الاثنين 25 نوفمبر 2024
اقتصاد

الباحث عبد النبي اضريف يقترح 7 مفاتيح للقضاء على الاقتصاد غير المهيكل

الباحث عبد النبي اضريف يقترح 7 مفاتيح للقضاء على الاقتصاد غير المهيكل

مازال موقع "أنفاس بريس" يواكب وجهات نظر أساتذة مختصين حول قانون المالية الجديد 2015 من زوايا مختلفة. وفي هذا الصدد اتصلنا بعبد النبي اضريف أستاذ العلوم السياسية والمالية العامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، وطرحنا عليه أسئلة تتعلق بوضعية القطاع غير المهيكل informel في الاقتصاد الوطني بحيث بات يشكل 45% من الناتج الخام الوطني PNB ويسبب ضياعا كبيرا لمداخيل مهمة لخزينة الدولة من جهة، وتفشي الظاهرة تساهم في إبقاء نسبة تضريب مرتفعة بالنسبة للقطاع المهيكل formel وهو ما يسيء إلى قاعدة العدالة الضريبية؟! فكان رد ذ.اضريف مفصلا كالآتي:

"يعتبر القطاع الموازي مجموعة من الأنشطة التي يمارسها أشخاص ذاتيون أو معنويون، دون التصريح بها لدى الإدارة الجبائية أو لدى باقي المؤسسات التي تفرض بعض المساهمات الإجبارية، بغية التملص من تأدية التكاليف العمومية.

ويكاد يجمع المتخصصون في السياسة والاقتصاد على أن القطاع غير المهيكل، يلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد الوطني، ويقف حجرة في وجه مسلسل التنمية، والذي تخصص له الدولة اعتمادات مالية مهمة، لكن تحمل فرد أو جماعة دون أخرى للفرض الضريبي، من شأنه أن يمس بمبدأ المساواة أمام التكاليف العمومية، وبالتالي التأثير على العدالة الضريبية، والتي هي أساس بعث الثقة في نفوس ممولي المنظومة الجبائية.

وتأثير القطاع غير المهيكل على الاقتصاد الوطني، يظهر بشكل واضح على مستوى الموارد العمومية، والتي تبقى دائما عاجزة عن التغطية الكاملة لنفقات الاستثمار، مما يجبر الدولة على اللجوء إلى منظمات الإقراض الدولية، وهذا ما يفسر تنامي الدين العمومي إلى مستويات عليا، خصوصا في الثلاث سنوات الأخيرة. فتغطيته لنسبة 48 في المائة من الأنشطة العمومية يفسر حجم الخسائر التي يلحقها بالاقتصاد، حيث يفوت على الدولة مداخيل مهمة. والسؤال المطروح هو: إذا كان الكل يعرف أن القطاع غير المهيكل ينخر الاقتصاد الوطني، ويشكل نقطة ضعفه، فلماذا يستمر في إلحاق الضرر به؟ ألم تجد السلطات المالية المخارج المناسبة للقضاء على هذه الظاهرة؟

لا يمكن لأحد أن ينكر المجهودات التي تقوم بها الدولة، للحيلولة دون ترسيخ هذه الظاهرة في عقلية المواطن العادي والفاعلين الاقتصاديين، فالآلة التشريعية تعطي الحق للحكومة، بأن تعدل وتمرر مجموعة من القوانين التي تحمي الاقتصاد الوطني والموارد العمومية، من سنة لأخرى عبر بوابة قوانين المالية، والتي نجد فيها كل سنة مجموعة من الإجراءات الهدف منها حماية المنظومة الجبائية الوطنية، والمداخيل العمومية، ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وإصدار إعفاءات جبائية الهدف منها إدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني. فهذه التدابير تكلف مالية الدولة نفقات باهظة، وهي ما يطلق عليها بالنفقات الجبائية، والتي هي مجموعة من الإعفاءات تخصصها الدولة للقطاع الخاص الغرض منها تشجيع بعض القطاعات التي تحظى بالأولوية لدى الدولة كالسكن، أو يكون الهدف منها إدماج بعض القطاعات في النسيج الاقتصادي، بغية مساعدتها على التطور، وبالتالي المساهمة في تنمية مداخيل الدولة. لذا فالدولة من هذه الاجراءات تغض الطرف لخلق اقتصاد تنافسي، والذي لن يرق ويتطور إلا بتعميم المساواة أمام الفرض الضريبي، ورغم هذه المجهودات يستمر القطاع الموازي في التنامي لعدم فعالية الإجراءات المتبناة.

