الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: "كلوبنا" معكم...

عبد الحميد جماهري: "كلوبنا" معكم...

لقي الكلب «راي» التكريم الذي يليق به، بعد أن مات من جراء التعذيب وراح ضحية الوحشية المقززة التي أبداها المشعوذون في الدار البيضاء.

مات الكلب راي (كدت أقول البطل)، وهو يعاني من جراء العقلية.

لكنه وجد من يفضح المهزلة، ومن يقف في وجه البشرية المتوحشة التي عمدت إلى قلع عينيه وفمه.. وجد نساء ورجالا من المناهضين للتعذيب الذي يذهب ضحيته المواطنون الكلاب في بلادنا، وقد رفع المتظاهرون في البيضاء الشعارات المعبرة بقوة عما يجري، في بلادنا ضد سلالة الكلاب.

لست أذكر كم كانوا وكم كن، فقد قالوا أربعة أفواج أو خمسة من اللواتي صرخن لا لا للتعذيب.. كواحد من الشعارات للتضامن مع الكلب راي الذي فارق الحياة مساء الجمعة بعد معاناة لا يحتملها حتى الكلاب..!

خيم حزن كبير على الحاضرات، قبل أن يعم الغضب والشعارات التي تطالب بإعادة الاعتبار للكلب راي..!

راي، راي، يطالب بالعدالة، والذين يناصرونه يطالبون بجبر الضرر..

راي الذي مات ضحية الاستبداد البشري، أخرج عشرات الغاضبين إلى شوارع الدار البيضاء، ورفعت له اللافتات بسبب ضرره كبير، وتم الاحتجاج باسمه بكل اللغات..

راي المسكين قدم خدمة لضحايا آخرين، ضحايا التعذيب.. والوحشية والعنف، ومنهن الكلبة دونا..

راي ودونا، عنوان سنوات الرصاص التي بدأت تصيب الكلاب في المغرب الجديد.. لهذا قامت الضمائر الحية تدق الجرس..

وتعلقه على عنق الإنسان، كما فعل فرفر مع القط المتوحش!

لقد كانوا حاسمين وذكرونا بسنوات الرصاص التي كنا نخرج فيها إلى العالم صدورنا عارية لا نخاف في الحق لومة لائم،وبأصوات عالية ردد عدد من الغاضبين، شعارات قوية من قبيل .. "متعذبوش حرام عليك .. تهلا فيه .. تهلا فيه"...

وقد بدت السيدة نادية جد متأثرة، وهي تتحدث بلغة فرنسية راقية عن موضوع يثير اشمئزاز، اسمه  لابي سيكسيييل سير ليزانيمو l abus sexuel sur les animaux، أي الاغتصاب الجنسي الذي يروح ضحيته الحيوانات.

وكانت السيدة المحتجة إلى جانب كل المتضامنين والمتضامنات مع الكلبة «دونا» غاضبة للغاية لأن «الفرناتشي»، الذي لا يجيد الفرنسية بلا شك، قد قام باغتصاب الكلبة المصونة حتى نزفت دما وقيحا واضطر الأطباء إلى نزع رحمها وحرمانها من السلالة!

لم تحك لنا عن «المجرم» الفرناتشي، ولماذا اختار من بين كل إناث الله الأنثى دونا، من دون غيرها، وما إذا كانت راضية أم لا، وما إذا كانت قاصرا أم غاب عنها الوالي الخ. ولم تحدثنا عن زواج "الكلاب".. لكن كانت السيدة الغاضبة تتحدث بتأثر عن «لابي سيكسييويل سير ليزانيمو» ثم انفلت لسانها وهي تقدم الحجج بالقول« لابي سيكسيوك سير لوماروك ساايكزيست »، أي أن الاعتداء الجنسي على.. المغرب موجود.

وحاشكم، لو أن عالم النفس سيغموند فرويد كان مغربيا، وحيا، وأراد أن يربط بين زلة لسانها وبين لاشعورها، فهو سيجد أنها تعتبر المغرب، والكلبة دونا شخصا واحدا (أعزكم الله).

السيدة الغاضبة، التي كانت تتكلم في حلقة المتضامنين المفقودة، كشفت لنا أن دونا الضحية تعرضت، «منذ ست سنوات لاغتصاب متكرر»، من طرف مول الفرناتشي، ومن سوء حظه أنها كانت تزور السيدة الغاضبة التي رأت تقيحا في رحمها، فسعت، بمعية دكتور ذكرت اسمه إلى علاجها، لأنها هي بدورها مساعدة طبيب بيطري!

وقتها قمنا بالواجب وكنا قد نشرنا هذا الاغتصاب الفظيع!

وعندما صرحت بأن الطبيب نزع رحمها، رددت النساء من ورائها «اللطيف» وهن يستنكرن وحشية مول الفرناتشي.. ولم نكن نتصور أن القضية ستعود إلى السطح، مع تنامي ثقافة حقوق الإنسان والحيوان!

وأنها قد تطفو على السطح مع كل التقارير التي تنشر عن التعذيب في بلادنا.

وأخاف ما نخافه أن تكون دونا وراي من العناوين البارزة في تقارير الحقوقيين الذين يتبصصون على حياتنا الداخلية والمتربصين بوحشيتنا التي لا تضاهيها وحشية ويفضحوننا أمام العالم..

ونحن الذين نشعر أحيانا أننا نكره الكلاب من البشر، ولكن لنا قرابة مع الكلاب من الحيوانات، في مفارقة غريبة لا تجد تفسيرها سوى في القواسم المشتركة مع الكلاب من الحيوانات والتي تتجسد في الإيمان بخصال الوفاء والإخلاص، نشعر بأننا فرطنا في الدفاع عن «إخواننا» من ذوات الأربع. ونشعر أنه قد تسبقنا المنظمات إياها إلى إدانة التعذيب الذي تتعرض له الكلاب..

لا يسعنا، والحالة هاته إلا أن نقول لراي البطل ولدونا الضحية.. ولكل من وقف إلى جانبهم.. «كلوبنا معكم»!!