الأحد 22 سبتمبر 2024
مجتمع

قيم الحوار والاعتدال ينبوع مشترك بين القبائل الصحراوية والرحمانية بموسم الطلبة والخيل

قيم الحوار والاعتدال ينبوع مشترك بين القبائل الصحراوية والرحمانية بموسم الطلبة والخيل

يتفرد موسم الطلبة والخيل بمنطقة بوشان بإقليم الرحامنة بطقوسه وتقاليده الخاصة المتشبعة  بتاريخ المقاومة والجهاد ضد فلول الاستعمار واستحضاره لعلاقة الخيل والفرسان بالإسلام وفتوحاته وانتصاراته لإعلاء راية الحق والعدل والمساواة  ، حيث يستنفر أبناء أقاليمنا الصحراوية  كل طاقاتهم المادية والمعنوية لبناء جسور التواصل والعبور نحو نقطة اللقاء بمجال الرحامنة محملين بخيمهم وأفرشتهم وخيولهم وفقهائهم وطلبتهم " شجرة أنسابنا تمتد من الرحامنة إلى الصحراء تجمعنا قواسم مشتركة دينية وثقافية واجتماعية وتاريخية " يقول أحد شيوخ الطريقة القادرية الذي ينتمي لقبيلة الركيبات مضيفا " إن علاقة الرحامنة بالصحراء المغربية هي علاقة تاريخية تجمع بين الانتماء القبلي والروحي والجهادي تحت راية الاسلام وإمارة المؤمنين " ، لذلك يداوم أبناء الرحامنة على تنظيم هذا الموسم السنوي موسم الطلبة والخيل كل سنة وفي نفس الموعد  موضحا هذا الأخير ، لكنه سجل بامتعاض كبير " التهميش الذي يطال الموسم وعدم الاهتمام به كقاعدة اساسية لمواجهة كل أشكال التطرف الديني " .

نعم لم يعد من الممكن تقبل إقامة عروض فن التبوريدة دون دفاتر تحملات تنموية ووقائية وأمنية وبيئية بين شركاء المهرجانات والمواسم حتى لا تتكرر المآسي والمشاكل والصراعات ، فبعد وقوف أنفاس بريس على سوء التنظيم بموسم مولاي عبد الله أمغار والمشاكل التي رافقته مدة اسبوع ، نفس الشيء يقع بالموسم السنوي للطلبة والخيالة بجماعة بوشان بإقليم الرحامنة ، الذي شهد بعد الحوادث الأليمة بمحرك الخيل نظرا لعدم وجود حواجز واقية بين الجمهور الغفير والخيالة ،( حادثة دخول جواد وسط تجمع عائلي ) فضلا عن قلة صهاريج الماء الذي يلعب دورا أساسيا في إنجاح عروض التبوريدة .

فرغم تفرد المنطقة بهذا الموسم التاريخي والروحي والوجداني والذي يوثق روابط متينة بين قبائل الرحامنة والقبائل الصحراوية والتي يوحدها النسب والشرف والقرابة الدموية لم يستطع المسئولون بالجماعة الارتقاء بمضمونه الصوفي والروحي والجهادي والبطولي وظل الموسم خارج اهتمامات المجلس العلمي على مستوى تثمين مضامينه الدينية والفكرية المعتدلة ، وخارج اهتمامات المؤسسات الجماعية كذلك على مستوى الدعم والتنظيم  علاوة على غياب مؤسسة المجمع الشريف للفوسفاط على اعتبار أنه يستثمر أراضي المنطقة فوسفاطيا ومن الواجب عليه تقديم كل الدعم المادي واللوجيستيكي لموسم الطلبة والخيل بالرحامنة .

أكثر من 50 خيمة خصصت للقراءات القرآنية المختلفة المنبع بأصوات تشرئب لها الأعناق وتقشعر لها الابدان ، خيم نصبت من أجل صلة الرحم بين كل القبائل الصحراوية والرحمانية ، الجود والكرم هو القاسم المشترك لأبناء العمومة في النسب والأصل ، يقول أحد فقهاء الزاوية القادرية " خيمنا مفتوحة في وجه كل الضيوف من أجل التواصل وصلة الرحم ، نوفر المأكل والمشرب ونتحلق حول موائد الذكر طيلة ثلاثة ايام ، نستمتع فيها روحيا وفكريا على تراب هذه الأرض الطيبة " ...ويضيف " طموحنا هو ترسيخ قيم المواطنة دينيا وروحيا وصوفيا ، نحلق في سماء الذكر وقراءة القرآن واستحضار فكر أعلامنا الكبار المعتدلين دينيا " .

لقد حان الوقت لاستثمار هذه المحطة السنوية من موسم الطلبة والخيل بجماعة بوشان بإقليم الرحامنة وجعله قبلة للسياحة الداخلية من خلال تدخل كل الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين والجمعويين بالمنطقة ووضع تصور متكامل لصياغة نجاحه الثقافي والفكري والبطولي الجهادي المرتبط بالقرآن والخيل وتحصين ذاكرته ضد التلف والضياع .