Tuesday 21 October 2025
Advertisement
سياسة

المغرب وفنلندا يجددان التزامهما بأجندة المرأة والسلام في ندوة رفيعة بهلسنكي

المغرب وفنلندا يجددان التزامهما بأجندة المرأة والسلام في ندوة رفيعة بهلسنكي سفير المملكة المغربية لدى فنلندا، محمد أشكالو

في سياق تخليد الذكرى الخامسة والعشرين لصدور قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، والذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بكين، نظّمت سفارة المملكة المغربية في فنلندا، بشراكة مع مؤسسة السلام مارتي أهتيساري (CMI)، ندوة حوارية بالعاصمة هلسنكي، تناولت جهود المغرب وفنلندا في تنفيذ القرار الأممي، من خلال عرض خطط العمل الوطنية وتبادل الخبرات والنقاش المقارن.

حضر الندوة عدد من السفراء المعتمدين لدى فنلندا، وشخصيات بارزة من المجتمع الفنلندي، إضافة إلى ممثلين عن هيئات دبلوماسية ومنظمات غير حكومية، وعدد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بفنلندا، إلى جانب إعلاميين ومهتمين بقضايا السلام والمساواة وحقوق المرأة.

افتُتحت الندوة بكلمة لسفير المملكة المغربية لدى فنلندا، محمد أشكالو، الذي عبّر عن امتنانه للشركاء والمؤسسات المشاركة، مؤكدًا أن موضوع النقاش لا يزال راهنًا في ظل أكثر من 130 نزاعًا مسلحًا مسجلًا عالميًا، تتأثر بها النساء والفتيات بشكل خاص من خلال العنف الجنسي والتمييز والتجنيد القسري وأشكال من العبودية المعاصرة. وأشار السفير إلى أن هذا الواقع يعزز من أهمية القرار 1325 وقراراته اللاحقة، إلى جانب إعلان ومنهاج عمل بكين، باعتبارهما مرجعيتين مركزيتين في أجندة المرأة والسلام والأمن.

استعرض السفير أبرز محطات التقدم المغربي في هذا المجال، خاصة خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، بفضل الإرادة السياسية القوية وقيادة الملك محمد السادس، والمشاركة الفاعلة للمجتمع المدني، والدبلوماسية النسوية النشطة. كما أشار إلى الإصلاح الجاري لمدونة الأسرة، بتوجيهات ملكية سامية، والذي يجري في إطار نقاش وطني شامل ويمثل امتدادًا لخطة العمل الوطنية المغربية.

وأشار إلى التحديات المتبقية، المتمثلة في الأيديولوجيات الأبوية والمواقف الاجتماعية المتجذرة، وأكد أن تجاوز هذه العراقيل يتطلب جهودًا مكثفة ومستدامة من جانب المنظمات غير الحكومية والأحزاب السياسية، من خلال التثقيف والتوعية والمناصرة. وعلى الصعيد الدولي، قدم السفير معطيات دقيقة عن مساهمة المغرب في عمليات حفظ السلام، من بينها مشاركة 4300 عنصر، بينهم 120 امرأة، وتنظيم تدريب لضابطات عسكريات من 14 دولة في أغسطس 2025.

كما أبرز الدبلوماسي المغربي مساهمة القوات المسلحة الملكية في منع الاستغلال والاعتداء الجنسيين ضمن مهام حفظ السلام، وذكر أن المغرب، بصفته رئيسًا لمجلس حقوق الإنسان، أنشأ مجلسًا استشاريًا معنيًا بالمساواة بين الجنسين، وانضم هذا العام إلى مجموعة السياسة الخارجية النسوية المعززة (FFP+). ولفت الانتباه إلى تقديم المغرب، في أبريل الماضي، القرار 58/15 المعنون بـ"المرأة والدبلوماسية وحقوق الإنسان"، بمساندة دول عدة من بينها فنلندا، والذي تم بموجبه إقرار يوم دولي للمرأة في الدبلوماسية.

واستحضر أشكالو أيضًا اعتماد إعلان مراكش سنة 2020 كأحد أبرز النماذج العالمية لمحاربة العنف ضد النساء، معتبرًا أنه يمثل مثالًا ملموسًا للاعتراف الدولي بالممارسات الجيدة. واختتم مداخلته بتأكيد التزام المغرب بمواصلة جهوده الدبلوماسية في هذا المجال، مُقترحًا مسارين للتعاون المستقبلي: أولهما، إطلاق مبادرات ثلاثية في المجتمعات المتأثرة بالنزاع أو المهددة به، وثانيهما، تطوير مبادرات مشتركة داخل منظومة الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن، في أفق 2029.

