Friday 3 October 2025
كتاب الرأي

بنسعيد الركيبي: ملف الصحراء المغربية... التفاوض بشروط مغربية

بنسعيد الركيبي: ملف الصحراء المغربية... التفاوض بشروط مغربية بنسعيد الركيبي
منذ عقود تحاول الجزائر فرض معادلة واحدة في ملف الصحراء المغربية: المغرب في مواجهة جبهة البوليساريو باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد. وفي الخلفية جمهورية معلنة فوق التراب الجزائري تحظى بعضوية داخل الاتحاد الافريقي لكن هذه المعادلة لم تعد تقنع احدا، ولا يمكن ان تشكل أساسا لأي تسوية مستقبلية. وحتى لو قبل المغرب اليوم بالجلوس إلى طاولة تفاوض، فإن المنطق يفرض أن يكون ذلك على أسس جديدة، تتجاوز ثنائية الجبهة والجمهورية التي صنعتها الجزائر.
 
وأول هذه الأسس هو حل الدولة المزعومة وإلغاء عضويتها داخل الإتحاد الإفريقي لأنها ولدت بقرار سياسي أحادي خارج الشرعية الدولية. ولم تحظ أبدا باعتراف الأمم المتحدة. فكيف يمكن التفاوض على مستقبل إقليم، وفي الوقت نفسه القبول بوجود دولة فوق الورق تزعم أنها تمثل سكان هذا الإقليم؟
 
والأساس الثاني هو الطعن في شرعية البوليساريو كممثل وحيد للصحراويين، فهذه الحركة لا تحتكر أصوات أبناء الصحراء لأن جزءا كبيرا من الصحراويين يعيشون داخل المغرب، مندمجين في المؤسسات الوطنية ومنتخبين في المجالس الترابية ومشاركين في صياغة القرار المحلي. ومن تم فالشرعية التمثيلية اليوم تعود لصناديق الاقتراع والتنظيمات المدنية والقبلية لا لحركة مسلحة تأسست في مناخ الحرب الباردة.
 
أما الأساس الثالث، فيتمثل في الدور الذي يجب أن يلعبه القياديون والفاعلون الذين عادوا من تندوف واختاروا الإندماج في وطنهم المغرب. فهؤلاء يملكون بحكم تجربتهم ومصداقيتهم لدى جزء من الصحراويين مشروعية قوية لمنازعة البوليساريو في ادعاء التمثيلية المطلقة. ومن شأن الدفع بهؤلاء إلى الواجهة أن ينسف احتكار الجزائر للجبهة ويعيد الاعتبار لتعددية الأصوات الصحراوية المغربية.
 
إن التفاوض من أجل حل سياسي واقعي ليس مرفوضا في حد ذاته، لكن شروطه يجب أن تبنى على إزالة موانعه الحقيقية التي نصبها النظام الجزائري متمثلة في جمهورية ورقية زج بها قسرا في الاتحاد الافريقي، وحركة عسكرية نصبت نفسها وصيا على مجموعة من السكان المحاصرين في مخيمات أقيمت منذ أكثر من نصف قرن على أراضي جزائرية.
 
إن المغرب اليوم في موقع قوة دبلوماسيا وتنمويا، وأي عودة الى الطاولة ينبغي أن تعكس هذه الحقيقة. فلا تفاوض إلا على أسس جديدة: لا جبهة ولا جمهورية. وحل سياسي تحت السيادة المغربية يفتح أفق الحكم الذاتي ويعيد القرار إلى من يستحقه فعلا، وهم السكان المغاربة الصحراويون الحقيقيون، لا الوافدين من موريتانيا ومالي وحتى جزائريي تيندوف الذين تم إقحاهم في المخيمات، لضمان استمرار السيطرة الجزائرية في الحال والاستقبال على الكيان الوهمي.