التصويت ب " لا " في الاستفتاء اليوناني ، يعد بمثابة انتصار لليساريين و لليمين المتطرف الأوروبيين على حد سواء مفارقة قد تبدو عادية بالنسبة للبعض و قد تبدو جد عادية بالنسبة للبعض الاخر ، أجدني مضطرا لطرح هكذا سوْال على قراء انفاس المغربية و على كل الاعلاميين و المحللين و المهتمين بالشان الاوروبي ، خاصة و ان القطبان معا يتعارضان بل ويتناقضان معرفيا و ايديولوجيا في كل القضايا الآي تشغل المواطن الاوروبي ، لكن ما يجعلهما اقرب الى بعضهم البعض هو موقفهم الموحد و المتشابه في النظرة - و ان اختلفت - الرؤى تجاه المسالة الاوروبية و القضايا التي تشغل الحكومات الاوروبية ، كل من موقعه الجغرافي و السيادي ،
الفريق الاشتراكي دعا من بروكسيل الى ضرورة احترام إرادة الشعب اليوناني في تقرير مصيره ، خاصة و ان للإغريق تجربة عميقة تاريخيا و سياسيا في التجربة الديموقراطية ، و قد نادى الحزب الاشتراكي و على لسان السيد تبني كوكس ، ممثل نيابي بالغرفة الهولندية الاولى رىاسة الاتحاد الاوروبي الى احترام سيادة الشعب اليوناني في اختيار الصوت و الرأي الذي يراه هو مناسبا و اعتبر محاولات التأثير التي يقوم بها زعماء الاتحاد الاوروبي من خلال تصريحاتهم المتكررة ، و دعواهم الى اجراء انتخابات سابقة لأوانها و اختيار حكومة تكنوقراط بالهراء و الحماقة السياسية و قال في مكالمة صحفية مع الوكالة الاورومتوسطية للإعلام بان على الرىاسة الاوروبية ، الاستماع الى الصوت اليوناني بدل تجاوزه ، لان زمن الوصاية السياسية قد ولى بدون رجعة . اما اليمين المتطرف و في تشكيله الاوروبي فقد هلل لنتيجة الاستفتاء ب " لا " و ان اختلفت الرؤى و المرجعيات ، فان المتطرفين اليمينيون دعوا الى المغادرة الفورية الرىاسة الاوروبية و الخروج المبكر من منطقة الأورو قبل فوات الاوان و سحب الأورو كعملة للتداول الاوروبي ، من هنا كان التصويت ب " لا " بالنسبة لهم ، انتصار لرؤيتهم لاوروبا و الأوروبيين ، في نداءات الاحزاب المشار اليها دعوة الى تجند الرأي العام الاوروبي لأخذ موقف واحد و حازم من بروكسيل و الضغط على الحكومات الاوروبية لكي تتنازل عن الوحدة بمفهومها الحالي و تسحب البساط من الرىاسة التي -حسب ادعائهم - اضاعت مليارات من الأورو في أمور لم تخدم الانسان الاوروبي و لم توجه الى مواجهة المشاكل الحقيقية للمواطنين في المجتمعات الاوروبية و هو نفس الموقف الذي يدافع عنه يساريو اوروبا و دعواتهم المتكررة الى رفض اوروبا التي تتحمل مسؤولية تازم الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و يرفضون سيطرة بروكسيل على موضوعات حساسة دون تقديم حلول ملموسة لمشاكل ملموسة .
العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قلقة من تطور الأوضاع في بروكسيل ، خاصة بعد الاستفتاء اليوناني الذي عجل بضرورة عقد اجتماع طارى لقمة استثناىية ليوم الثلاثاء المقبل للنظر في المسالة اليونانية كما حاء في دعوة الرىيس دونالد توسك لرؤساء دول الاتحاد .
القلق و الخوف من تداعيات و انعكاسات الاستفتاء اليوناني امتد الى مجموع دول الاتحاد رغم تمايزها و كمثال على ذلك أورد مقابلة هذا الصباح مع اخد الفاعلين المدنيين بالجبل الأسود ، السيد إيفانوفيتش ممثل " اوروبا الاخرى " اشاد بنتيجة الاستفتاء اليوناني و دعا الممثلين في اوروبا المتحكمين في الشأن الاوروبي الى التعامل بجدية مع قرار الشعب اليوناني ، انه درس للتاريخ ، يجب ان نتعلم منه كيف نغير نظراتها للحياة ان كنّا حقيقة نامل في وحدة اوروبا و توحد الأوروبيين خول قضاياهم ، فمن غير المعقول ، ان تغض اوروبا الحالية الطرف عن المشاكل الحقيقية التي تشغل مواطنينا في اوروبا و نقوم بدل حل المشاكل ، اغراق الشعوب و التقليص من أنظمة المساعدة و التضامن الاجتماعيين ، نحن ، يضيف إيفانوفيتش ، نعاني من سياسات التقشف هذا في الوقت الذي تجني الشركات الاوروبية أنوالا طاىلة على حساب أبناء اوروبا ، لهذا نحن ننادي بأوروبا اخرى تقوم على التساوي في الحقوق و الواجبات و نعمل اوروبيا مع جمعيات و تنظيمات عدة لايصال صوتنا و لكن في نفس الوقت ، نحن نقاوم كل أشكال التطرّف في اوروبا و خارجها و لا نتقاسم إطلاقا المواقف الداعية الى تشتيت اوروبا لان اي خطوة الى الوراء ، ستكون قاتلة بالنسبة لنا جميعا نحن الأوروبيين و في قارتنا الآي هي لنا .
و في انتظار ما ستسفر عنه القمة الاستثنائية المزمع عقدها يومه الثلاثاء المقبل في بروكسيل و في انتظار ما سيؤول اليه الموقف اليوناني من انعاكسات و تطورات ما سمي يالازمة اليونانية .