـمادة 5 الـتي تُـلـزم الادارات بتـقـديم المعلـومات متى طلبهـا المجلس لإنجـاز مهـامـه...وتـوجـهـا الـفصل 163 فجعـلت بذلك من المجلس الهـيئة الوحيـدة المُـخولـة دستـوريا بتقـديـم الإستـشارات والـدراسات في ملـف الهجرة...

فهـل يمكـن لمجلس الجـالية تقـديـم طلب الطعـن في قـانـونية وشـرعية كـل الـقـوانين والـقرارات التي لـم تـطـرق بـاب المجلس..!! ؟

وهـل تُـعـد غير قـانـونية ومُـلغـاة كـل طلبـات العروض الخاصة بشأن الهجـرة والمنظمة من طـرف وزارة الهجـرة ..؟

وهـل يجب إلغــاء طلبــات العـروض هـاته, وتـكـليف المجلس بإجـراء الـدراسـات داخـل سقف زمـني..؟

فـإذا لــم يـكـن الأمـر كـذلك , فـما معـنى الإستـفـادة من تجـربة الـمجلس الـتي جـاء بهـا خطـاب الـعــرش ..!!؟

إلا أن المجلس لـم يصل بــدوره  لمـرحلة الـكمال بحيث ذكـرنـا الخطاب من جـديد بضرورة تجـديد جـلـده حـتى  يستجيـب لكـل تطلعـات أبنـاء جـلـدتــه مـن مغـاربة العـالــم...

وهــو كـلام يـرجـع بـنـا الى الـفصل 25 من ظهيـر تـأسيس الـمجلس الـذي ألــزم الـمجلس الحالي بتقـديـم إقـتـراحات وجيهـة  تخـص تكـوين المجلس وعـرضها على أنظـار جـلالـته

تـأكـيد نـفس المـطلب بخطـاب العـرش لسنة 2015 يضع الحكومة والبرلمـان من جـديد أمـام مسـؤولياتهـم الـتنفـيديـة والتـشريعية لتـنفـيـذ نـص المـادة 171 من الدستور من أجـل إخـراج قـوانـين تـنظـيمية لكـل المـؤسسات الـواردة في الفصول من 160 الى 170 ومن ضمنهـا مجلس الجــالية..

إمــا أنْ نكــون مغــاربة أو لا نكــون...

الخطاب تضمن تـنبيهـا لكـل الـفاعلـين الـجمعويين الى مسؤوليتـهم الـتاريخية في إطـار الـتفاعل والـتنسيق و إغـناء الـمرحلة من خـلال الديمقراطية التشاركية

الأكيـد أن خطاب العـرش كـان جُــرعة أوكسجين في جسـد ديبلـومـاسية مُـتـراخـية وفي أحـزاب مـشغـولـة بحـركـات تـصحيحية وخـرائط انتخـابـية...

ننتظر الآن تحـديد سقـفـا زمـنيا لعـرض الإستـراتيجية الـجديـدة  مُـعـززة بالأرقـــام والإحـصائيات ...لا نُـحبـد سمـاع تكـويـن لجـان مشتـركة جـديـدة...لا نـريـد خـرجـات تجـميلـية...لا نـريـد حُـقـنــا مُـسكـنـة للجهـاز الـديبلوماسي بعـد الـصعـقـة الكهـربائية للخطـاب...تـحمـل الـمسؤولية يعـني الـتـوفـر على الــكـفـاءة الـلازمة في مقـابـل تـحمل تبـعـات  المحاسبة..

 أخيــرا فـملف الهجـرة لــم يعـد يـحتمل الـمزيد من الـشعبوية والـسياسيـوية وكـذا الـحسابات الـحزبية...فهـل نـعتبـر خطـاب العــرش بمثـابة الــنـداء الأخـيـر قـبل الإقــلاع...