Tuesday 22 July 2025
مجتمع

وما خفي أعظم في تبديد المال العام بجماعة وزان!

وما خفي أعظم في تبديد المال العام بجماعة وزان! مشهد من وزان
ما هي المسافة الفاصلة بين تدبير الشأن الترابي لجماعة وزان والحكامة الرشيدة؟ هل الأحزاب الممثلة بمجلس الجماعة مطمئنة قياداتها إلى شفافية وسلامة صرف ميزانية الجماعة؟
وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا الصمت، والاكتفاء بالضرب تحت الحزام، وعدم امتلاك البعض الشجاعة للجهر بما هو صحيح من معلومات، والاكتفاء بترويجها في المجالس الخاصة، وهم يعلمون بأن المجالس أمانة؟
ما خفي أعظم، لأن تضاريس الوصول إلى الحقيقة بكل تفاصيلها جد وعرة، وتبقى وحدها المؤسسات الدستورية (المجلس الأعلى للحسابات) والمفتشية العامة بوزارتي المالية والداخلية، من تملك الرادارات القانونية لتحديد الاختلالات المالية والإدارية.
لكن "النهار الزين من صباحو"، كما تقول الحكمة الشعبية. لذلك سنكتفي في هذه الجولة الإعلامية القصيرة، بالتوقف عند بعض محطات الاعتمادات المالية، لنكشف عن تدبيرها الذي يتم خارج القانون. وهو مؤشر كافٍ على أن الجسد المالي للجماعة الترابية عليل، وأنه في حاجة ماسة إلى تدخل الخبراء لضبط درجة تمدد العلّة في الجسد الإداري والمالي، والتعجيل بتحديد وصفة العلاج!
تدخل لا بد منه من أجل مصالحة أهل دار الضمانة مع صناديق الاقتراع في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، والتي دخل سباقها مبكرًا وجوهٌ كان لها نصيب وافر في استدامة إقصاء الإقليم وتهميشه.
فلنسلّط الضوء على الاعتماد المالي بميزانية جماعة وزان المخصص للتغذية. وبالمناسبة، كل الإدارات العمومية تفتح في ميزانيتها اعتمادًا مخصصًا للتغذية، إلا أن صرفه يخضع للعديد من الضوابط والشروط. ومتى تم فتحه على عواهنه أمام كل من هبّ ودبّ، فإن الآمر بالصرف يكون محط مساءلة قانونية.
المعلومات التي تتوفر عليها جريدة "أنفاس بريس"، من مصادر جد مطلعة، تفيد بأن الاعتماد المالي المذكور في ميزانية جماعة وزان لا يخضع لصرف حكيم! فكثيرًا ما يستفيد منه هذا العضو أو تلك العضوة في مجلس الجماعة، وغيرهم "بلا حساب"، من خارج المجلس وبدون مناسبة أو سياق!
وتضيف نفس المصادر أن الأمر وصل إلى حدّ تحزيب الاستفادة.
ولكي لا يتهمنا البعض بالتحامل على مجلس وزان، وإنصافًا للحقيقة، فليس وحده اعتماد التغذية بميزانية جماعة وزان من يطاله التحزيب، بل كثيرة هي الأنشطة الحزبية لجماعات ترابية أخرى التي تم تمويلها من المال العام بهذه الجماعة أو تلك.
وإذا ما شكّك البعض فيما أفادت به مصادر منبرنا، فإن "عيب البحيرة تفتاشها". بمعنى أدق، على مجلس جماعة وزان، وباقي المجالس الجماعية بالإقليم، الكشف عن سجل بأسماء الأشخاص الذين تناولوا وجباتهم الغذائية، واستفادوا من المبيت على حساب المال العام، وعلاقة ذلك بالحق في الحصول على هذه الخدمة.
الاعتماد المالي الثاني في ميزانية جماعة دار الضمانة يتعلق بالبنزين، الذي من دونه لن تدور عجلات تدبير شؤون المدينة المترهلة المفاصل.
حكايات كثيرة ترتبط بهذا الباب، منها ما يشير إلى أن "شاط الخير على زعير"، أي إن الجماعة تتكفل أحيانًا بتوفير خدمة النقل "المريح والبيليكي" لمن يمثل دائرة وزان في المؤسسة التشريعية، ولأعضاء المجلس لقضاء مآربهم الخاصة!
ولكي لا نكون ظالمين لمجلس جماعة وزان، فإنه رغم انزلاقاته أحيانًا خارج القانون، لا تصل درجة خطورتها إلى تلك التي يعرفها تسيير عدد من الجماعات الترابية الأخرى بالإقليم، ومجموعة الجماعات التي وصل الحدّ بالبعض فيها إلى وضع سيارات الجماعة أو مجموعة الجماعات رهن إشارة الزوج(ة)...
عيون أهل وزان لا تكذب... أسطول من السيارات يحمل رمز (ج)، ينتقل بين جماعات الإقليم وحيث يسكن رؤساؤها ونوابهم المفوض لهم بالتوقيع على بعض الوثائق.
فهل يجوز هذا يا سادة؟ وهل يجوز حمل وثائق رسمية والسفر بها بعيدًا عن مقر الجماعة (ومنها من يستقر خارج الجهة والإقليم) من أجل التوقيع؟
هذه شذرات من واقع جماعي بئيس... تبذير للمال العام في زمن الأزمة الخانقة التي تضرب مالية البلاد، بسبب العديد من العوامل...
يحدث هذا التبديد هنا، بدار الضمانة، كما يحدث بغيرها في غالبية الجماعات الترابية والقطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية على امتداد التراب الوطني.
ويحدث كذلك ونحن على مسافة قصيرة من الخطاب الملكي عن "الجدية حافزنا".
هذا قليل من كثير مما فجره أحد الأعضاء في آخر دورة استثنائية عقدها مجلس جماعة وزان قبل أيام.
ما أرحب مساحة الحديث عن الحكامة الرشيدة بوزان مدينةً وإقليماً... ولكن ما أضيق بقعة التنزيل حين تتشابك المصالح...