الأربعاء 27 نوفمبر 2024
فن وثقافة

الفنان كيمو : الفن الراقي يموت في عصرنا إذا لم يجد الاهتمام اللازم

الفنان كيمو : الفن الراقي يموت في عصرنا إذا لم يجد الاهتمام اللازم

هو من عائلة فنية كبيرة وعريقة، خاله هو المبدع عبد الوهاب أكومي صاحب التوزيع الموسيقي للنشيد الوطني للمملكة المغربية، والملقب بعبد الوهاب المغربي، أخوه هو العندليب المغربي عبدو الشريف. الفنان كيمو واسمه الكامل كريم التازي، نهل كيمو من ينابيع التراث الفني الموسيقى المغربي الأصيل، كما أبدع منذ صغره في محاكاة الأغاني الغربية بستايل متميز، من الروك إلى البوب وصولا إلى لاكونتري La musique country .. موهبة كيمو الفنية تمنحه جواز سفر فني بوجدان المتلقي المتذوق للفن الموسيقي بين عدة ألوان موسيقية محلية وغربية، يشتغل على مزج اللون "الكناوي" مع أساليب موسيقية عالمية. سافر كيمو في ريعان الشباب لدولة أوكرانيا، يقول أنه يجتهد فنيا لتسجيل اسمه بقوة ضمن لائحة الفنانين المغاربة الشباب الذين اختاروا إحياء التراث المغربي ودمج إيقاعاته مع ألوان موسيقية غربية، بعيدا عن السطحية وأغاني الكوكوت مينوت، يعد كيمو الجمهور المغربي بأعمال موسيقية ستعطي نفسا جديدا للتراث المغربي الموسيقي، رفقة عمالقة الأغنية المغربية الأصيلة، يؤكد أنه من غير المعقول أن يغرد المغاربة فنيا بعيدا عن الاستئناس بأعمال رواد ظاهرة المجموعات الغنائية الشعبية (ناس الغيوان وجيل جيلالة)، ورواد الطرب المغربي الأصيل أمثال خال أبيه عبد الوهاب أكومي . إلتقته "أنفاس بريس" وكان معه هذا الحوار.

كيف يقدم "كيمو" نفسه لقراء موقع أنفاس بريس؟

كيمو فنان مغربي، معتز بمغربيتي، بدأت حياتي على مستويين : المستوى الأول مرتبط بالدراسة والتجارة، والمستوى الثاني مرتبط بالبحث في المجال الفني الموسيقي، فقد نشأت داخل عائلة فنية، نهلتُ عشق الفن من والدي الذي كان فنانا مبدعا رغم أن وظيفته كرجل أمن أبعدته عن الساحة الفنية بحكم طبيعة هذه الوظيفة، وخال والدي هو عبد الوهاب أكومي موزع موسيقى النشيد الوطني لبلدنا الحبيب. كان خالي مُبدعا في مجال الأغنية المغربية وترك إرثا فنيا كبيرا وجب العناية به، حيث كان يلقب بعبد الوهاب المغرب كناية على الموسيقار مـحمد عبد الوهاب المصري، وأخي هو الفنان المبدع "شريف عبدو" العندليب المغربي، وشرف كبير لي أن أنتمي لهذه العائلة الفنية، التي أفتخر بها افتخارا يزيد من تعلقي بالوطن، من خلال الاهتمام بموروثه الحضاري الفني.

أين وجدت هويتك الموسيقية كشاب مغربي ترَبَّت أذنه على سماع الأغاني الغربية بالموازاة مع الطرب والغناء المغربي الأصيل والطرب الشرقي؟

أبي كان يقلد بشكل متميز فريد الأطرش، وخاله كان مبدعا في مجال الأغنية، وبطبيعة الخال - يضحك - أقصد بطبيعة الحال، عندما تنشأ داخل هذه الأسرة الفنية، لابد أن تتشبع بالأصل (إذا كانت لديك الموهبة الربانية) ولا يمكن أن يجدبك الفن المبتذل والرخيص، لأن الإنسان ابن بيئته كما هو معروف، كما أن ستايل الغناء الغربي جذبني بقوة مثل ستايل بوب دايلن. الذي أعيد أغنية من أغانيه في البومي الجديد كما هو مبين في ألبومي الحالي "مالهم ومالي".

