السبت 11 مايو 2024
سياسة

ما الفرق بين الهجوم على "شارلي إيبدو" بباريز وتعري عاهرات فرنسا في مسجد حسان بالرباط؟

ما الفرق بين الهجوم على "شارلي إيبدو" بباريز وتعري عاهرات فرنسا في مسجد حسان بالرباط؟

قبل أشهر فقط، وتحديدا مطلع السنة الجارية، افتعلت معركة ضارية ضد الإسلام والمسلمين على خلفية الهجوم الذي تعرضت له صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية، واستمرت تداعياتها مادة دسمة لصحافة هذا البلد، بل و استغلال الحدث الإرهابي كمدخل للنيل من كل من يرطب لسانه بتسمية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى رأسهم الجالية المسلمة هناك. لا لشيء سوى لأنها ترفض بالمطلق الإساءة إليه أو إلى أحد رموزه.

اليوم، وضدا على كل مشاعر وقيم المغاربة المسلمين، يستيقظ الجميع على حادث إرهابي فظيع، ألا وهو خبر تعري عاهرتين من دولة الأنوار بالقرب من أقدس مكان في الأرض. إنه المسجد، بما يحمله من هيبة وعظمة روحية. والأنكى أن خلفية تلك المجرمتين الواقفة وراء فعلتهما النكراء بباحة مسجد حسان بالرباط، كما قالتا، هو الدفاع عن حقوق الإنسان، وخاصة المثليين مثلهما. فأية حقوق هاته التي تسمح بانتهاك حرمة دين وحرمة أمة بأكملها وتلقي بها في الركن القذر من ضمائر المدعين؟ وأية حقوق تدعو إلى وضع عزة وكرامة شعب مسلم على حافة عبث العابثين؟. وهم الذين كانوا بالأمس مخدرين بحماية ما يزعمونه حقا من حقوقهم، واليوم يتبرؤون باستخفاف من كل ما يحفظ حق غيرهم ولو على أرض بلده. إنها السفالة بكل معانيها التي يعرفها هؤلاء الفرنسيين وتلك التي يجهلونها إلى يوم الدين.

معلوم أن فرنسا تفصل الدين عن الدولة بمقتضى قانون صدر سنة 1905، كنتيجة صراع آلت نهايته لصالح العلمانيين على رجال الكنيسة. فكل هذا يدركه المغاربة، لكن ما لم يستطيعوا تجرعه هو أن تنسلخ مستعمرتهم لسنين، وفي أضيق ما يعد به الزمن، عما تبوق به ليل نهار كمعقل احترام الخصوصيات والقوانين والنظم، وتضرب عرض الحائط كل الحرمات المكفولة بكافة القوانين السماوية والوضعية.

ومن مكر التاريخ، ألم يكن في استطاعة هاتين السافلين ومن يحركهما، أن يعودوا قليلا إلى الوراء ليستحضروا يوم قدم وفد من البلاشفة الحمر يمثل الاتحاد السوفياتي الناشئ في عشرينيات القرن الماضي إلى فرنسا، ومنع من دخول قاعة اجتماع دولي بباريس بسبب الزي غير الرسمي الذي جاؤوا به. فأبرقوا إلى "لينين" بالخبر، ليطلب منهم الامتثال ولبس طاقم بكامله مع ربطة عنق، ولو أدى الأمر إلى لبس"سموكينغ" وربطة فراشة. فمجرد هذه الواقعة تكفي ليستوعب الفرنسيون الدرس، ويفكروا ألف مرة قبل وضع كل الاعتبارات الأخلاقية والدينية جانبا للتستر وراء زيف قضايا ظهرت ببذور فشلها في دولة لها معتقد ووطن وشعب وملك منذ الأزل وستظل على هذا الحال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وبما أن أبناء هذا البلد لا يترددون لحظة في تشبيه أنفسهم بالماء "إن احتُرموا كانوا صفاءا، وإن أهينوا صاروا لهيبا"، فإن الرأي العام وأمام ابتلاع مسؤولي فرنسا لألسنتهم، وعدم تكليف أنفسهم مجرد إصدار بيان استنكاري لانتهاك حرمة مسجد حسان أو تقديم اعتذار ولو أنه لا يكفي لرد الاعتبار. وأمام الغموض الذي مازال يلف مشروع القانون الجنائي الجديد ليجد حلا عادلا. مقابل كل هذا، يرتفع الصوت من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب بكلمة موحدة "طلقونا عليهم"، عملا بقياس "السن بالسن". وليس هذا، بطبيعة الحال، من باب إثارة القلاقل، وإنما رد فعل متواضع لمن أحس غبنا وإهانة لا يمكن أن يخفف من غصتهما سوى العمل بالمثل، على أساس أن بعض "متنوري آخر زمن" لا يُصلحهم سوى التصرف من جنس عملهم.

ولعل مما يزيد الموضوع حنقا، هو أنه حدث ونحن على أبواب شهر رمضان. هذا الموعد الذي يفوح عطره بنفحات الإجلال، أبت امرأتان من أحقر من نساء العالم إلا أن تدنسانه برائحة صدورهن النتنة، وقبلات تستمئز منها الأنفس الطبيعية. أما إن كانتا تودان الكشف عن كبتهما المرضي بتعرية أثدائهن قبالة فحولة الرجال المغاربة، فإن الجميع يعلم بأن للقردة أيضا أثداء، مع كل الاحترام والتقدير للشامبنزي وعشيرته على هذا التشبيه، في إشارة إلى أن لا أحد من هؤلاء الذكور سيسمح بركوب مغامرة تلويث عضوه في أخبث مسلك لأخبث فاجرات، وما قول "طلقونا عليهم" إلا لمسح أنوفهما بالأرض ثم بعد ذلك الاحتكام إلى مبدأ "العفو عن المقدرة" لتشبع بهم الكلاب والحمير غريزتها إن تواضعت وقبلت الهدية. هذا، مع وجوب التذكير في الختم، بأن أن كل ذلك لم يبلغهما، وبقدر دناءته، حد إغضاب الأسوياء من مغاربة المغرب، وإنما فقط حرك فيهم أحاسيس الامتعاض، طالما أن رؤية الحشرات المتعفنة تثير القرف لا الغضب.