السبت 20 إبريل 2024
اقتصاد

الأستاذ امحمد قزيبر يقف على الإشكالات الدستورية و القانونية و موقع الفئات الوسطى في قانون المالية لسنة 2015

الأستاذ امحمد قزيبر  يقف على الإشكالات الدستورية و القانونية و موقع الفئات الوسطى  في قانون المالية لسنة    2015

في إطار النقاش الدائر حول مشروع قانون المالية لسنة 2015 اتصل موقع "أنفاس بريس " بامحمد قزيبر، أستاذ بكلية الحقوق بمكناس، وطرحت عليه سؤالين متعلقين من جهة بالإشكاليات القانونية الخاصة بمسطرة المصادقة من قبل غرفتي البرلمان على المشروع، و من جهة أخرى عن موقع البعد الاجتماعي و خصوصا الفئات الوسطى ضمن اختيارات المشروع. فكان رد الأستاذ مفصلا في الورقة التالية:

1- حول الإشكالات الدستورية و القانونيةالمتعلقة بالمصادقة على مشروع قانون المالية : طرح التساؤل بخصوص هذه الإشكالات نتيجة قيام مجلس المستشارين بالتصويت بالرفض على ميزانيات قطاعية و على أبواب في مشروع قانون المالية، و بعد ذلك قام مجلس النواب في قراءته الثانية و النهائية بالبث في المشروع بالتعديلات التي حدثت على مستوى الغرفة الثانية، متجاهلا عملية التصويت السلبي لهذه الأخيرة على هذه الميزانيات الفرعية، رغم أن المستشارين أدخلوا تعديلات عليها قبل التصويت. فهل تعتبر التعديلات لاغية بالنظر للتصويت السلبي أم يستمر مفعولها و أثرها القانوني كما تم تفسير ذلك من قبل مجلس النواب أو الطرف الذي أحال المشروع على الغرفة الأولى بتعديلات المستشارين؟ كما امتنع المستشارون عن التصويت على عدة أبواب في المشروع، فهل يعتبر الامتناع رفضا لها أم أنها تحال على مجلس النواب رغم هذا الامتناع، و هي تساؤلات تتطلب إجابات قانونية عليها يفترض أن تتصدى لها المحكمة الدستورية (المجلس الدستوري) في حالة إحالة المشروع عليها. بالعودة إلى الفصل 84 من الدستور فإن كل مجلس يتداول في النص الذي صوت عليه المجلس الآخر في الصيغة التي أحيل بها إليه، و بالعودة إلى القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة 1998 فإن الخلاف بين المجلسين يسمح للحكومة بأن تعمل على تشكيل لجنة ثنائية مختلطة من الغرفتين لتجاوز مواطن الخلاف، و في حالة استمراره فإن الكلمة الفصل تعود لمجلس النواب بالأغلبية المطلقة لأعضائه، و هو ما لم تقدم عليه الحكومة رغم أنه قد يسمح بتجاوز مثل هذه الإشكالات القانونية التي يمكن أن تترتب عن هذه الحالات، و التي ربما تشكل ثغرات قانونية يتوجب معالجتها عند الصياغة النهائية لمشروع القانون التنظيمي لقانون المالية المرتقب.

2- أما فيما يخص الأبعاد الاجتماعية و موقع الفئات الوسطى في قانون المالية لسنة 2015: بقراءتنا لقانون المالية لسنة 2015 و للأهذاف و الاختيارات التي حددها، يتضح استمرار نموذج النمو المعتمد منذ الاستقلال و الذي ترسخ بعد اعتماد سياسات التقويم الهيكلي منذ ثمانينات القرن الماضي، و المستمد من الطروحات النيوليبرالية التي تعطي الأولوية للعرض و الإنتاج على حساب الطلب، حيث عند تحديد الأهذاف المتوخاة في قانون المالية نجد في مقدمتها دعم الاقتصاد الوطني و تحسين التنافسية و تشجيع الاستثمار الخاص و دعم المقاولة، و بالتالي استمرارية الفلسفة القائمة على كون النمو الاقتصادي مدخل لتحقيق التوازنات الاجتماعية، حيث أشار قانون المالية إلى أن تحقيق النمو الشامل المنتج لمناصب الشغل أداة لتقليص الفوارق الاجتماعية و المجالية.

و هكذا يتبين مواصلة نفس النموذج التنموي الذي يعتبر الرأسمال و المقاولة و الليبرالية الاقتصادية و الحد من دور الدولة الآليات المفضلة للتنمية، و من تم محاباة عنصر الرأسمال على حساب عنصر العمل. و رغم أن قانون المالية جعل من ضمن أهذافه تقوية التماسك الاجتماعي و تقليص الفوارق الاجتماعية و المجالية و إنعاش فرص الشغل، فإن التدابير المعتمدة في الميزانية لا ترقى إلى هذا الهذف المنشود، فمن ضمن هذه التدابير: إشارة قانون المالية إلى اعتماد سياسة اجتماعية تضامنية بهذف التوزيع العادل لثمار النمو عبر استراتيجية وطنية للتشغيل، من خلال تعزيز فرص الشغل و القدرة التنافسية للمقاولة و تشجيع الاندماج في القطاع المهيكل، و لعل من أبرز التدابير لتحقيق ذلك: إعفاء الراتب الشهري الإجمالي (في حدود 10000 درهم) المؤدى من طرف المقولات التي يتم خلقها بين يناير 2015 و دجنبر 2019 و ذلك لمدة 24 شهرا في حدود خمسة أجراء، و من التدابير أيضا تحمل الدولة التكاليف المرتبطة بحصة المشغل في المساهمات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة 24 شهرا و رسوم التكوين المهني لفائدة المقاولات و الجمعيات التي يتم خلقها في نفس الفترة المذكورة و التي توظف بعقود غير محددة الأجل. بينما يتضح بالمقابل اعتماد عدة تعديلات ضريبية تعاكس التوجه الاجتماعي المتوخى في قانون المالية على غرار الزيادة في أسعار الضريبة على القيمة المضافة على مستوى القروض المتعلقة بالسكن الاجتماعي و العجائن الغذائية و الأرز و الشاي...الخ. و كخلاصة فإن قانون المالية جعل عنصر التشغيل مدخل للتوازن الاجتماعي المنشود لكن على أساس النموذج الليبرالي للتنمية، مع إحداث تغيير في النمط السائد للنمو المرتكز على النشاط الفلاحي، و ذلك بتسريع التحول الهيكلي للنسيج الاقتصادي الوطني و تنويع أنشطته الاقتصادية و تشجيع القطاع الصناعي، و هذا ما يستهذفه المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية.