الجمعة 20 سبتمبر 2024
مجتمع

والد سائق شاحنة فاجعة طانطان: رجال الدرك أخبرونا أن شاحنة ابني لم تكن مُحملة بالبنزين

والد سائق شاحنة فاجعة طانطان: رجال الدرك أخبرونا أن شاحنة ابني لم تكن مُحملة بالبنزين

صباح يوم 13 أبريل 2015 في حي القدس بمقاطعة البرنوصي بالبيضاء، وبالضبط بمدخل (إقامة الفجر)، نـُصِبت خيمة عزاء الراحل "بدر مجد" سائق الشاحنة، التي وقعت بينها وبين حافلة الرياضيين الحادثة، التي تمَّ وصفها بفاجعة "طانطان"، والتي أودت بحياة السائق "بدر مجد 31 سنة" وقرابة 33 ضحية من بينهم أطفال صغار، كانوا على متن حافلة الرياضيين. يقف الأب "محـمد مجد" (متقاعد من الخطوط الملكية المغربية) مُتمالكا نفسه وعلامات الصبر والإيمان بقدر الله بادية على وجهه.. يقف مُنتظرا قدوم السيارة التي ستنقل جثمان ابنه الراحل نحو محل سكنه، لمباشرة مراسيم دفنه. كل الوافدين لتقديم العزاء والجيران يُجمعون على أن السائق الشاب الراحل "بدر مجد"، كان إنسانا خلوقا وسائقا مُحترفا. زميلان من زملاء الراحل في الشركة التي كان يشتغل بها، عند سماعهما قدوم جريدة "أنفاس بريس" للقاء بأب السائق الراحل "بدر مجد" يتدخلان مُستنكران ما وصفاه بالأخبار الزائفة -على حد تعبيرهما- التي تناولتها الكثير من المواقع الإلكترونية وبعض الجرائد الوطنية، والمُرتبطة بكون الشاحنة التي كان يسوقها الراحل "بدر مجد"، كانت مُحملة بحاوية بنزين أو غاز سبب حريقا خلال الحادثة. الزميلان المذكوران إضافة إلى أب الراحل "بدر مجد" ينفون أن الشاحنة كانت مُحملة بمواد قابلة للانفجار ويشرحان أنها كانت في طريق الرجوع فارغة بعد تفريغها لحمولة عبارة عن "أجهزة تنتج الكهرباء"، كما يوضحان أن "بدر مجد" كان قيد حياته سائقا خلوقا ومُحترفا.. "أنفاس بريس" التقت بأب سائق الشاحنة الراحل "بدر مجد" وأجرت معه هذا الحوار:

+ كل الجيران، وكل من حضر لتقديم العزاء ومواساتكم، يتحدثون عن حسن أخلاق المرحوم ابنك بدر. كيف نشأ وأين كان  يدرس وكيف التحق بمهنة سياقة الشاحنات؟

- الله يرحمو ويرضي عليه. كان مُجتهدا في دراسته. كان خلوقا. بعد الباكالوريا التحق بالتكوين المهني.. لم يتمم مشواره الدراسي بالتكوين المهني، بعدما حصل على رخصة السياقة الخاصة بالشاحنات، اختار أن يحترف مهنة سياقة الشاحنات، وقد سبق له أن اشتغل تقريبا في 5 أو 6 شركات، بعضها شركات خاصة بالنقل العالمي.. إذ كان يسافر للعديد من الدول الأوروبية كسائق شاحنة (فرنسا.. ألمانيا.. إسبانيا..). الإقامة التي نقطن فيها تضم تقريبا 140 من الشقق. لقد أمضينا في هذه الإقامة الآن أكثر من 20 عاما، علاقتنا بالناس طيبة، أبنائي يحترمون الجميع ويُمكنك أن تسأل كل السكان عن طبيعة أخلاق أبنائي وعن "بدر" رحمه الله.

+ ما هي تفاصيل آخر الاتصالات الهاتفية التي تمت بينك وبين ابنك المرحوم بدر؟

- آخر اتصال بيننا وبين المرحوم ابني، أخبرنا فيه أنه خرج من الحدود الموريطانية المغربية، في الصباح لم يعد هاتفه يُجيب، بعد أن ذهبت لصلاة الجمعة، وفي طريق الرجوع من المسجد عاودت الاتصال بهاتفه دون جدوى، والدته أيضا كانت تتصل به في الهاتف، وكانت جد قلقة ومتوترة، لم يتصل بنا أحد لإخبارنا بالحادثة رغم أنها وقعت في الصباح الباكر من يوم الجمعة، حتى صاحب الشركة التي يشتغل معها لم يتصل بنا هاتفيا لإخبارنا بالواقعة.

