الأحد 16 مارس 2025
سياسة

المغاربة يقرأون "اللطيف" ضد بنكيران مخرب مملكة محمد السادس

المغاربة يقرأون "اللطيف" ضد بنكيران مخرب مملكة محمد السادس

يوجد المغاربة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في أشد الأوضاع سوءا وقسوة، ويمكن أن نختار لهذه الأوضاع عنوانين بليغين: الخذلان وانسداد الأفق.

للعنوان الأولى معنى سياسي ـ ديني واضح، فالحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية، إثر الاستحقاق الانتخاباتي التشريعي  لسنة 2011، كان قد احتل صدارة النتائج اعتمادا على خطاب تحتل فيه المرجعية الإسلامية المكان الأساسي. وليس سرا أن أغلبية الكتلة الناخبة التي شاركت في الاقتراع (نسبة المشاركة لم تتعد 34 في المائة بالمغرب)، لاعتبارات ذاتية وموضوعية، قد وضعت رمز المصباح في الصناديق، أملا في تحقيق التغيير، خاصة أن "البراغماتية" المركزية لحزب العدالة والتنمية كانت قد اعتمدت في حملاتها الانتخابية، على كلام الله ورسوله، وعلى ادعاء "طهرانية" الأطر التي لم يسبق لها أن تورطت في إدارة الشأن التنفيذي من قبل. وهذا ما جعل المغاربة يعتبرون أن حاملي المصباح هو "الصالحون" الذين "إذا وعدوا وفوا". ولذلك انتظروا مرور مائة يوم لتظهر بعض تباشير التغيير الموعود، وهو ما لم يظهر منه أي بصيص نور. واليوم تمر أكثر من 2000 يوم دون أن يتحقق شيء سوى النكبات والنكسات والإخفاقات والفضائح. ولذلك لن تكون الخذلان سوى الكلمة الأكثر تعبيرا عن الصدمة وخيبة الأمل وفقدان الثقة.

وإلا فلماذا خالف "البيجيديون" وعودهم الانتخابية وبرامجهم الحكومية من قبيل فتح ملفات الفساد، وإيقاف نزيف الريع وتحقيق التنمية المنشودة والرفع من الناتج الداخلي الخام وإحداث فرص الشغل؟

لماذا تتحايل الحكومة على مواطنيها في حل مشاكلها بتبني تدابير من قبيل تجميد صندوق المقاصة، ومن التهجم الفظيع على جيوب المواطنين وعلى طاقتهم الشرائية، ومن قبيل تأجيل الوعود الكبرى الحاملة لمضامين الرخاء الاقتصادي وتمتيع المغاربة بحقوقهم الطبيعية في الشغل والتطبيب والتعبير...؟

ويتخذ هذا التحايل كل الصيغ الانتهازية المتاحة. فعوض التجاوب مع مطالب رجال التعليم مثلا، تقدم الحكومة على ضرب الحق الدستوري في الإضراب، وعوض الرفع من الأجور تنادي بتحرير السوق بشكل متوحش، وترفع نسبة الضرائب على التقاعد، وعوض تعبئة الشعب المغربي حول مشاريع تنموية كبرى صارت تتولى مهمة إنتاج "السيتكومات" الحكومية الهزلية لإلهاء الشعب على النحو الذي وضحناه في العدد الماضي، وعوض أن تكون للحكومة، بمختلف مكوناتها، جرأة مواجهة الأوضاع بقرارات حازمة وجريئة قد يكون من بينها الاستقالة إذا ما صح أن تحارب فعلا من طرف من تدعي أنهم دهاقنة الدولة العميقة، والأشباح والعفاريت. عوض ذلك تتمسك بالكراسي ومستتبعاتها من امتيارات،  وليشرب المغاربة البحار.

