منذ زمن اكتشاف الفوسفاط كان أول قطار بخاري انطلق من اليوسفية سنة 1939 بمحطة قطار الجبورات سابقا، ليليه بعد ذلك تجديد فيالق عربات قطارات نقل الفوسفاط والمسافرين من أسفي صوب بن كرير مرورا باليوسفية أو عكس ذلك وهو ما يعني أن زمن استثمار المكتب الوطني للسكك الحديدية محليا وجد مع نقل مادة الفوسفاط، غير أن السؤال الذي يؤرق الرأي العام المحلي والإقليمي يتعلق بحجم الاستثمارات الاجتماعية والاقتصادية التي خلقها ذات المكتب بالموازاة مع ما يجني من أرباح تقدر بأرقام خيالية، وفق الخدمات التي يقدمها للمجمع الشريف للفوسفاط في إطار العقد المبرم بينهما (اتفاقية 1992 ) والمتعلقة بنقل الفوسفاط ؟
فجولة داخل الأراضي التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية باليوسفية (عشرات الهكتارات) تجعلك تتساءل عن الغرض من تسييجها بسور حجري إسمنتي يفصل أحياء (السمارة والسلام والتقدم والأمل) عن المدينة التي قسمتها خطوط السكك الحديدية إلى قسمين، وحولت ذات الوعاء العقاري إلى مطرح للنفايات ومنتجع للصوصية والتسكع، رغم أن ساكنة تلك الأحياء تفضل المرور من داخل تلك الأراضي للوصول إلى قضاء مآربها ( تعليم / خدمات / تبضع / تسوق ...).
الغريب في الأمر أن مشروعا اجتماعيا اقتصاديا قدم للملك خلال زيارته للمدينة سنة 2008، يرتبط بإحداث تجزئة سكنية (تجزئة الوئام) بجميع المواصفات الهندسية والمعمارية، لكن الأخطر من هذا وذاك أن مؤسسة العمران توصلت إلى أن وضعية تلك الأراضي غير سليمة ولا يملك المكتب الوطني أوراق الملكية الخاصة بالعقار المذكور، مما خلق ارتباكا واضحا في تنفيذ المشروع حسب مصادر جماعية من اليوسفية إلى حدود اليوم
ومع استمرار القتل وحوادث القطارات فمصادر أنفاس بريس استغربت كيف أن ادارة لخليع لم تفعل مشروع الممرات الفوقية والتي كانت مبرمجة في إطار اتفاقية كذلك قدمت خلال الزيارة الملكية بشراكة مع المجلس الحضري وتهم فك العزلة عن أحياء المقاطعة الحضرية الثانية وتجنب حوادث القطار التي تزهق عشرات الأرواح سنويا .
من جهة أخرى وقفت أنفاس بريس عن استهتار المكتب الوطني للسكك الحديدية في تعامله مع زبناء "قطارات المسافرين" التي لا يمكن تصنيفها إلا في خانة براريك قصديرية متهالكة تجمع كل أشكال التعفن والحشرات، دون الحديث عن غبار الفوسفاط المنتشر بكل العربات التي يحشر بداخلها مئات المواطنين والمواطنات من أسفي صوب بن كرير مرورا باليوسفية، دون الحديث عن تأخرالرحلات .
وفي سياق الحديث عن الاستثمار باليوسفية من طرف إدارة السكك الحديدية فشهادات من داخل علبة القطاع تؤكد على " الحرمان من مرافق اجتماعية تابعة لذات القطاع كان من المفروض أن يحدثها المكتب الوطني للسكك الحديدية كخدمات اجتماعية إسوة بقطاعات أخرى كالمجمع الشريف للفوسفاط الذي يتوفر على 35 شعبة رياضية ضمن نادي أولمبيك اليوسفية ومركبات سوسيو ثقافية ومكتبات، وقاعات رياضية ومسابح وفضاءات خضراء يستفيد منها العمال والأطر وأبناء المتقاعدين.".
وخلاصة الأمر أن المكتب الوطني للسكك الحديدية خارج زمن التنمية المستدامة ولا يقدم أية خدمة لساكنة اليوسفية رغم ما يجنيه من أرباح وأرقام خيالية مرتبطة بأرض الكنتور ورحمها النفيس.
"أنفاس بريس" تمكنت من الحصول على أرقام المعاملات التي تسجلها مؤسسة الخليع من خلال استعمال قطارات مخصصة لنقل مادة الفوسفاط يوميا من مدينة بن كرير صوب اليوسفية وأسفي ومن اليوسفية صوب أسفي كذلك، نبسطها للرأي العام كما توصل بها الموقع من مصادره الخاصة.
أكدت مصادر جد مطلعة أن كل شحنة تضم 60 حاوية لنقل الفوسفاط بمعدل 3744 طن من مادة الفوسفاط توجه مرتين في اليوم من بن كرير صوب اليوسفية، ولمعرفة سعر هذه المعاملة التجارية تطبق المعادلة التالية (0,34 درهم × 60 كلم × ( 120 حاوية/ 7488 طن) = 152.755,20 درهم ). ومن بن كرير صوب أسفي (ثلاثة شحنات) وفق نفس العملية/ المعادلة نحصل على مبلغ 607.201,92 درهم. ومن اليوسفية صوب أسفي (أربع شحنات) وحسب نفس العملية كذلك نحصل على مبلغ 422.622,72 درهم.
وبهذا يكون مدخول المكتب الوطني للسكك الحديدية من خلال الخط السككي الرابط بين أسفي اليوسفية بن كرير يوميا ما يعادل 1182.579,84 درهم.
فما هي إذن حصة مدينة اليوسفية من هذه المداخيل المهولة ؟؟