مع الدخول الاجتماعي، تفجرت بعض الحركات الاحتجاجية في عدد من المناطق، غاضبة من الوضع الكارثي لقطاع الصحة الذي يعاني منذ عقود طويلة من أمراض أصبحت مزمنة ولا ينفع معها أي دواء.
وقد كانت البداية من مدينة أكادير، حيث خرج العديد من المواطنين للاحتجاج من أجل عدالة صحية وتوفير خدمات في مستوى تطلعاتهم. وإذا كان بعض سكان أكادير وغيرهم قد رفعوا أصواتهم احتجاجاً، فإن العديد من المواطنين يعانون في صمت في مدن أخرى بسبب ضعف الخدمات والاختلالات التي يعرفها واحد من القطاعات الحيوية في البلاد.
جمال كريمي بنشقرون، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أكد في تصريح لـ"أنفاس بريس" أن الحركات الاحتجاجية العفوية تنم عن سخط جماهيري شعبي ضد سياسة الحكومة، مشدداً على أن الواقع الصحي المزري واضح للعموم، وأن أزمة قطاع الصحة توالت في السنوات الأخيرة رغم المجهودات التي بذلتها الحكومات الماضية.
وأوضح بنشقرون أنه رغم محدودية الدعم المالي التي تحتاجه الصحة، والخصاص الكبير في الموارد البشرية والتجهيزات، اليوم كان لابد أن تكون هناك استراتيجية واقعية تنظر بعمق إلى كل ما هو عمومي وخدماتي في الصحة والتعليم.
وقال : "الاحتجاج السلمي مطلب أساسي في الديمقراطية، وعلى الفاعل الحكومي والذي يدبر الشأن العام الترابي أن ينصت ويتفاعل مع ذلك، وما حدث في آيت بوكماز حينما خرج المواطنون في مسيرة احتجاجية نحو مقر العمالة حيث تفاعل العامل مع مطالبهم".
كما شدد على أن هناك تفاوتات في السياسة الصحية في البلاد، وموجة ليبرالية متوحشة في هذا القطاع، فقد انتشرت، حسب رأيه، المصحات الخاصة في عهد هذه الحكومة بشكل رهيب، حيث إن بعضها يتم إحداثه أمام مستشفى جهوي أو إقليمي عمومي، مع استغلال الموارد البشرية العمومية، ويتم استغلال الضعفاء من هذا الوطن، خاصة المنخرطين في صناديق التعاضد الاجتماعي أو التغطية الصحية، من أجل استنزاف موارد هذه الصناديق من طرف القطاع الخاص. وتحولت المستشفيات العمومية إلى محطات للوساطة نحو القطاع الخاص، وهناك من يلعب هذا الدور من الأطر الصحية والتمريضية، حتى أصبحنا، والكلام دائما لكريم بنشقرون، في وكر من التجارة الصحية بعيداً عن نبل هذه المهنة، بشكل يبين أننا تخلينا عن الحس الاجتماعي في قطاع الصحة والتعليم، لأن التجارة في هذين المجالين تعني التخلي عن الحس الاجتماعي ونبل هذين القطاعين.
وقال: " الأمر يتطلب صرامة ودقة في المراقبة والحكامة وتعيين مسؤولين قادرين على العطاء والخدمة، وتعزيز الموارد البشرية وتعزيز ميزانية الدولة في هذا الباب، لأن مؤلماً ما نراه في بعض المستشفيات وخاصة في أقسام المستعجلات، وبعض المواعيد قد تصل إلى سنة في بعض الأحيان. ورغم وجود مجهودات استمراراً لما قامت به الحكومات السابقة، خاصة أننا نحن في حزب التقدم والاشتراكية نفتخر بما قدمه الحسن الوردي في هذا المجال، فإن الحكومة الحالية تنفذ ما أقرته الحكومات السابقة بخصوص تعزيز البنيات التحتية في القطاع".
وانتقد بنشقرون واقع المستشفيات في المناطق النائية قائلاً: "لا يعقل في مغرب القرن 21 أن نجد مواطنين يعيشون في مناطق تعتبر نائية بعيدة عن المركز، ليس في مستشفياتهم أو مراكزهم الصحية طبيب أو ممرض، وأن الأمر يتعلق بنايات مغلقة، وعليهم قطع المئات من الكيلومترات للعلاج ولن يجدوا ذلك".
وأكد أن "الحكومة الحالية مسؤولة، والقطاع الوصي لابد أن يكون واقعياً، والزيارات التي يقوم بها وزير الصحة ذر الرماد في العيون، حيث يجب أن تكون هناك مراقبة دائمة على مدار الساعة واليوم والشهر والسنة، وأن يكون هناك دور مركزي ولامركزي، ولا يرتبط ذلك بوقوع احتجاجات ونذهب إلى عين المكان لإطفاء النار ويصبح المسؤول السياسي إطفائياً".
وأبرز أن يتم اليوم قمع هذه الاحتجاجات وهذا أمر مرفوض، لأنه لابد من ترك المواطن يعبر عما يضايقه ويتحملون مسؤوليتهم في اختيار من يدبرون شؤون البلاد، وأن يقوموا برد فعل قوي وهو محاكمة هذه الحكومة من خلال صناديق الاقتراع، مما يطل بروز حكومة اجتماعية حقيقية تحمل بمعنى الكلمة شعار الدولة الاجتماعية الذي ترفعه هذه الحكومة، وهي للأسف بعيدة عنه، لأنها حكومة ليبرالية همها الربح والتجارة في كل شيء، وهذا ما نلاحظه في القطاع الخاص الذي أصبح يسيطر ويمتد إلى قطاعات اجتماعية، بل الأكثر سياسية تضارب المصالح لمراكمة الثروات.