الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

" الفراشة" ألغام اجتماعية مزروعة في الطريق العام .. وهذا سبب انتشارها

" الفراشة" ألغام اجتماعية   مزروعة في الطريق العام .. وهذا سبب انتشارها

في عام 2008، كان عدد الباعة المتجولين يقدر ب 238.000، وحاليا ارتفع عددهم بشكل ملفت، فالعديد من الشوارع بمختلف مدن المملكة تم احتلالها بالكامل مما شكل عائقا كبيرا أمام السير والجولان .

ولم تعد االظاهرة تقتصر على القرويين الباحثين عن لقمة عيش داخل المدن، بل أضحت أيضا مصدر القوت اليومي لشبان مغاربة من حاملي الشهادات، إذ تحقق هذه التجارة التي تصنف ضمن القطاع المهيكل عائدات مادية تصل الى 400 درهم في اليوم.

الباعة المتجولون موجودون في جميع الأحياء... إنهم يحتلون الأزقة، بل وحتى الأرصفة بحثا عن أمتار مربعة تخول لهم ممارسة تجارتهم غير  المنظمة. في السنوات الأخيرة، استطاعوا كسب تعاطفا فئات عريضة، وبلغت درحة التسامح أوجها بتواجدهم في أماكن ظلت تحظى بالقداسة والإحترام من قبيل المساجد وخصوصا يوم الجمعة، وأمام أبواب المتاجر، وفي الساحات العمومية..إنهم موجودون بشكل دائم على أملاك عامة تحت أعين غير مبالية من قبل أفراد المخازنية ورجال السلطات المحلية.

الباعة المتجولون أضحوا يحتلون معظم شوارع وأزقة المدن مما جعل البعض ينعتهم بالباعة القارين بدل مصطلح المتجولين. في الدار البيضاء استقروا في بعض المناطق رغم الإزعاج الذي يسببونه للسائقين وللساكنة المحلية.  فمثلا شارع أفغانستان بالحي الحسني يتحول كل يوم ابتداءا من الساعة الثالثة بعد الزوال الى سوق مترامي الأطراف. المئات من الباعة المتجولين يقفون تحت أشعة الشمس الحارقة ويعرضون منتجات متعددة : أواني، ملابس، قبعات شمسية، جوارب، مجوهرات، مواد التجميل، حقائب، أحذية، منتجات غذائية..يختلطون بباعة الفواكه، عصير البرتقال و" البابوش"..واذا كتب عليك أن تلج هذا المكان فما عليك أن تكون مراوغا ماهرا لتخطي ركام البضائع والسلع المعروضة وإيجاد ممر، والنتيجة هو تحول الطرقات الخاصة بمستعملي المراكب الى ممرات للراجلين.

البطالة ليست هي السبب الوحيد لتضاعف " الفراشة "، بل "هناك أيضا الأرباح التي تحققها هذه المشاريع الصغرى بالشارع، يوضح محمد لاودي صاحب تحقيق أنجز في الموضوع بالدار البيضاء. " بائع صغير للفواكه والخضر أو الملابس، قد يحقق ربحا مضاعفا إلى مرتين أو ثلاث مقارنة مع عامل يحصل الحدى الأدنى للأجر في قطاع مهيكل مثل قطاع النسيج، مع استحضار أن جزء هام من المقاولات لايحترمون الحد الأدنى للأجر، الأمر الذي يجعل العمل في القطاع الخاص أدنى قيمة مقارنة مع الأنشطة الصغرى للباعة بالشارع.

و النتيجة  بحسب محدثنا، أن المغرب يعيش نوعا من " السيبة الحضرية " وهذا ما يشكل فرصة ذهبية للباعة المتجولين لتحدي كل أشكال السلطة. لا أحد بإمكانه تذكيرهم أحكام القانون المتعلقة بإحتلال الملك العمومي.

تفشي ظاهرة الباعة المتجولين يعود أيضا لأسباب ثقافية : المغاربة بجميع فئاتهم يبحثون عن القرب والسهولة. " فليس من النادر معاينة سيارات تتوقف في منتصف الشارع من أجل اقتناء منتجات قابلة للتلف من الباعة المتجولين من قبيل الأسماك.

وتبقى من جملة آثار ظاهرة الباعة المتجولين، هو تحولها الى ملاذ آمن للحركات الأصولية ( نموذج حي بني مكادة بطنجة ) وهو ما يفرض إيجاد هذه المشكلة التي ظلت مؤجلة، فمزيد من الإنتظار يعني تفاقم المشكلة.

عن  LA VIE   ECO

 - بتصرف