السبت 21 سبتمبر 2024
سياسة

هل سيشكل "الإجهاض" مخاض ولادة طبيعية لمجال حقوق الإنسان في المغرب..؟

هل سيشكل "الإجهاض" مخاض ولادة طبيعية لمجال حقوق الإنسان في المغرب..؟

وإن كان الإجهاض ظاهرة قديمة بقدم البشرية، ومرت بأحكام ذات وجهات نظر مختلفة على مر السنين في المغرب بالخصوص، فإنها لم تعرف اهتماما كالذي سلط عليها في الفترة الأخيرة، إلى درجة تدخل فيها الملك محمد السادس على الخط، بعد أن بدا احتدام قوي بين مؤيدي التقنين ومعارضيه، وكاد الأمر أن يخرج عن السيطرة. لهذا، كما سبقت الإشارة، سارع أمير المؤمنين إلى محاولة إعادة الأمور إلى نصابها بتكليف كل من وزير العدل مصطفى الرميد، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، فضلا عن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، من أجل إجراء استشارات موسعة تكفل بلورة صيغة نهائية يمكن تضمينها في مشروع القانون الجنائي. ولعل استقبال الملك للمسؤولين الثلاثة قبل يومين وتقديمهم له نتائج تلك الاستشارات، لتأكيد إضافي على السرعة التي يريد الملك أن ينهي بها هذا الجدل بشكل توافقي، يراعي جميع الخصوصيات، إن كانت دينية أو قانونية أو إنسانية. وفي هذا الإطار، كان اعتبار إشراك المجلس الوطني لحقوق الإنسان رسالة لأخذ هذه المؤسسة بعين الاعتبار من قبل السلطة الحكومية، لما لها، أي المؤسسة من قدرة تفاعلية على تغيير العقليات والعادات والأعراف، وربط تغيير الأحكام بتغيير الأحوال. والأكيد أنه وبحسب تلك الاستشارات، يتضح بأنها انتصرت للجانب الحقوقي الذي يرى، كما جاء على لسان محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في منع الإجهاض بصفة كلية مسا بحرية النساء، ووضعهن في وضع لا مساواة اجتماعية، مع العلم أنهن لا يلجأن إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبفعل التجريم الكامل يخضعن لوسائل تشكل خطرا حقيقيا على حياتهن. ومن المعلوم أن الخلاصات التي وضعت بين أيدي الملك يوم أول أمس الجمعة ، تستثني من العقاب الحالات التي تشمل مبررات قاهرة، كإمكانية تسبب الحمل في خطر على حياة الأم أو صحتها، والحمل الناتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم، فضلا حالات التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين.

وفي تعليقه على هذه النتائج، صرح حسن عبيدات، نائب رئيس جمعية حقوق الناس، بأنها جاءت متماشية مع الجانب الحقوقي الإنساني الذي يكفل للمرأة حقها في حفظ نفسها، مشيرا إلى أن المغرب سبق له وأن وقع معاهدات دولية في هذا الاتجاه، صادرة عن الأمم المتحدة. لذلك كان ملزما باحترامها على نحو دقيق. وأضاف عبيدات بأن مبادرة الملك منذ البدء بإشراك المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إعداد نتائج الاستشارات ينم بشكل واضح وبين الأهمية التي يحظى بها الشق الحقوقي في هذا الموضوع، وعدم إمكانية الفصل فيه دون اعتبار قيمة الإضافة الحقوقية عليه، خاصة وأن العالم صار منفتحا أكثر من ذي قبل، وكل عيونه متجهة نحو البلدان الملتزمة بالسير في مسار التوجه الديمقراطي المتقدم. وعليه، يختم عبيدات، يكون المغرب بقيادة الملك قد أعطى حجة أخرى على مدى احترامه لما يتعهد به دوليا دون تحفظ أو إخلال.