قضى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي ليلته الأولى خلف قضبان سجن "لا سانتيه" في باريس، ليصبح أول رئيس فرنسي سابق يُودع السجن منذ الحرب العالمية الثانية، بعد الحكم عليه بالسجن خمس سنوات، منها ثلاث نافذة، بتهمة التآمر لجمع تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية عام 2007 من النظام الليبي السابق.
وأودع ساركوزي في قسم العزل الانفرادي المعروف بـ"الحي الخاص" داخل السجن، حيث خُصصت له زنزانة تبلغ مساحتها نحو 11 متراً مربعاً مجهزة بسرير مثبت في الأرض، طاولة صغيرة، كرسي، دش داخلي، وموقد للطهي. وجاء هذا الإجراء حفاظا على سلامته من نزلاء آخرين من تجار المخدرات ومتهمين في قضايا إرهابية. كما يسمح له باستخدام جهاز تلفاز صغير مقابل رسوم، وشراء حاجياته من الأكل ومستحضرات النظافة عبر كتالوج داخلي.
وبحسب مصادر إعلامية فرنسية، دخل ساركوزي السجن حاملاً حقيبة تضم ثلاث كتب: رواية "كونت مونت كريستو" ذات الدلالة الرمزية للسجين البريء، وسيرة ذاتية عن يسوع المسيح، وعددا من الصور الشخصية. وذكر أنه ينوي استثمار فترة سجنه في كتابة كتاب جديد يتناول تجربته، مؤكدا شعوره بالبراءة وتشبيهه لنفسه بشخصية "إدموند دانتيس" التي عانت ظلما مماثلا.
وأثار الحكم على ساركوزي جدلا سياسيا واسعا في فرنسا بين من اعتبره تأكيدا على استقلال القضاء ومبدأ المساواة أمام القانون، ومن رآه قرارا ذا خلفية سياسية يستهدف تاريخه السياسي.
ورغم تأكيده التزام العقوبة، أعلن الرئيس الأسبق عزمه الاستئناف حتى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإثبات براءته.
ويرى مراقبون أن هذا التطور سيؤثر بعمق على مستقبل ساركوزي السياسي والقانوني، إذ أفقده كثيرا من رصيده الشعبي ومن رمزيته السياسية داخل اليمين الفرنسي، فضلا عن تراجع احتمالات عودته إلى المشهد العام بالزخم الذي عرف به خلال فترة رئاسته السابقة.