بحكم أنك كنت مقيما بأوكرانيا. أين كانت بدايتك الفنية الحقيقية داخل أم خارج المغرب؟

في الحقيقة بدايتي الاحترافية في مجال الغناء والموسيقى ابتدأت بالخارج، سافرت للديار الأوكرانية لممارسة التجارة، توقفت شركتي، ولم تتوقف مسيرتي الفنية، إذ بالموازاة مع إدارة الشركة كنت أمارس الفن الموسيقي هناك، كنت ولا أزال مولعا بالفن الغربي عن طريق العزف على القيثارة والبيان والغناء. في أوكرانيا يولي الجميع من مواطنين ومسؤولين اهتماما كبيرا بالموسيقى، وهو ما شجعني على الاستمرار في المجال الموسيقي.

ماذا قدمت في أوكرانيا من أعمال فنية؟

البداية كانت مرتبطة بمشاركته في مسابقة خاصة بالكارووكي، ومن الطرائف أني لم أكن أعلم أنها مسابقة إذ شاركت فيها بشكل عفوي بدعوة من بعض الأصدقاء المغاربة المقيمين بأوكرانيا، كانت المسابقة قد تم تنظيمها في مقهى راق سنة 2012، وكانت فقرات الحفل منقولة في الإذاعة ووردت أخبار عنها بوسائل الإعلام الأوكرانية. غنيت بالفرنسية في هذه المسابقة وحصلت على الرتبة السابعة بين 40 مشاركا من دول مختلفة وألوان موسيقية متنوعة. قدم البعض من المتنافسين أغاني أوكرانية وروسية وإنجليزية وكانت هذه المسابقة محكا حقيقيا لي وتجربة جعلتني أقرر احتراف الغناء. في سنة 2013 عُدتُ للمغرب، وقررت أن أسس فرقة موسيقية، وأصدر أغاني مغربية كنت قد كتبتها ولحنتها خلال 10 سنوات مضت، كان أخي "عبدو الشريف" يسمعني وأنا أؤدي هذه الأغاني ويبدي إعجابه بها، كما كان يدعوني ويحفزني لإخراجها للوجود. فكنت انتظر الفرصة السانحة لذلك.

بما أنك أوقفت نشاطك التجاري، لتقتصر على احتراف فن الغناء هل هذا الأمر نابع من قناعتك بأن الغناء يوفر مدخولا أكثر من التجارة؟

كان الهاجس في البداية بالنسبة لي بعيد عن الربح المادي، كنت كمن يرسم لوحة تشكيلية لغاية إهداءها لشخص عزيز مثل أخي، وكنت أموِّلُ أعمالي من مالي الخاص. ولحد الآن لازلت أتكفل بمصاريف إنتاج أعمالي الفنية لتقديمها للجمهور المغربي والعالمي. لا تشغلني الشهرة والمال بقدر مايشغلني تقديم اغاني متميزة بطريقة مختلفة تمزج بين الأصالة والمعاصرة. كما لا يمكن لي أن أستمر في المجال دون الحصول على مداخيل من أعمالي الفنية التي أنتجها بشكل ذاتي. حاليا أركز عملي في الإبداع وأتواصل باستشارة مع أخي وبعض الأصدقاء في المجال الفني، مع العديد من الجهات والمهرجانات والقنوات والإذاعات الداعمة للفن لتحقيق الهدف الأساسي بالنسبة لي وهو إحياء التراث المغربي بنفس جديد، بعيدا بعيدا عن السطحية وأغاني الكوكوت مينوت وأتمنى أن أتوفق في ذلك والحكم للجمهور، وبطبيعة الحال لكل جهد فني معنوي جزاء مادي مُستحق. فالفن الراقي يموت في عصرنا إذا لم يجد الاهتمام اللازم.

