الخميس 28 مارس 2024
سياسة

عندما نجا الراحل عبد الله باها.. من الموت المحقق

عندما نجا الراحل عبد الله باها.. من الموت المحقق

لا يكاد فرع من فروع حزب العدالة والتنمية لم يحل فيه الراحل عبد الله باها من طنجة إلى الداخلة ومن وجدة إلى السمارة، فحكم مسؤولياته الحزبية، كان يتنقل باستمرار زائرا ومؤطرا، وتبقى الذاكرة الصحراوية تحتفظ له بحادثة مميتة شاءت الأقدار الإلهية أن يقبض الله روح مرافقيه في السيارة ليرجئ أجله إلى حين..

كانت الأقاليم الصحراوية تغلي بالبدايات الأولى من الاحتجاجات في أكتوبر 2005، وكان مد البوليساريو حاضرا بقوة وراء احتجاجات العيون والسمارة والداخلة، احتجاجات أسفرت فيما بعد عن مصرع المواطن الصحراوي حمدي لمباركي، ومن منطلق دورها في تأطير المواطنين نظمت عدد من الأحزاب قافلة صلة الرحم، وكانت الأحزاب المشاركة فيها العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والحزب الوطني الديمقراطي، وكانت القافلة انطلقت من كلميم لتشمل جل الأقاليم الصحراوية، ونظمت ندوات ولقاءات مفتوحة مع الشباب والفاعلية الجمعويين..

الخميس 27 أكتوبر 2005، كان الراحل عبد الله باها والذي كان يشغل حينها رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، بمدينة العيون رفقة سعد الدين العثماني (الأمين العام للحزب آنذاك) إلى جانب لحسن الداودي، ومناضلي الحزب في الأقاليم الصحراوية من بينهم محمد سالم لبيهي وإبراهيم الضعيف وعبد الله برو المعروف بالدكتور.. تناولوا العشاء جميعا بفيلا الشيخ محمد اركيبي الذي كان ابنه سيدي أحمد اركيبي المعروف بالراكب، ضمن قافلة صلة الرحم ممثلا للحزب الوطني الديمقراطي باعتباره كان عضوا بالمكتب السياسي، إلى جانب زميله في الحزب عبد الواحد الهدالي، كانت ليلتها ضمن العشر الأواخر من شهر رمضان، واتفق الجميع على خطة الانتشار تفعيل لروح القافلة وهي صلة الرحم، في اليوم الموالي توجه لحسن الداودي عبر الطريق نحو الداخلة، فيما قام الراحل باها والعثماني بجولة عبر المدينة.. بعد أداء صلاة الجمعة، توجه سيارة تقل الراحل باها وبرو والراكب والعدالة نحو مدينة السمارة، قصد تأطير لقاء تواصلي، فيما ظل العثماني بالعيون لأنه كان ملتزما بإلقاء محاضرة حول الوحدة الترابية مساء ذلك اليوم بقاعة المؤتمرات..

جلس الراحل عبد الله باها إلى جانب السائق الركيبي الراكب، وفي الخلف جلس الدكتور برو الذي كان يشغل المنسق الجهوي لحزب المصباح بكلميم السمارة، وإلى جانبه الهدالي، تبادل الأربعة أطراف الحديث فيما كانت السيارة تبتلع الطريق نحو الموت.. وفي السمارة كانت الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال ممثلي قافلة صلة الرحم

.. "الله أكبر، إنا لله وإنا إليه راجعون"، انتفض العثماني وهو يرد على مكالمة هاتفية، بينما كان في لقاء داخلي مع بعض مناضلي حزب "المصباح"، في الطرف الآخر من المكالمة كان صوت الراحل عبد الله باها يصدر بشكل متأثر، فعلى بعد سنتمرات من جانبه الأيسر كان ملك الموت قد قبض روح سيدي أحمد الراكب، وفي المقعد الخلفي كانت الدكتور برو يحتضر..

ماذا وقع؟ على بعد 20 كيلومترا من السمارة وقبيل موعد الإفطار، فقد السائق السيطرة على السيارة لتنقلب عددا من المرات، وبأعجوبة نجا باها والهدالي، من موت محقق، أصيب الإثنان بجروح وكدمات، وبصعوبة بالغة خرجا من السيارة، ليعلم رفاقهم بما حدث، تحركت المكالمات الهاتفية وحل الدرك الملكي والوقاية المدنية بعين المكان، فيما كان العثماني ومناضلي الحزب وأقارب الهالكين في الطريق نحو مكان الحادث، وفي الوقت الذي تم فيه نقل جثمان سيدي أحمد الراكب نحو العيون، نقل جثمان الدكتور برو نحو مسقط رأسه بأربعاء مستي بإقليم إفني، فيما خصصت طائرة لنقل المصابين نحو المستشفى العسكري بالرباط قصد تلقي العلاجات، حيث ظل الراحل عبد الله باها متوعكا في يده اليسرى إلى السنوات الأخيرة..

بين مغرب يوم الجمعة 28 أكتوبر 2005، ومغرب يوم الأحد 7 دجنبر 2014، تسع سنوات كانت بمثابة تمديد لعمر الراحل عبد الله باها، ومع ذلك كان من الناجين منذ أقل من سنة من حادثة سير بطريق تيفلت، وهو ما ظل يتندر به مع إخوانه في اللقاءات الحزبية بالقول "أنه قدم استئنافا لحكم الموت"، لكن هذه المرة شاءت الأقدار الإلهية أن يكون حكم الموت غير قابل للنقض..