Thursday 20 November 2025
فن وثقافة

رشيد بوتونس: مهرجان فاس يمتلك روحاً فريدة ويحتاج دعماً يليق به وكلنا أمل باستعادة المدينة لفضاءاتها الثقافية

رشيد بوتونس: مهرجان فاس يمتلك روحاً فريدة ويحتاج دعماً يليق به وكلنا أمل باستعادة المدينة لفضاءاتها الثقافية رشيد بوتونس، رئيس لجنة التحكيم
على هامش افتتاح "مهرجان فاس لسينما المدينة"، مساء الأربعاء 19 نونبر 2025، أجرت " أنفاس بريس" حوارا مع رشيد بوتونس، رئيس لجنة التحكيم الذي يعتبر من بين أهم الأسماء السينمائية المغربية، تحدث من خلاله عن خصوصية المهرجان، وانفتاحه على التجارب المغربية والدولية، وأهمية المدينة كعنصر مُلهِم في الإبداع السينمائي، إضافة إلى الدور الحيوي الذي تلعبه المهرجانات في دعم الشباب وبناء علاقة جديدة بين السينما والفضاء الحضري.
 
كيف ينعكس تراث مدينة فاس وروحها على هوية المهرجان وبرامجه؟
مهرجان فاس لسينما المدينة، هو تظاهرة سينمائية سنوية تُعنى بعلاقة السينما بالمدينة كفضاء بصري وثقافي وإنساني، يسلّط المهرجان الضوء على الأفلام التي تستكشف حضور المكان في السرد السينمائي، وتُعيد قراءة الذاكرة الحضرية وتحولات العمران.
ويُعتبر من المهرجانات المغربية ذات الهوية الخاصة، إذ يجمع بين العروض السينمائية والندوات واللقاءات المهنية، مع مشاركة مخرجين ونقاد من المغرب وخارجه. ويهدف إلى تعزيز ثقافة الصورة، ودعم الإبداع السينمائي، وإبراز غنى مدينة فاس وتراثها عبر لغة السينما.

ما الذي دفعك للمشاركة في مهرجان فاس لسينما المدينة؟
تلقيت دعوة كريمة من إدارة المهرجان في شخص مديرها رشيد الشيخ، أكيد رحبت بهذه الدعوة، خصوصا وأن هذا المهرجان ستحتضنه مدينة عريقة كفاس، أحضر لأكتشف تجارب سينمائية جديدة سواء في الفيلم الطويل أو القصير، ولكي أتقاسم هذه التجربة التي أترأس لجنة تحكيمها رفقة زملائي الأعزاء فيصل السعيدي، سلمى الضاوي، وإدريس الجاي.
سعيد بتواجدي في الدورة التاسعة والعشرين للمهرجان الذي يحتفي بمدينة تحمل روح التاريخ وذاكرة المكان، وتفتح أبواباً جديدة أمام مختلف الرؤى السينمائية. 
 
 هل يتعلق الأمر بالإنتاج الوطني فقط، أم سيتم عرض أفلام دولية؟
المهرجان منفتح على التجارب المغربية، والعربية، والدولية، تشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان عشرة أفلام قصيرة، وثلاثة أفلام طويلة من المغرب فرنسا بوركينا فاسو اليونان تونس وألمانيا. هذا التنوع ضروري لأنه يخلق حواراً بين رؤى مختلفة حول علاقة السينما بالمدينة، ويثري المنافسة ويُغني النقاش الفني.
 
 هل ترى أن "سينما المدينة" نوع يحتاج إلى اهتمام أكبر في العالم العربي؟
بالتأكيد، مدننا العربية مليئة بالتحولات، والأسئلة والجماليات، وسينما المدينة تمنحنا وسيلة لفهم هذا الواقع من خلال العلاقة بين الإنسان والفضاء، بين العمران والهوية. 
"سينما المدينة" تستحق اهتماماً أكبر، ودعماً مؤسساتياً أوسع، وخير مثال على ذلك مدينة فاس الساحرة المُلهمة، تمنحك رغبة في إنتاج أفلام قصيرة، وطويلة، ووثائقية، مدينة عمرها اثني عشر قرنا تستحق كل الاهتمام، والإبداع بمختلف ألوانه.
 
 ما الذي يميز مهرجان فاس لسينيما المدينة؟
الاهتمام بالمدينة وعلاقتها بالسينما في حد ذاته خصوصية، فاس، بعمقها الروحي والتاريخي، تمنح المهرجان طابعا في غاية التفرّد. 
ورغم قلة الإمكانيات التي تُخصص لهذا المهرجان، ينجح القائمون عليه بإصرار كبير في الحفاظ على روحه واستمراريته، لكن محدودية الدعم تجعل تطويره بالشكل الذي يستحقه أمراً صعباً، لأن المهرجان يمتلك هوية قوية ويحتاج إلى موارد أفضل ليصل إلى كامل غاياته..
 
كيف ترى دور المهرجانات السينمائية، وخصوصاً مهرجان فاس، في دعم صناع السينما الشباب؟
دور المهرجانات السينمائية أساسي في دعم صناع السينما الشباب، لأنها تمنحهم فضاءات للعرض وفرصاً للتعلم وبيئة للقاء المخرجين والنقاد والمهنيين. 

 
ومهرجان فاس لسينما المدينة، وبالرغم من محدودية الإمكانيات المخصصة له، يظل فضاءً حقيقياً يمنح الشباب إمكانية اكتشاف قوة المكان في السرد السينمائي، وكيف يمكن للمدينة أن تتحول إلى لغة وصورة ومعنى. 
وهناك أسماء سينمائية معروفة اليوم في الساحة ازهرت من هذا المشتل، من هذا المهرجان.

 
لكن من المؤسف أن تختفي قاعات السينما من مدينة مثل فاس على غرار باقي مدن المغرب، وهو أمر لا يُصدَّق، ولا يخدم بناء جمهور سينمائي ولا تطوير المواهب الشابة. 
فغياب دور العرض يقلّص مساحات التكوين، ويجعل المهرجانات تتحمل وحدها مهمة الحفاظ على علاقة الجمهور بالسينما—خصوصاً أن هذه الدورة تُنظم في دار الشباب بدلاً من قاعة سينما حقيقية.

 
ورغم هذه الصعوبات، يواصل المهرجان  مسيرته  بإصرار كبير، ويثبت أن الثقافة قادرة على الاستمرار حتى عندما تغيب البنية الأساسية. ويبقى الأمل قائماً في أن تستعيد فاس قاعات سينما لائقة تعيد للمدينة مكانتها وللشباب فضاءً طبيعياً للنمو الإبداعي.
لنتفاءل خيرا بما أن المدينة أصبح على رأسها واليا جديدا خالد آيت الطالب، نأمل أن يكون هناك اهتمام أكثر بالثقافة وبفضاءاتها وبمبدعيها وبمهرجاناتها.
 
هل تعتقد أن فضاءات المدن المغربية ما زالت غير مستغلّة سينمائياً بالشكل الكافي؟
نعم، المغرب يمتلك تنوعاً استثنائياً في العمران والثقافة والفضاءات، لكن الكثير من هذه الإمكانات ما زالت غير مستغلة سينمائياً، هناك حاجة إلى رؤية شاملة تسمح بتحويل مدننا إلى فضاءات جمالية، وسردية تُستثمر أكثر في الإنتاج السينمائي.
تزخر مدننا المغربية بتنوع رائع في فضاءاتها، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ويظهر ذلك جليا في كون العديد من المخرجين الكبار يقصدون المغرب لتصوير أفلامهم، ومسلسلاتهم كفضاءات مهمة للتصوير.