أنت الآن بصدد الإعداد لـ "بروباكاندا" ألبومك الجديد "مالهم ومالي"،أين وصلت الدعاية للألبوم بحكم أنها مُحرِّك الإنتاج الفني؟

أصدرت الألبوم، وأنا أبدل مجهودا كبيرا للدعاية له، وأشير أنه ليس لدي موزع خاص، فأنا أعتمد على نفسي وتمويلي الخاص، وآخر عمل لي هو فيديو كليب (مشات وجات) وهي أغنية لحنتها وتكلفت بالتوزيع الموسيقي لها، وهي من كلمات "حمادة الراجي" مقيم بفرنسا، وإخراج الفيديو كليب هو للصديق المخرج "حمي"، تعاونت معه وأنجزنا السيناريو. صورنا الفيديو كليب بمدينة الرباط، و شارك معي في هذا العمل التوأم المغربي، الذي سجل حضوره بقوة في المسابقة التلفزيونية المشهورة "Arabs Got Talent" إذ بلغا نصف النهاية في هذه المسابقة العربية. وأحييهما من هذا المنبر لتشبتهم باللهجة المغربية. وسيعرض هذا الكليب بالقنوات المغربية التلفزيونية. والألبوم سوف يتم تقديم أغانيه عبر الإنترنت وفي الإذاعات المغربية وفي بعض المحافل والمهرجانات الفنية.

ماهو موضوع كليب "مشات وجات" وماهي قيمته المضافة على مستوى الإبداع السمعي البصري؟

الجديد بالنسبة لي هو الشكل الموسيقي، في هذا الفيديو الكليب، فيمكن أن يكون الأداء فيها يعتمد على اللون الغنائي العالمي "لا كونتري La country" وتأسس من خلاله كما أقول "لا كونتري المغربي"، وفي نفس الوقت بحلة « électroacoustique » كما غنيتها، والأغنية مزيج متنوع، فالإيقاع هو الذي يجمع موسيقى العالم. وعلى مستوى الكلمات ما جدبني هو الموضوع فالأغنية تسلط الضوء فنيا على لحظة وداع رجل لزوجته للذهاب للعمل مثلا، وترتكز الأغنية على التغني بما يحدث داخل وجدان الزوجين خلال هذا الوداع، الذي يليه انتظار اللقاء مرة أخرى. فهي توضح من وجهة نظر الكاتب ما يقع بين الزوجين وما يروج في وجدانهما خلال ثلاث أو أربع دقائق قبل الوداع. فالأغنية لها بعد نفسي واجتماعي، وأنا أعتمد على هذا التوجه في الأغاني التي أقدمها.

ماهي وجهة نظرك بالنسبة للأغاني الشبابية التي حققت مؤخرا انتشارا كبيرا على مستوى الإنترنت؟

كل اجتهاد فني يجب أن نصفق عليه، لكن من الأحسن أن نتشبث بدارجتنا وأن لا نحاول تقريبها من الشرقي والخليجي، يمكن أن لا يفهم دارجتنا المتلقي العربي، لكن مع المدة سوف يفهمها. لماذا ابتعد الناس عن الملحون ؟ جوابي هو أنهم أصبحوا لا يفهمون كلمات الملحون، لأنه تعرض للتهميش رغم أنه فن أصيل وراقي، وحتى وسائل الإعلام لم تقرب كلمات الملحون والأندلسي من الشباب. للأسف أذن المتلقي الشاب غير متعودة عليه، وحتى الفنانين فرطوا في الملحون، لذلك يجب عليهم أن يعيدوا إحياء الملحون. على الأقل يجب أن ينهلوا من الملحون أو يغنوا جملا من الملحون للتعريف به للشباب.

هل أنت منخرط في هذا الطرح، الداعي لإحياء الملحون من خلال أغانيك؟

فعلا أنا منخرط في هذا الأمر، وبدأت بإعداد أغاني تعيد إحياء الملحون، وقد سبق لي أن جالست بعض الرواد الذين نهلوا من الملحون، وهم مبدعين كبار يُقام لهم ويُقعد، فقد تركوا لنا موروثا جميلا، أطال الله في عمرهم، مثل المُبدعَين مـحمد الدرهم وعمر السيد.. لقد جالستهم واكتشفت أني بعيد عن توجههم لأني لا أبحث في أغانيهم، فاخترت أن أعيد سماع وتحليل كلمات أغانيهم لكي أشتغل على لون موسيقي يوفق بينها وبين أعمالي الفنية.