يصدق على منطقة سيدي عثمان –مولاي رشيد، عبارة "أرض بدون سيد"، حجتنا في ذلك الكثير من الظواهر السلبية التي تتخبط فيها المنطقة ويكتوي بنارها الألاف من البيضاويين. فالمنطقة اليوم تعد مشتلا لتفريخ جميع الآفات المجتمعية من دعارة ومخدرات، ومقاهي الشيشة، وانتشار الكرابة، والتشرميل بمختلف أشكاله، كما أنها تفتقد للكثير من شروط العيش الكريم.
هذه الحقائق أكدها كمال بختي، مقاول وفاعل جمعوي بالمنطقة، إذ قال في تصريح لـ "أنفاس بريس"، أنه من العار أن تتحول مولاي رشيد إلى مشتل الإجرام والعنف والعصابات المنظمة، "فبالرغم من أن المغرب تصالح مع ذاته ومواطنيه وجغرافيته عبر إحداث هيأة الإنصاف والمصالحة وجبر الضرر المادي والمعنوي إلا أن هذه المقاطعة لم تستفد من أي مبادرة في هذا الباب.
فالواقع الاجتماعي والاقتصادي والعمراني يوضح بجلاء أن هذا التراب لا ينتمي للتمدن ولا ينتمي لمدينة عملاقة تسمى الدار البيضاء، فلا بنيات اقتصادية تخلق فرص الشغل ولا بنيات سوسيو ثقافية تفتح المجال للشباب والنساء للتأطير ومواكبة التحضر.. وحتى أبسط مقومات الجماعة الترابية من نظافة وتطهير وإنارة عمومية تكاد تكون منعدمة.".
ومحاولة منه في وضع أصبعه على موطن الداء بمنطقة مولاي رشيد سيدي عثمان، شدد عبد اللطيف بلمقدم، رئيس جمعية ولاد البلاد، على أن المنطقة اليوم تعيش في ظل ازدياد وتيرة العنف الاجتماعي، الذي يحيلنا إلى تدهور تدبير الشأن الأمني المحلي، الناتج عن تفاقم الأسباب المؤدية إلى انتشارها، والمتمثلة في انتشار تجارة المخدرات وأقراص الهلوسة وبيع المشروبات الكحولية خارج إطار القانون.
ودعا بلمقدم المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي بالمنطقة، إلى ايجاد سياسة اجتماعية واقتصادية، هدفها الأسمى الابتعاد عن إنتاج وتفريخ الجريمة، وذلك عبر محاربة دور الصفيح والسكن غير اللائق والبناء العشوائي، وتمكين المجتمع المدني من ممارسة دور الرقابة على المجالس الجماعية والمنتخبين والمشاركة في إعداد السياسات العمومية المحلية.
بالمقابل اعتبر عبد القادر فهيم، محامي بهيئة الدار البيضاء، أن الإمكانيات المرصودة للمنطقة لا تغطي حاجيات السكان ومتطلباتهم وأمنهم. كما أن هناك بعض الإدارات تعرف التسيب لا رقيب ولا حسيب يلج العمل وقت ما شاء يضرب المسؤولية عرض الحائط. كل هذه النقائص، يضيف محاور "أنفاس برس"، لا تمنعنا من القول أن هناك شرفاء يعملون ليل نهار نطلب من الله أن يجعل أعمالهم خالصة لوجهه الكريم.
وجوابا عن سؤال "أنفاس برس"، حول مسؤولية منتخبي المنطقة في المشاكل التي تعاني منها مولاي رشيد سيدي عثمان، كشف كريم إيد الحاج، مدير مؤسسة تعليمية أن منتخبي المقاطعة يجيبون صراحة بأن القانون المنظم للجماعات المحلية والمتمثل في "الميثاق الجماعي" الصادر عام 2003 مع التعديلات التي جرت عليه لا يخول للمنتخب التدخل والحد من الظواهر السلبية بالمنطقة... فالميزانية التي يتم تحويلها للمقاطعة جزء كبير منها يصرف في الوقود والهاتف... وتبليط بعض الممرات وإحداث شبه حدائق لا تتجاوز مساحتها الهكتار الواحد..؟؟؟
وأوضح الإطار التربوي، أن المعركة التي على المنتخبين خوضها معركة قانونية تشريعية وتنظيمية، من أجل العمل على توسيع صلاحيات المقاطعة للتدخل في المجالات الحيوية ذات الصلة بالساكنة مباشرة،... وهذا يقتضي أولا وأخيرا وجود نخب مؤهلة وذات مصداقية وبعد نظر، تستطيع علميا تشخيص واقع المنطقة وتحديد إشكالاتها، فضلا عن اقتراح حلول وبدائل موضوعية للخروج من هذا الوضع الذي طال أمده وتؤدي الساكنة ثمنه جيلا بعد جيل.
وبالنسبة لبن داود كساب، فاعل جمعوي وإعلامي وأحد سكان المنطقة، فإن السياسات المتعاقبة فشلت في تحسين صورة المنطقة، مبرزا أن بعض الفاعلين السياسيين ينتعشون بشكل كبير في بقاء مثل هاته الظواهر، فهي متنفسهم الوحيد وهي كذلك بمثابة الصورة الجميلة التي يقدم بها هؤلاء أشباه المنتخبين كمخلصين و"سبايدرمانات" المنطقة، فالسارق والمجرم يدخل من الباب والمخلص أي "السبايدرمان" يجد التوليفة والتخريجة لإخراجه من المأزق.. والأسباب يعلمها العارفون في هذا المجال.
وأهاب بن داود كساب، بالفاعل الأمني بأن لا يتذرع بضعف الوسائل وقلة العنصر البشري في محاربة مثل هاته الظواهر.. فمنطقة 04 هكذا يحلو لساكنتها تسميتها تقول بعلو صوتها: كفانا حكرة ولا مبالاة فالتاريخ لن يرحم.