حملت بداية الموسم الكروي الجديد أجواء استثنائية لمدينة الفقيه بن صالح، بعدما افتتح فريق الاتحاد مشواره بالتعادل السلبي خارج الميدان أمام أمل الصويرة الأسبوع الماضي، في لقاء تميز بالتنقل الكبير لجماهيره رغم طول المسافة.
وفي ثاني المباريات على أرضه، يوم السبت 27 شتنبر 2025، استقبل الاتحاد فريق اتحاد زاكورة وانتهت المواجهة بالتعادل الإيجابي (1-1)، بعدما افتتح المحليون التسجيل قبل أن يعادل الضيوف الكفة.
غير أن الحدث الأبرز لم يكن في النتيجتين، بل في المشهد المميز الذي صنعته الجماهير الوفية التي حجت بأعداد كبيرة لدعم الفريق، وفي مقدمتها مجموعة «Ultra Ragazzi»، التي ملأت مدرجات الملعب البلدي وأكدت مجددا أن التشجيع في الفقيه بن صالح ليس مجرد هتافات، بل ثقافة وهوية وانتماء لتاريخ عريق.
تأسست هذه المجموعة بتاريخ 10 أبريل 2006 كأول ألتراس بالجهة، ومنذ ذلك الحين وهي ترسم أسلوبا جديدا في التشجيع، يقوم على الإبداع والتنظيم والاستقلالية. وجاء حضورها في المدرجات هذه المرة ليجدد التأكيد على أن هذه المبادئ لا تزال حاضرة بقوة، من خلال الأهازيج، الشعارات، والتيفوات التي رفعت الحماس إلى أعلى مستوياته. فقد ظل الجمهور يساند اللاعبين طوال 90 دقيقة، حاملا معه رسائل واضحة عن الولاء والوفاء للنادي.
وما يميز هذه التجربة أن المجموعة حافظت دوما على مسافة عن أي مصالح شخصية، متمسكة باستقلاليتها المادية والمعنوية، معتبرة نفسها ملكا للجماهير وحدها. وهي تعتمد على التمويل الذاتي ومنتجاتها الخاصة، كما دأبت على تنظيم مبادرات اجتماعية موازية، كحملات التبرع بالدم، وزيارات دور الأيتام، وتنظيف المقابر. وهو ما جعلها جزءا من نسيج المدينة وذاكرتها الجماعية، تعكس روح الانتماء والوطنية. ويصل عدد منخرطي Ultra Ragazzi إلى ما يفوق 500 عضو، من داخل المغرب وخارجه.
الحضور القوي في المباريات الأولى من الموسم أعطى بعدا خاصا لانطلاقة الفريق، ليس فقط لأن النتائج أظهرت إشارات على التطور بثبات، ولكن لأن الجماهير وجهت رسالة دعم واضحة إلى إدارة النادي واللاعبين، مضمونها أن الطموح مشروع وأن الطريق نحو الأفضل يمر عبر وحدة الصف وتلاحم كل المكونات.
وعلى المستوى التقني، عزز الاتحاد تركيبته بلاعبين جدد بعد انتخاب الرئيس الجديد محمد الأيوبي، في خطوة يراهن عليها المتابعون لتمنح الفريق قوة إضافية خلال الجولات المقبلة.
تاريخ الاتحاد حاضر بدوره في هذه المرحلة، فقد سبق له أن حقق إنجازات بارزة، من بينها اللعب في القسم الوطني الأول وبلوغ نصف نهائي كأس العرش، كما كان منافسا شرسا لعدة أندية كبيرة مثل الرجاء الرياضي، الوداد الرياضي، الجيش الملكي، والنادي القنيطري. وهو رصيد يمنح جمهوره دافعا إضافيا للحلم بعودة مماثلة.
وفي السياق ذاته، يعرف النادي اليوم دينامية جديدة مع انخراط كفاءات من أبناء المدينة بالداخل والخارج، ما يعكس حرص الجميع على مواصلة البناء وتكريس الاستمرارية.
مباراتا الصويرة والفقيه بن صالح، رغم أنهما انتهتا بالتعادل، شكلتا مؤشرا على أن الاتحاد يعيش بداية عهد متجدد، عنوانه الأبرز هو الجمهور، وروحه النابضة هي Ultra Ragazzi. أما الطموح فهو قائم كأفق جماعي تتقاسمه كل المكونات، دون استعجال أو قفز على المراحل، بل بإيمان راسخ أن المستقبل يُبنى خطوة بخطوة وبالتفاف المدينة كلها حول فريقها.