أما العنوان الثاني للأوضاع الحالية المزرية فهو انسداد الآفاق. ذلك أن  الحكومة بدل أن تستقيل فعليا إذا كانت لها بالفعل دواعي موضوعية، قررت أن تستقيل من شؤون الوطن والمواطنين، وهو الأمر الذي نتجت عنه كل مشاعر الإحباط لدى القطاعات الواسعة من المواطنين الذين صار المستقبل أمامهم أسود، بعد أن تأكدت أن الذين يحكمون شؤونهم التنفيذية هم "جماعة من الكذابين" الذين خافوا ما وعدوا الله والمواطنين به، ولا يزالون متمادين في غيهم، بلا رأفة ولا رحمة بالمغاربة العزل إلا من الحلم بوطن ناهض.

أمام الخذلان وانسداد الآفاق قد يراود المغاربة الأسئلة الحارقة التي لا بد منها: والآن ما العمل؟

هل ينقلبون على المسطرة الديمقراطية، ويخرجون إلى الشارع، وهم يعرفون أن هذا الاختيار محفوف بكل المخاطر على الوطن والمواطنين لأنه سلوك قد يكون أرعن بالنظر إلى أن أطروحة الانقلاب لا تتماشى مع آليات البناء الديمقراطي التي اختارها المغاربة منذ تبني المسلسل الديمقراطي في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وكذلك بالنظر إلى المآل الذي انتهت إليه بعض أغلب التجارب المريرة التي نتجت عن رياح ما يسمى "الربيع الأصولي"؟

هل يحزم المغاربة حقائبهم، ويقررون القيام بعملية "حريك" جماعي، وهم يعرفون أن هذا الاختيار لا اسم له سوى الجبن. ثم إن من غير المعقول أن يهاجروا أوطانهم ليتركوها للمجهول؟

إن الاختيارات مثل الآفاق منسدة. وقد تضاعفت الآثار الشرسة لهذا الانسداد بعد أن تعرض المغرب لسلسلة متواصلة من الفضائح الناتجة عن شطط الإنسان مثل مثل شوهة "الكراطة" و"الشكلاط" و"بيت النعاس" وقصة الحب داخل دهاليز الحكومة. وقد انضاف إلى ذلك آثار الغضب الناتجة عن اندلاع سلسلة من الحوادث المرعبة، بدءا من كارثة طانطان التي ذهب ضحيتها 33 رياضيا أغلبهم من الأطفال، وانتهاء بفضيحة تسريب امتحان الباكلوريا، مرورا بغرق أطفال بنسليمان ضمن كارثة شاطئ مصب وادي الشراط، وإنتاج أول فيلم بورنوغرافي، وتدنيس عاهرات "فيمن" لمسجد حسان، وتكالب منظمات حقوقية دولية ضد المغرب لدواعي سياسية أكثر منها حقوقية، وإهانات تتعرض لها البلاد على يد مسؤولين أوربيين دون أن تتحرك الحكومة لرد الصاع صاعين. هذا دون الحديث عن التسريحات الجماعية من المعامل وانهيار القدرة الشرائية لأوسع فئة من الشعب.

أمام كل ذلك يعيش المغاربة اليوم عزلة غير مسبوقة، فهم غرقى، والحكومة والنخب الهشة تكتفي بالتفرج، ولذلك لا نفاجأ غدا حين نجدهم قد يلجؤون إلى اختيار سلمي، ويقررون قراءة اللطيف ليحتموا به من النكبات التي حلت بهم منذ أن ابتلوا بحكومة بنكيران، إحياء للتقليد التاريخي الذي تبناه المغاربة على امتداد تاريخهم العريق لدرء الضرر، وللتضرع إلى الله لإيقاف مسلسل العبث والنفاق والخذلان.

ربما سيكون هذا هو الاختيار الملائم لمغاربة اليوم بعد أن سلبتهم حكومتهم كل إمكانيات الأمل. فاللهم يا لطيف، الطف بنا في ما يفعله بنا بنكيران و"رباعتو". إنك مستجيب الدعاء.

(تفاصيل أخرى عن هذا الموضوع تقرأونها في غلاف العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"، تجدونه في كل الأكشاك)

cov-618