+ متى تلقيتم خبر وقوع الحادثة ومن أخبركم بها؟

- تقريبا من السابعة صباحا إلى غاية حلول موعد صلاة المغرب لم نكن على علم بالحادثة، ولم يخبرنا أحد بحدوثها، ووفاة ابني، إلى أن اتصل زميل له بالشركة بولدي الكبير "فؤاد"، وطلب اللقاء به وحيدا وبعيدا عن المنزل، عندها بدأت الشكوك والهواجس من وقوع مكروه لابننا تسيطر على بالنا أنا ووالدته، فهذه أول مرة يطلب زميل ابني المرحوم من ولدي فؤاد أن يخرج للقاء به. تساءلت حينها أنا وزوجتي بقلق كبير عن السبب الذي جعله لا يدخل للمنزل للحديث معنا كالعادة. بعد أن تسربت الشكوك إلي نفسي حاولت اللحاق بابني "فؤاد" لمعرفة ما يجري وما يحمله زميل المرحوم ابني بدر من أخبار.. اتصلت بابني "فؤاد" عبر الهاتف وأخبرني أنه رفقة "زميل بدر" في مدخل الإقامة التي نقطن بها، لحقت بهما، وعند وصولي واستفساري عما يحمله زميل ابني من خبر، خاطبني ابني فؤاد قائلا: "بدر أ الواليد راه الله يرحمو. راه مات"..  في تلك اللحظة تسمَّرت رجلاي وجلست في المكان الذي سمعت فيه الخبر، لحقت بي زوجتي وتأثرت كثيرا عند سماعها الخبر ولم تتمالك نفسها من البكاء.

+ بعد أن تلقيت خبر الحادثة ووفاة ابنك المرحوم بدر. ما هي الإجراءات التي قـُمت بها؟

- في الحقيقة لم أقو على النهوض من المكان الذي سمعت فيه الخبر، إلى أن حضر صاحب الشركة التي يشتغل بها المرحوم ابني، حضر ابن صاحب الشركة بسيارته وحملني رفقة أبيه وزوج ابنتي، وصلنا عبر السيارة لمحطة "ولاد زيان" وركبنا في حافلة "ساتيام" وتوجهنا نحو أكادير، حيث وجدنا سائقا ينتظرنا هناك، وحملنا في اتجاه المنطقة الذي وقعت فيها الحادثة، حيث باشرنا العديد من الإجراءات الخاصة بمثل هذه الحوادث.. عند وصولنا لـ "واد اشبيكة" قابلنا رجال الدرك الملكي الذين وقعت الحادثة في المنطقة التي يباشرون فيها مهامهم.. أخبرونا أن "المرحوم ابني بدر" مرَّ بالشاحنة التي كان يسوقها من إجراءات المراقبة التي كانوا مُكلفين بها، وأوضحوا لنا أنه قد تم تفتيش شاحنته وأنها لم تكن مُحمَّلة بالبنزين أو المازوط  أو أي شيء. كما أضافوا أنه بعد أن انطلقت الشاحنة بـ 3 إلى 4 كليومترات سمعوا ذوي الاصطدام.

+ وبخصوص ملابسات الحادثة وأسباب الحريق بماذا أخبركم رجال الدرك؟

- قالوا لنا أنهم عندما التحقوا بموقع الحادثة، عاينوا أن الحافلة التي اصطدمت بالشاحنة التي كان يسوقها ابني، انحرفت عن يمين اتجاهها. لقد اصطدمت الحافلة بخزان وقود الشاحنة ما تسبب في اندلاع الحريق واشتعال النار. كان ابني قد أخبرني أن صاحب الشركة أرسل له (مبلغ 8000 درهم) لكي يملأ خزَّان الشاحنة بالوقود، لذلك كانت بطن الشاحنة مُمتلئة بالوقود بشكل كبير، وهذا أمر معروف لدى المُحترفين والخبراء في مجال سياقة الشاحنات في العالم بأسره. "الرْموكْ" يحتوي على خزان مُضاعف وبطبيعة الحال يكون الوقود مُضاعفا، رجال الدرك أخبرونا أن شاحنة ابني لم تكن مُحملة بالبنزين، خلافا لما تداوله البعض حول كون الشاحنة كانت مُحملة بالبنزين أو ما يُشابهه.

+ عندما وصلتم لموقع الحادثة كيف وجدتم المكان؟

- كل من مرَّ من أمام موقع الحادثة يقف متأثرا ويشاهد مخلفات الحادثة. في موقع الحادثة شاهدنا وشاهد كل من حلَّ بالمكان، أن الشاحنة مرمية جنب الطريق والحافلة قد دخلت للحيز الخاص بالشاحنة في الطريق، كما يوجد على الطريق الذي وقعت فيه الحادثة آثار فرامل عجلات الشاحنة، وهو الأمر الذي يوضح أن الشاحنة كانت تحصر الفرامل بشكل متتابع لتجنب الاصطدام، لقد حكى بعض الناس أن الشاحنة كانت قد أصدرت صوت الفرملة والمنبه في آن واحد قبل وقوع الحادثة.

+ كيف تلقيتم عزاء الملك محـمد السادس؟

- عندما تلقينا خبر تعزية الملك لنا ومواساته لعائلتي، خفـَّفَ عنا عطفه الحزن الذي عشناه بسبب وفاة بدر، الله ينصر سيدنا. لقد استقبلنا المسؤولون بطريقة جيدة، وأخبرونا أنهم يطبقون تعليمات سيدنا، زوجتي أيضا أثرت في نفسيتها كثيرا التفاتة صاحب الجلالة الملك مـحمد السادس (الله يطول عمرو وينصرو).