Saturday 12 July 2025
اقتصاد

عبد الحكيم الزاوي: الصيف فرصة لتضخيم الأرصدة البنكية للوبي السياحة وإنعاش سوق الغش والاحتيال على المواطن

عبد الحكيم الزاوي: الصيف فرصة لتضخيم الأرصدة البنكية للوبي السياحة وإنعاش سوق الغش والاحتيال على المواطن عبد الحكيم الزاوي
من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ،‭ ‬الصَّيف‭ ‬هو‭ ‬فُسحة‭ ‬زمنية‭ ‬مُقتطعة‭ ‬من‭ ‬سيولة‭ ‬زمنية‭ ‬شاقة‭ ‬ومليئة‭ ‬بالأشغال‭ ‬الخانقة‭ ‬والأجندات‭ ‬المكتظة‭...‬ولحظة‭ ‬هروب‭ ‬فردي‭ ‬أو‭ ‬جماعي‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬خانقة،‭ ‬ومن‭ ‬روتين‭ ‬معيش‭ ‬يومي‭ ‬مندور‭ ‬بالالتزامات‭ ‬والواجبات‭ ‬والاكراهات‭...‬في‭ ‬شأن‭ ‬ذلك،‭ ‬انتبهت‭ ‬المجتمعات‭ ‬الصناعية‭ ‬الحديثة‭ ‬إلى‭ ‬صدى‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية،‭ ‬وراهنت‭ ‬عليها‭ ‬لتحرير‭ ‬الطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬الحمولات‭ ‬السلبية‭ ‬ودفعها‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬النَّفس‭ ‬واستعادة‭ ‬الروح‭ ‬وترميم‭ ‬الإنهيارات‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭...‬من‭ ‬حيث‭ ‬الواقع،‭ ‬الصَّيف‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬مُنتهزَة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬لوبيات‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬يؤدي‭ ‬وظيفة‭ ‬تضخيم‭ ‬الأرصدة‭ ‬البنكية‭ ‬وإنعاش‭ ‬سوق‭ ‬الغش‭ ‬والاحتيال‭ ‬على‭ ‬المستهلكين،‭ ‬في‭ ‬المطاعم‭ ‬والفنادق‭ ‬والمقاهي‭ ‬ووسائل‭ ‬النقل‭...‬مُعظم‭ ‬الشكايات‭ ‬التي‭ ‬رُصدت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬تتعلق‭ ‬بتسجيل‭ ‬حالات‭ ‬تسمم‭ ‬غذائي،‭ ‬وممارسة‭ ‬التدليس‭ ‬والنصب‭ ‬والاحتيال‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية،‭ ‬وقد‭ ‬نزيد‭ ‬عنها،‭ ‬مشاكل‭ ‬صغيرة‭ ‬تصاحب‭ ‬أصحاب‭ ‬قطاع‭ ‬مواقف‭ ‬السيارات‭ ‬وأصحاب‭ ‬كراء‭ ‬المظلات‭ ‬الشمسية‭ ‬وغيرها‭...‬

‮ ‬جَرت‭ ‬العادة‭ ‬حينما‭ ‬يَحلُّ‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬أن‭ ‬تعترض‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬صعوبات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬عطلته‭ ‬الصيفية‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الأمر‭ ‬يحيل‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬مخصوص‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬والمكان،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الزمن‭ ‬الصيفي‭ ‬عند‭ ‬المغاربة‭...‬تبدأ‭ ‬هذه‭ ‬الصعوبات‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الوِجهة‭ ‬السياحية‭ ‬أولا،‭ ‬تم‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬الحجز‭ ‬وتدبير‭ ‬العمليات‭ ‬المرافقة‭ ‬لذلك‭ ‬ثانيا‭. ‬طبعا،‭ ‬هناك‭ ‬تحليلات‭ ‬سوسيولوجية‭ ‬تعمد‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬الوضع‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬التحليل‭ ‬الذي‭ ‬ينتهي‭ ‬إلى‭ ‬الإقرار‭ ‬بوجود‭ ‬تفاوت‭ ‬بين‭ ‬الطلب‭ ‬والعرض‭ ‬ينجم‭ ‬عنه‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬ونقص‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭...‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يُحصر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحليل،‭ ‬لأنه‭ ‬يُعَرِّي‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬البنية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الذي‭ ‬تدفع‭ ‬نحو‭ ‬انتاج‭ ‬وغرس‭ ‬سلوكات‭ ‬وممارسات‭ ‬تخدم‭ ‬واقع‭ ‬الاستفحاش‭ ‬الغلائي‭ ‬والتطبيع‭ ‬معه‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬نضال‭ ‬مدني‭ ‬تجاهه‭...‬يحدث‭ ‬الأمر،‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الدخول‭ ‬المدرسي‭ ‬مع‭ ‬رسوم‭ ‬التسجيل‭ ‬والأدوات‭ ‬المدرسية،‭ ‬وينتقل‭ ‬إلى‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬مع‭ ‬غلاء‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬ويصل‭ ‬إلى‭ ‬أضاحي‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬وينتهي‭ ‬عند‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭... ‬الأمر‭ ‬يُشبه‭ ‬سِلسلة‭ ‬زمنية‭ ‬متكررة‭ ‬باستمرار؛‭ ‬سلسلة‭ ‬خانقة‭ ‬يُمرَّرُ‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬المِشعل‭ ‬من‭ ‬مفترس‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬دورة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تناوبية‭.‬

