Wednesday 13 August 2025
منبر أنفاس

عبد العالي بلقايد: المشيخة...حضور المأسسة عبر الأعراف عند الموسيقيين التقليديين

 
 
عبد العالي بلقايد: المشيخة...حضور المأسسة عبر الأعراف عند الموسيقيين التقليديين عبد العالي بلقايد
سأتناول هذه التيمة عبر الأعمال الإجتماعية التي يقوم بها من تشبعوا بأخلاقيات طابعة للناس الذين يزاولون مهنة موسيقي تقليدي وهي تبدو عامة لكل ممارسي هذا الفن في جميع ربوع البلاد .

كذلك رمزية النزاهة التي دأب الممارسون على إحيائها سنويا إما بالبيضاء أو مراكش أو في مناطق اخرى من الوطن .

ما يثير التعاطي مع هذه الإشكالية هو النقاش الذي انتشر كالنار في الهشيم بين الفنانين حول طريقة تهافت الكثيرين للمشاركة في المهرجانات المنظمة سواء من طرف إتصالات المغرب أو الجماعات المحلية وقد خلف الأمر احتكاكا قد يبدو غير مقبول في حق من يريد التواصل مع فنانين من رواد التواصل الإجتماعي الذي يريدون بيانات يعززون بها صفحاتهم وهذا أمر قد كان على الكل تفهمه لتشجيع هذه الفئة من الشباب التي تريد تشغيل ذاتها.

إن البعد الإجتماعي غير حاضر عند الكثيرين من الفنانين بحكم قطيعتهم مع أعراف المشيخة التي تستحضر هذا البعد بحكم الأعراف التي كانت تتشبت بالتٱزر بين الفنانين، فمجموعة المخاليف أوالرما بالحوز دأبوا على وضع جزء من مداخيل لفراجة بصندوق للمساهمة مع من يمر بضائقة أو بعض عوارض الزمن كالمرض أو غيره ...

البعد الإجتماعي كان ضمن السلوك الطابع لكثير من الشيخات
لربما لحسهم المرهف وامتلاكهم لوعي إجتماعي يجعلهم ينخرطون في الكثير من الفعاليات الإجتماعية كتربية الكثير من الأيتام، وأذكر هنا المرحومة الحاجة القربابية والحاج لحميدية من مدينة ابن جرير.

ماذا لو انخرط فنانونا الحاليين في العمل الإجتماعي سيكون الأمر محمودا مادامت مداخيلهم بهذه المهرجانات تعد بالملايين سيكونون بذلك يسيرون على نهج الشركات/المواطنة. أو على الأقل انتهاج نفس النهج الذي يطبع ممارسة مشيخة الموسيقى التقليدية ، الأمر لا يعدم حالات استثنائية التي لها وقع طيب خاصة بمدينة ابن جرير مشهود لها بأعمال اجتماعية متنوعة الغايات، وهذا يقوم به فنان مشهور بشكل دائم وفي المناسبات ،تعمدت عدم ذكر اسمه لانه يقوم بهذا الصنيع دون بهرجة.

إن العمل الإجتماعي كان يطبع كذلك من يمارس الصنائع لأن هذا العمل تفرضه سنن العمران البشري القائم على وحدة الفاعلين الإجتماعيين وانتفاء التفاوتات الإجتماعية مما يفرض اللحمة بين الناس عكس المجتمعات الإنقسامية وهو سلوك تغذيه وتزكيه عرفانية تمتد بسائر مناطق المغرب انطلاقا من الجبل مرورا بالسهل.

وهو ما يجعل الموسيقى التقليدية تخاطب الروح وما وراء المحسوس والملموس يغلب عليها الطابع الطقوسي والإحتفالي فهي تبدو من خلال تمظهراتها الشعائرية التي كانت تمارس في البدايات.

النزاهة من الممارسات التي دأب الموسيقيين التقليديين على إحيائها سنويا وكأنه منتدى وملتقى فني يكون مناسبة يلتقي فيه الفنانون لغاية خلق الألفة بينهم ومناقشة قضايا المهنة بشكل غير مباشر مع تقديم عروض موسيقية يستفيد منها المبتدئين.

وقد كان الملتقى الأخير بمدينة مراكش مدارة فنية تقاطعت من خلال فعالياته الكثير من التجارب وأداء موسيقيين مشهود لهم بالإبداع في الموسيقى التقليدية كالفنان حجيب، وستاتي، ولد مبارك، و ولد الصوبة، و الميلس... وقد لعبت في هذا الملتقى دورا كبيرا الفنانة عزيزة من حيث التنظيم وتوفير ظروف الراحة للفنانين.

هذا الملتقى يجب أن يعرف تحولا نحو المأسسة كما يفرض على المؤسسات ذات الصلة أن توليه الإهتمام اللازم لأنه هو الحاضنة للتراثنا اللامادي في الجانب الموسيقي ويمثل فرصة للتداول في قضاياها من طرف الفنانين وبحث تطويرها لكي تلج العالمية والترافع في شأنها لكي تصبح ضمن لائحة التراث العالمي اللامادي من حيث تصنيف اليونيسكو .

إن شكل التنظيم الذي يتعالق مع صور إحياء المناسبات والطقوس بالعالم القديم : كالمواسم، المعروف، الليلة الكناوية، فبذلك تبقى نزاهة تراثا لاماديا يجب الحفاظ عليه مع تطويره ومأسسته لكي يستجيب لقضايا الٱن والهنا.