Saturday 20 September 2025
مجتمع

هل سيتحول الاستثمار في كرة القدم إلى شجرة تخفي أعطاب المغرب؟

هل سيتحول الاستثمار في كرة القدم إلى شجرة تخفي أعطاب المغرب؟ الاستثمار في الملاعب بين وهم الصورة وحقيقة الأعطاب الاجتماعية
عاش المواطن المغربي في الأيام الأخيرة مفارقة أثارت الكثير من الجدل، فبعد أن سعد بالإنجاز الذي تحقق في ملعب مولاي عبد الله بالرباط، الذي تمت إعادة هيكلته استعداداً لكأس إفريقيا التي ستقام بالمغرب بعد أسابيع قليلة، استفاق على واقعة مستشفى "الموت" بأكادير، التي تلخص الوضعية الكارثية التي يعيشها القطاع الصحي في البلاد.

هذا الواقع جعل العديد من الأسئلة تُطرح: أيهما أولى صرف الأموال الباهظة في بناء الملاعب أم في بناء المستشفيات وتجهيزها بأحسن المعدات؟ ولماذا أصبحت كرة القدم تهيمن على الاستثمارات الكبرى؟ وهل كأس العالم يحتاج فقط إلى ملاعب، أم لابد أيضاً من الاهتمام بباقي القطاعات الأخرى بنفس الحجم؟
 
 
محمد حركات، الباحث في إعداد الحكامة، أكد في تصريح لـ "أنفاس بريس" أن أحداً لا ينكر أهمية الرياضة في دعم روح المنافسة والشفافية في اللعب والحفاظ على صحة الشباب، إضافة إلى ما تحمله من رسائل تربوية وأخلاقية وإشعاعية ودبلوماسية. 
 
وأضاف أن على الحكومة، قبل التفكير في الرياضة، أن تضع لوحة شاملة تسجل فيها جميع القطاعات لمعرفة القطاعات التي لم تأخذ حقها، مؤكداً أنه لو تم القيام بهذا العمل لبلغ المغرب مستوى عالياً من الرقي.
 
 وأشار حركات  أن قانون مالية 2026 أظهر اهتماماً بالجانب الرياضي بسبب كأس إفريقيا والاستعداد لكأس العالم 2030، غير أن هناك مفارقة كبيرة بين ما تم إحداثه في ملعب الأمير مولاي عبد الله وبين ما تعرفه المدارس والمستشفيات من ضعف في التجهيزات، ما جعل العديد من المواطنين يعزفون عن التوجه إلى المستشفيات.
 
وأكد أن ميزانية الرياضة لا يمكن أن تفوق بكثير ما هو مخصص للثقافة والبحث العلمي، معتبراً أن هذا الأمر غير معقول، لأن قوة البلد تقاس بالناتج الداخلي الخام. 

وانتقد كذلك تركيز البنيات التحتية على محور طنجة–أكادير، في حين أن بعض المدن لا تزال غير مربوطة بشبكة القطار.

 وقال حركات: "لا يعقل أن تحتل بلادنا المرتبة 130 في التنمية البشرية، فهذا لا يبرر أي إنجاز حتى ولو فزنا بكأس العالم، والدليل على ذلك دول أمريكا الجنوبية".
 
وأضاف أن المغرب بحاجة إلى البحث العلمي والتكنولوجيا ومواجهة تحديات الاختراق السيبراني، مبرزاً أن العالم والأستاذ والباحث يجب أن يُمجدوا بنفس القدر الذي يُمجد به اللاعب. 

وزاد قائلا: "لا يعقل أن نهتم بالرياضة ونترك المدرسة، فالتحدي الحالي هو محاربة الأمية ودخول مجتمع المعرفة، إلى جانب القضاء على الفقر".
 
عبد الله أباعقيل، نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، أكد أن ما وقع في مستشفى أكادير هو جواب على سياسة الاستثمار في "صالون الضياف" ونسيان "المطبخ"، وهو ما ينطبق على الملاعب الكبرى، حيث يتم التركيز فقط على الصورة وإهمال العديد من الاستثمارات التي تعود بالنفع المباشر على المواطنين.
 
وأضاف أن ما جرى في أكادير له رمزية خاصة كون رئيس الحكومة هو أيضاً عمدة المدينة، لكن الأمر نفسه وقع في مدن أخرى. وأكد أن بناء الملاعب يدخل ضمن الاستثمارات الرياضية، لكنه لا يخدم الشعب المغربي، لأنها أُنجزت أساساً لترويج صورة البلاد في الخارج.