يعاني قطاع الصحة بزاكورة، في الظروف الراهنة، أزمة حقيقية لا يجادل أحد في كونها أصبحت تندر بالوضع الكارثي والمقلق لهذا لقطاع الحيوي، وذلك نتيجة تدني الخدمات الطبية وغياب أبسط شروط العلاج والتطبيب. فأغلب المرضى الذين يقصدون المستشفى الإقليمي تتم إحالتهم على مستشفى ورزازات أو مراكش في ظروف أقل ما يقال عنها أنها غير صحية.
فإذا كانت ساكنة زاكورة قد نظمت العشرت من المسيرات والوقفات الاحتجاجية خلال الأربع سنوات الماضية من أجل إصلاح الوضع الصحي بالإقليم دون جدوى، ها هي الشغيلة الصحية تخرج من صمتها بل وتنتفض ضد الوضع الكارثي بالمستشفى الإقليمي وتنضم إلى صف الساكنة في التنديد بهذا الواقع المزري لقطاع الصحة... وهذا فضحته طبيبة النساء والتوليد "سعيدة هواس" التي التحقت بمستشفى زاكورة يوم 12 من يناير المنصرم قادمة إليه من مستشفى ورزازات، وذلك بصفة مؤقتة لسد الخصاص بقسم الولادة.
ففي تصريح لـ "أنفاس بريس" أكدت أنها بعد التحاقها بهده المصلحة عبرت عن نيتها في الاستقرار في مدينة زاكورة رفقة أبنائها عكس باقي الأطباء الذين يرفضون حتى التعيين بهذا الإقليم، وفي هذا الإطار تقدمت بطلب تثبيت تعيينها بزاكورة نتيجة ظروفها الصحية... لكن بعد مرور 6 أيام من العمل، تقول الطبيبة، توفيت امرأة يوم 19 من يناير الماضي نتيجة الإهمال بعد ترحيلها إلى مستشفى ورزازات في ظروف غير صحية.. إذاك ألغت طلب تثبيت التعيين، وقررت في نفس الوقت، تقول الطبيبة، فضح هذا الوضع الكارثي الذي يتحمل مسئوليته مندوب الصحة الذي تصفه بغير المسئول.
ومن الحقائق الصادمة التي كشف غنها نفس المصدر الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء وغياب الأدوية التي يستفيد منها النساء أثناء وبعد الولادة وفرض واجب سيارة الإسعاف إلى ورزازات بثمن 500درهم وإلى مراكش بمبلغ 1200 درهم مع غياب الطاقم المرافق للمريض بسيارة الإسعاف.. ومن ثم شن علي المندوب حربا شرسة، تقول سعيدة هواس، حيث وجهت شكاية في الموضوع إلى وزير الداخلية كما التجأت إلى وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، حيث حظيت بتضامن كبير من طرف ساكنة المدينة ومؤازرة قوية للهيئات الحقوقية والنقابية.
وأضافت سعيدة هواس قائلة، إنني رغم قصر مدة عملي بزاكورة فقد حققت لهذه المصلحة مجموعة من المكاسب منها ظهور مجموعة من الأدوية المجانية بقسم الولادة، ومنها مرهم العيون وأدوات التوليد والمضادات الحيوية ومواد التعقيم التي كانت تشتريها القابلات من قبل.
وفي نفس السياق صرح الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة بزاكورة، والذي يشغل في نفس الوقت ممرض في التخدير والإنعاش، عقب اللقاء الذي جمع نقابتهم بمندوب الصحة يوم 9 من الشهر الجاري، أن مندوب الصحة أكد لهم في بداية اللقاء أنه غير مسئول عن المستشفى الإقليمي محملا المسئولية لرئيس قطب الشؤون الإدارية بالمستشفى. هذا الأخير يقول الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة، تبرأ من هذه المسئولية أمام الجميع بإشهاره لسادس طلب إعفاء من هذه المسئولية موجه إلى وزير الصحة تحت إشراف المندوب الجهوي.. بعد ذلك يضيف المسئول النقابي، تأكد لنا أن المستشفى الإقليمي بزاكورة يسير بدون مدير مسئول.. واسترسل المسئول النقابي: كنا نود مناقشة مجموعة من المشاكل الاستعجالية مع المندوب منها على الخصوص: وجود ممرض واحد في الإنعاش والتخدير والذي يعمل بدون انقطاع.. وفي غياب أطباء التخدير والإنعاش وفريق الإسعاف، وعدم تعويض المولدة الموجودة في رخصة، إضافة إلى "فضيحة" التستر على أطباء الجراحة والأطباء الاختصاصيين والأطر الطبية العاملة بالإدارة.. إلا أن المندوب يقول نفس المصدر انتفض في وجههم وقال لهم "أتحداكم وأتحدى نقابتكم.. ديرو اللي في جهدكم"..
وفي سياق الوضع الكارثي بالمركز الاستشفائي بزاكورة كشف تقرير داخلي موجه إلى وزير الصحة، حصل موقع "أنفاس يريس" على نسخة منه، عن أسباب الأزمة وأرجعها إلى النقص الحاد في الموارد البشرية بصفة عامة وشح الموارد المالية المخصصة للمستشفى والديون المتراكمة عليه، الأمر الذي عمق أزمته يقول التقرير، وجعل إدارة المستشفى عاجزة على اقتناء وتوفير العديد من الخدمات الضرورية لضمان الحد الأدنى من الرعاية الطبية والتمريضية.. كما جعل هذا الوضع عملية نقل المرضى إلى المراكز الاستشفائية بالمجان غير ممكنة رغم وجود نص إلزامي، يضيف التقرير. كما أن الإدارة لا يمكنها معالجة الأعطاب التقنية المتكررة خاصة الماء والكهرباء.. كما أن ضعف الميزانية، يقول التقرير، يؤثر على حقوق مستخدمي المستشفى خاصة الخدمات الإلزامية والحراسة والمداومة والتي ما زالت الشغيلة تنتظر صرف مستحقاتها لسنوات 2013 و2014.
أمام هذا الواقع طالب التقرير بزيارة ميدانية لمسئولي وزارة الصحة للوقوف على حقيقة قطاع الصحة والتطبيب بالمستشفى الإقليمي لزاكورة.. إلى ذلك وجهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بزاكورة شكاية تطالب من خلالها فتح تحقيق.. الشكاية موجهة إلى كل من رئيس الحكومة، وزير العدل والحريات ووزير الصحة وعامل إقليم زاكورة، وذلك بهدف تحديد المسئوليات وربط المسئولية بالمحاسبة.