بحلول‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬يزيد‭ ‬الطلب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬كراء‭ ‬الشقق‭ ‬والإقامات‭ ‬والفنادق،‭ ‬وعلى‭ ‬الخدمات‭ ‬الغذائية‭ ‬من‭ ‬مطاعم‭ ‬ومقاهي‭ ‬وفضاءات‭ ‬ترفيهية‭... ‬هنا،‭ ‬تنتهز‭ ‬هذه‭ ‬الفضاءات‭ ‬الفرصة‭ ‬لرفع‭ ‬الأثمنة‭ ‬تحت‭ ‬مبرر‭ ‬ادعائي‭ ‬يُكرر‭ ‬عبارة، وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يخلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الامتعاض‭ ‬والنفور‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬السياحية‭. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬ذات‭ ‬الجذب‭ ‬السياحي‭ ‬فقدت‭ ‬بريقها،‭ ‬فقط‭ ‬لأنها‭ ‬ترسخت‭ ‬بها‭ ‬ممارسات‭ ‬رأسمالية‭ ‬جشعة‭ ‬وسلوكات‭ ‬مافيوزية‭...‬في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬توجه‭ ‬آخر،‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬المغاربة‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬وِجهات‭ ‬سياحية‭ ‬بتكلفة‭ ‬مادية‭ ‬مقبولة‭ ‬مثل‭ ‬تركيا‭ ‬وإندونيسيا‭ ‬واسبانيا‭...‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يُ‭ ‬عاب‭ ‬على‭ ‬المشهد،‭ ‬غياب‭ ‬مراقبة‭ ‬دقيقة‭ ‬وصارمة‭ ‬لجودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للزبناء،‭ ‬ومراقبة‭ ‬مطابقتها‭ ‬للمعايير‭ ‬المطلوبة‭...‬يستدعي‭ ‬الأمر‭ ‬ترافعا‭ ‬مدنيا‭ ‬وحقوقيا‭ ‬وسياسيا‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تفعيل‭ ‬عمل‭ ‬جمعيات‭ ‬حماية‭ ‬المستهلك،‭ ‬وفتح‭ ‬رقم‭ ‬أخضر‭ ‬للتبليغ‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الممارسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الانتهازية،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬التصريح‭ ‬بالأسعار‭ ‬ضمانا‭ ‬للشفافية‭ ‬والوضوح‭ ‬والتنافسية‭...‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستهدف‭ ‬الترافع‭ ‬أيضا‭ ‬ضرورة‭ ‬خلق‭ ‬بِنية‭ ‬تنظيمية‭ ‬يُعهَد‭ ‬لها‭ ‬بتتبع‭ ‬ومراقبة‭ ‬النشاط‭ ‬السياحي‭ ‬الداخلي‭. ‬للأسف،‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬هيكل‭ ‬تنظيمي‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بمواكبة‭ ‬الاختلالات‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬وبتفعيل‭ ‬المساطر‭ ‬القانونية‭ ‬وضمان‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية‭ ‬المقدمة‭...‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تنويع‭ ‬العرض‭ ‬السياحي‭ ‬وجعله‭ ‬متناسبا‭ ‬مع‭ ‬القدرات‭ ‬الشرائية‭ ‬لمجموع‭ ‬المواطنين‭.‬

يتوجّب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الواجهة‭ ‬دعم‭ ‬قدرات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬المشاركة‭ ‬التّدخلية‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الذي‭ ‬يخص‭ ‬الحضور‭ ‬المكثف‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬حقوق‭ ‬المستهلكين‭ ‬والمرتفقين‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ودعم‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬التدبير‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬السياحة‭ ‬بشكل‭ ‬تشاركي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للسلامة‭ ‬الصحية‭ ‬والمكاتب‭ ‬الصحية‭ ‬الجماعية‭ ‬بموارد‭ ‬بشرية‭ ‬مُؤهلة‭ ‬لتتبع‭ ‬الاختلالات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عزم‮ ‬‭ ‬البلد‭ ‬على‭ ‬احتضان‭ ‬تظاهرات‭ ‬عالمية‭ ‬ستجعل‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬بوابة‭ ‬سياحية‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع‭.