الخميس 19 سبتمبر 2024
مجتمع

هل سيفلح عزيمان في ترميم فظاعات اليسار والاسلاميين في قطاع التعليم؟

هل سيفلح عزيمان في ترميم فظاعات اليسار والاسلاميين في قطاع التعليم؟

15 سنة هو عمر الرؤية التي قدمها عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يوم أمس الأربعاء، أمام الملك محمد السادس، لإصلاح المدرسة المغربية. وتكفي مفردة "إصلاح" المتداولة للوقوف على أن هناك خلل أو بالأحرى اختلالات ما ترهق هذا القطاع، وتتجبر كحجرة عتراء في طريق مسيرته. مما يفرض التساؤل عما إذا كان المشكل وليد اليوم أم أنه "من الخيمة خرج مايل". الجواب بكل تأكيد، يقتضي العودة قليلا إلى الوراء، ليسلمنا التاريخ المسار الذي قطعه تعليم المغرب كأحد الركائز التي لا محيد عن تجويدها قبل المراهنة عن أي مجالات آخرى.

والحقيقة، أن السنة التي نعيشها كان من الضروري أن تكون ضمن سنوات الجني وقطف ثمار سنين خلت من الاستقلال، بالنظر إلى الشعارات التي ما فتئت ترفع من لدن الحكومات السابقة، وكلها وعود تثلج الصدر في ظاهرها، وتدفع إلى الإغراق في انتظار الأفضل. إنما، وبكل آسى، كانت كل تلك الآمال تلقى مصير الإحباط، لتخلص إلى أنه كان منية ذاك التمني، وما تلك الخطط و"الماكيطات" سوى بروتوكولات لانتزاع المزيد من صبر اليائسين، وتخدير موضعي سرعان ما تكشف نهاية صلاحية مفعوله عن استيقاظ آلم الواقع من جديد.

ودائما، بالاستناد إلى التاريخ الذي لا يخشى أحدا، يلاحظ بأنه ومنذ أن كلف الملك الراحل الحسن الثاني عبد الرحمن اليوسفي، الكاتب الأول آنذاك لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بتشكيل الحكومة السادسة والعشرين، والتي توافق الجميع على تسميتها بحكومة التناوب في الرابع من فبراير 1998، ثم بعد ذلك الحكومة السابعة والعشرين في ال26 من شتنبر 2000، تعاقب على حقيبة التعليم المغربي أسماء كثيرة ومتباينة الأفكار والتهيؤات، لكنها تشترك في توجهها اليساري، وأيضا في نأيها عن إيجاد الوصفة المناسبة لإشفاء هذا المجال من أمراضه. فكانت الحصيلة، وبدل إهداء الوطن أجيال في مستوى الطموحات، إنجاب خلف معطوب، وغير قادر على الوقوف بثبات ضد تحديات العالم. فلا إسماعيل العلوي ولا عبد الله ساعف ولا الحبيب المالكي، إلى جانب أحمد اخشيشن ولطيفة العابد، استطاعوا تحقيق حلم بسيط لشعب، همه أن يرى أبناءه في الصورة التي يرجوها، إن في "المسيد" أو "السكويلة" أو بعد ذلك ضمن مراحل التعليم الثانوي الإعدادي والأفق الجامعي. كما هو منشغل بالتخلص من عقدة الإحساس بالدونية والاحتقار، وهو يصدم في كل مرة بتقارير دولية تقبع به في الدرك الأسفل من أضعف البلدان تعليميا، ويتراجع عن دول غير مطمئنة لا سياسيا ولا أمنيا.

ولعل مما يزيد من غصة هذا الشعب، كونه كان بالأمس القريب على قدم المساواة، إن لم نقل يتقدم على بعض الدول الأسيوية بالخصوص، ليس لتطوره الملفت ولكن لتأخر تلك البلدان البين. ليجد نفسه بعد ذلك في ذيل ترتيبها، لا لشيء سوى لعثور تلك الدول على الشفرة التي فكت معضلة تخلفها، وهي تنكب بجدية على إيلاء عناية عاجلة ومدروسة لمنظومتها التعليمية. فكان منها ما كان، وبقي لدينا ما بقي. لهذا، كان حريا أن نكون في غنى الآن عن كل هذه القلالق، والمغرب يراوح مكانه في أكثر القطاعات حساسية، حتى أن البلد صار مصدر سخرية المتتبعين الدوليين، الذين ينعتونه بالدولة صاحبة الجيش العرمرم من المسؤولين بقطاع التعليم في الحكومة، لكن دون طائل. فالسبعة عشر سنة الماضية، كان من أضعف الإيمان أن تبصم على تكوين رجال ونساء أكثر قوة وكفاءة، لا أن تقدم أفرادا لا يزالون يعانون الأمية بمفهومها التقليدي. والأسبوع الماضي فقط، انتفض آباء وأولياء تلاميذ إحدى ضواحي مدينة مراكش، محتجين على عدم إتقان فذات كبدهم للقراءة والكتابة بالرغم من بلوغهم المستوى الخامس ابتدائي. إنها الكارثة بكل متجلياتها، والدليل القاطع على أن ما زرعه أولئك الذين كلفوا بالرفع من مستوى تعليم أبناء المغاربة في خمسة عشر سنة منذ 1998، يتم حصده الآن. وإلا لما كان الملك محمد السادس في حاجة إلى إثارة الملف وبقوة في خطاب 20 غشت قبل سنتين واصفا الحقل بالتخلف والنكوص، ولما كان أيضا عمر عزيمان في حاجة إلى 15 سنة أخرى من الحرب ضد الارتجال، التسرع وألغام الترقيع لمجرد تقويم الاعوجاج، في انتظار عُشريات أخرى من أجل تحقيق الأمنية على النحو الأكمل. لمن أطال الله عمره.