فالكثير من المتخصصين في المالية العامة، يؤكدون أن سبب تنامي الظاهرة هو المغالاة في الإعفاءات، بإصدار، وباستمرار، لبنود تعفي المتملصين من الفرض الضريبي من الجزاء، والذين يجتهدون في ابتداع طرق التملص، في انتظار إصدار إجراءات جديدة، مما يشجع باقي الخاضعين للضريبة الذين يحسون باللاعدالة الضريبية.. فالفرد الذي لا يؤدي الضريبة يقلص من تكلفة المنتوج مما يعطيه امتيازا داخل السوق، مما يمس بمبادئ المنافسة الشريفة.

وما يشجع على تنامي الظاهرة هو وجود إدارة ضريبية ضعيفة، بالمقارنة مع حجم المتملصين من الفرض الضريبي، والتي تفتقر للموارد البشرية والإمكانيات، التي تخول لها إجبار المتملصين من الضريبة على أدائها، والتصريح الحقيقي لأنشطتها.. ويمكن التأكيد أن القطاع الموازي يوجد حتى داخل المقاولات المدمجة في الاقتصاد، والتي تقدم تصاريح مغشوشة عن أنشطتها، تعجز الإدارة عن كشف خباياها، لدقة في الغش، ولاعتماد على خبراء متمرسين يفوق عددهم ومستواهم مستوى مفتشي ومحققي الضرائب. فإذا أرادت الإدارة ضبط هذا المجال، يجب عليها الزيادة من حجم الموظفين، وحسب بعض العاملين في هذا الجهاز، فبإمكان الإدارة الضريبية والجمركية أن تدمج جميع حاملي الشواهد العليا إذا ما نظرنا إلى الخصاص الكارثي الذي تعاني منه، مما يضيع على الدولة مداخيل مهمة.

ومن عوامل تنامي هذه الظاهرة نجد آفة الرشوة، حيث يعمل بعض المسؤولين على تيسير ظاهرة التهريب والتملص الضريبي لمجموعة من الأفراد والجماعات، مقابل مبالغ مالية ضخمة، تلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد الوطني. لذا وجب إعادة النظر في منظومة العقاب، للضرب على أيدي المتلاعبين بالموارد العمومية.

ومن المسائل التي يمكن غض النظر عنها، هي أن القطاع الموازي يشكل مصدر عيش للعديد من الفقراء والكادحين في المغرب خصوصا غير النافع، لذا فتبني إجراءات زجرية تجاههم، من شأنه أن يولد سيلا من القلاقل الاجتماعية... إن الإعلان عن إستراتيجية وطنية لمكافحة هذه الآفة، يجب أن يكون ذا مقاربة شمولية، تتبنى حلولا مناسبة، تتجنب مصالح هذه الطبقات التي لا تستفيد من النفقات العمومية، خصوصا في شقها الاستثماري، ونورد بعض الحلول للقضاء عن هذه الآفة:

- رفع وتأهيل الموارد البشرية لإدارة الضرائب والجمارك؛

- خلق أنشطة بديلة لممتهني التهريب؛

- إعادة النظر في منظومة زجر الرشوة؛

- سن سياسة للإعفاءات الجبائية، تأخذ بعين الاعتبار عقلية الفعاليات الاقتصادية الوطنية؛

- خلق مشاريع اقتصادية واجتماعية بالمغرب غير النافع؛

- دعم المنتوج الوطني والرفع من جودته، للحيلولة دون اللجوء إلى المنتوج الأجنبي، والقيام بحملة تحسيسية تبين خطورة السلع المهربة، وأهمية المساهمة في دعم الموارد الجبائية؛

- بث ثقافة المواطنة الجبائية، بالرفع من مستوى حقوق الارتفاق (الصحة، والسكن اللائق والتعليم المثمر)، وتقسيم الثروات الوطنية".