بدورها قدّمت نعيمة كورشي، الخبيرة في مجال المرأة والسلام والأمن وعضوة في شبكة النساء الوسيطات الإفريقية (FEMWISE) التابعة للاتحاد الإفريقي، الخطة الوطنية المغربية لتنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن المرأة والسلام والأمن، واستعرضت الإصلاحات الكبرى التي أطلقتها المملكة في إطار الرؤية السامية لجلالة الملك. كما وصفت مسار اعتماد الخطة، وقدّمت عرضًا موجزًا حول ركائزها الثلاث الأساسية.

وأشارت المتحدثة إلى دور المغرب في دعم السلام، مبرزة احتلاله المرتبة التاسعة عالميًا في مساهمته بقوات حفظ السلام، بما مجموعه 3400 جندي، من بينهم 120 امرأة.

كما أكدت على التزام المغرب بثقافة السلام، ودوره كوسيط في عدد من القضايا عبر القارة الإفريقية.

وشددت كورشي على التقدم الذي أحرزته المرأة المغربية، حيث باتت قادرة اليوم على الوصول إلى مناصب قيادية، بما في ذلك في قطاع الأمن.

واختتمت بالإعراب عن أملها في أن يشكّل هذا المؤتمر فرصة لتعزيز التعاون مع فنلندا، ولا سيما بين الخبيرات والوسيطات من كلا البلدين، مشيرة إلى أن النساء في المغرب وفنلندا يواجهن تحديات متشابهة.

من جانبها، قدّمت أنو آبو، منسقة قرار 1325 بوزارة الشؤون الخارجية الفنلندية، عرضًا حول خطة فنلندا الوطنية الرابعة، التي تم إطلاقها أوائل عام 2023. وأكدت المتحدثة أن التحدي الأكبر أمام خطط العمل الوطنية هو قدرتها على الاستجابة للتغيرات السريعة في البيئة الأمنية الدولية.

وأوضحت أنو آبو أن فنلندا تتبنى نموذجًا طويل الأمد من التعاون الوثيق مع المجتمع المدني، وقد شاركت أكثر من 60 جهة من وزارات ومنظمات غير حكومية وأوساط أكاديمية وشبكات متخصصة في صياغة الخطة الحالية، من خلال ورش عمل مفتوحة حُددت فيها الأهداف والمسؤوليات التنفيذية.

وأشارت إلى أن ثمانية شركاء حكوميين وثمانية شركاء من منظمات غير حكومية يعملون معًا على تنفيذ الخطة بدعم حكومي، مؤكدة أن العمل الميداني في هذا الإطار بات يشمل السياسة الوطنية الداخلية، وليس فقط السياسة الخارجية أو التعاون الإنمائي. وطرحت تساؤلات تتعلق بتمثيل النساء في قطاع الأمن داخل فنلندا، خاصة في المجالات العسكرية، ومدى إدماج مقاربة النوع في مفاهيم مثل "الأمن الشامل" و"المرونة المجتمعية".

كما أكدت استمرار التزام فنلندا بدعم دور المرأة في الوساطة وعمليات السلام، مشيرة إلى مبادرات وزارة الخارجية وشبكات الوسيطات، والندوات رفيعة المستوى التي نظمتها بالتعاون مع الأمم المتحدة والنرويج ومنظمات شريكة أخرى، مشددة على أن تمثيل المرأة في عمليات السلام لا يزال ضعيفًا ويتطلب تنسيقًا وتعددية في المقاربات.

وشهدت الندوة كلمة لكل من إليسا تارنالا، كبيرة المستشارين في مؤسسة السلام مارتي أهتيساري (CMI)، وإريك لوندبيرج، نائب المدير العام للدائرة السياسية بوزارة الخارجية الفنلندية.

وقد اختُتمت الندوة بجلسة نقاش مفتوح، شهدت تبادلًا غنيًا لوجهات النظر بين المتحدثين وأسئلة الحضور، حول التحديات الراهنة والفرص المستقبلية لتعزيز التعاون بين المغرب وفنلندا في إطار الأجندة العالمية للمرأة والسلام والأمن، وبما يكرّس التزامات ملموسة ويُرسّخ أفضل الممارسات في هذا المجال.