الخميس 19 سبتمبر 2024
سياسة

هل سيحيي الفرنسيون محرقة هتلر لإبادة المسلمين في فرنسا؟

هل سيحيي الفرنسيون محرقة هتلر لإبادة المسلمين  في فرنسا؟

كان اليهود في ألمانيا يغيرون ملابسهم، ويحلقون لحاهم، ويزيلون عنهم كلما يرمز إلى هويتهم اليهودية في الشارع.. هذا بالذات ما سوف يحدث في أوروبا، حيث ستجد المسلمين يحسّون بذنب لم يقترفوه، وستراهم عرضة لخائنة الأعْيُن في الشوارع، حيثما حلوا وارتحلوا، وسيقال عنهم إنهم كلهم إرهابيون.

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا في قلب باريس، يوم 09 نونبر 1938، عندما اقتحم شاب يهودي يدعى «هيرشَلْ كروس باند» السفارة الألمانية وأطلق النار بكيفية جنونية على ديبلوماسي نازي بارز يدعى «فون رات»، وقد أقدم الشاب اليهودي على جريمته كعقاب للنازيين على سياستهم وممارساتهم تجاه اليهود في ألمانيا، وعلى الشتائم والسباب التي تصدر من أفواه النازيين الألمان.. وفي الساعة السابعة والنصف مساءً كان «هتلر» يحتفل بذكرى محاولة انقلاب حانة «ميونيخ» التي حدثت منذ 15 سنة، وإذا بموظف إعلامي يدخل فجأة القاعة ويناول «هتلر» ورقة نبإ وفاة المسؤول النازي بباريس متأثرا بجروحه.. قرأ «هتلر» الخبرَ ثم أعطى الورقة لـ «غوبلز» الذي رأى فيها هبَةً من السماء تنزل عليه.. غادر «الفوهرَرْ» الحفل دون أن يبوح بكلمة واحدة، وتحدث «غوبلز» الخطيبُ المفوّه في الحضور، وكانت تلكم بداية مأساة اليهود الفعلية في كافة أوروبا.. وسُمّيت تلك الليلة «كريسطال ناخت»، أي «ليلة الزجاج المكسور»، فهُوجِمت كنائس اليهود، وأُحرقت محلاتهم التجارية، وانتُهكت حرمات بيوتهم في «ميونيخ وبرلين»، ووضع اليهود أيديهم على قلوبهم من شدة الخوف، وقد أُعطيت الآن كل المبررات للنازيين بهذه الجريمة..

نكّست الأعلام في كافة أرجاء ألمانيا، ومر القطار الذي يحمل الجثمان أمام حشود صامتة ترفع الشموع، ولافتات كُتب عليها «آخْتُونْ يُودَنْ»، أي "اِحذَروا اليهود"، وأُعلن الحدادُ لمدة ثلاثة أيام ونُظمت مسيرات حاشدة، وانطلقت الصحافة من عقالها تصوّر اليهودي عبر الكاريكاتور وكأنه وحش كاسر، بأسنان تقطر منها الدماء، وأُلصِقت ملصقات على واجهات محلات اليهود تقول: «لا تشتروا، إنه يهودي!»..

تلت ذلك، عدة قوانين قاسية تمنع الزواج من اليهود، وتحظر تشغيلهم أو التعامل معهم، وتحرم أبناءهم من التعليم، وأُقفلت كافة دور العبادة الخاصة بهم، وقال غوبلز "إن أشر العذاب هو أن تولد يهوديا في ألمانيا"..أما «هتلر» فقال عبر خطاب هستيري: «الإرهاب لا يردّ عليه إلا بالإرهاب؛ يا سادة لا سلام بعد اليوم، لا عواطف ولا تساهل مع يهودَا الخائن؛ لندمرْه قبل أن يدمر أمتنا، ويمسخ حضارتنا، ويلوث عرقنا…».

وانطلقت المأساة كما يذكر التاريخ..

لكن السؤال الذي طُرح وأجيبَ عنه بعد الحرب الثانية هو: «هل تصرّف الشاب اليهودي في باريس من تلقاء نفسه؟».. تجيب عن هذا السؤال كاتبة يهودية من أصل ألماني بالقول: «إن وراء الجريمة جماعة صهيونية كانت تريد استغلال الجريمة سياسيا»، ويوافقها الرأيَ المؤرخ "ويليام كار" في كتابه «الأحجار» قائلا: "هذا كلام فيه حقٌّ كثير..".

فما تعيشه اليوم الجالية المسلمة في أوروبا، وما تتعرض له مساجدهم، وما يعانونه من خوف وتوتر أعصاب بعد جريمتي «شارلي ــ إيبدو» و«هيبَرْ ـكاشير» ليشبه تماما ما حدث يوم 09 نونبر 1938 في باريس نفسها.. إن هؤلاء الشبان وراءهم أيادي خفية، وجماعات إرهابية دفعتهم إلى ذلك دفعا لتأجيج نار العداء للمسلمين في أوروبا، والرابح الأكبر هي الجماعات المتطرفة من يمين ويسار، وقد بدا وكأنها كانت على حق عندما كانت تحذر من المسلمين، تماما كما كانت تفعل النازية قبل «ليلة الزجاج المكسور» حتى أُعطي لها المبرر بجريمة باريس آنذاك.. وستتلو ما حدث قوانين جائرة في حق المسلمين في أوروبا، وستُلصق بهم تهمٌ خطيرة مرتبطة بالإرهاب، وسيستثمرها الأصوليون الظلاميون، كما سيستثمرها العنصريون المتطرفون في أوروبا.. وكيف لا وقد أُعطيت لهم «هدية» فرحوا بها، وأضفت الشرعيةَ على أفكارهم وسياستهم العدائية تجاه الإسلام والمسلمين، وسيصبح من الصعب أن تكون مسلما في أوروبا..

كان اليهود في ألمانيا يغيرون ملابسهم، ويحلقون لحاهم، ويزيلون عنهم كل ما يرمز إلى هويتهم اليهودية في الشارع؛ وكانت اليهوديات يخلعن الحجاب، ويصبغن شعرهن الأسود، ويمتنعن عن أداء الطقوس الدينية لكي لا تُكتشَف يهوديتهن..

هذا بالذات ما سوف يحدث في أوروبا، حيث ستجد المسلمين يحسّون بذنب لم يقترفوه، وستراهم عرضة لخائنة الأعْيُن في الشوارع، حيثما حلوا وارتحلوا، وسيقال عنهم إنهم كلهم إرهابيون، وإنما يمارسون «التقية» ليس إلا؛ وسوف تزداد موجة العداء والسخرية من الإسلام، ومن رسول الإسلام عليه السلام، ومن كافة أتباع هذا الدين في عالم هو نفسه تطرّفَ في كل شيء، وخاصمته الحكمة، وفشت فيه الحماقات، وصار يتقن فنون القتل بدل فنون الحياة؛ بالإضافة إلى بروز سياسيين عبثيين، وأحزاب تمارس الطائفية، ومنظمات تستبطن العنصرية تحت عناوين شتى..

(تفاصيل أخرى عن موجة العداء للإسلام والمسلمين في الديار الأوروبية تقرأونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن" لهذا الأسبوع، تجدونه في كافة الأكشاك)

une-Coul-4