ما الذي يجمع بين "مالي"، التي تطالب بحقوق المثليين وبالإفطار في رمضان، ومن يطالب بدولة الخلافة، وبين بعض مدعي الدفاع عن الأمازيغية، ثم مناضلي اليسار الراديكالي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟. الذي يجمع بينهم، كما اتضح، ذلك، في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي احتضنته مراكش بين الجمعة والأحد (28/30 نونبر 2014)، هو التموقف المسبق من أي مشروع يخدم المصلحة المغربية، تماما بذات الشكل الذي يحدث في الجزائر وعند بعض المؤسسات المعلومة، في باريس وفي الجنوب الفرنسي (إكس أونبروفانس مثلا) التي لا يزال يحركها منطق الوصاية والتعالي الإستعماري، كلما تعلق الأمر بالمغرب الكبير.
في مواقف مماثلة، أساسي أن يتذكر الإنسان بعض الأمثال المغربية، التي اجتهد أباؤنا وأجدادنا في ابتكارها، التي يليق بالمقام المراكشي هنا أن نستحضر منها ذلك الذي يقول: "إذا كان الحمق تايضرب بالحجر، مول العقل ما يديهاش فيه". وهذا هو الذي جرى في مراكش خلال أيام المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، حيث امتلك السعار الجزائر والبوليزاريو، وأيضا مجموعة "الكوديسا" التي هي تابعة لهما وتمول من قبلهما في بعض مدننا الصحراوية الجنوبية، وامتلك السعار أيضا "أبطالا يحاولون مجدا حامضا" في المجموعات التي ذكرنا أعلاه. فوقع للأسف الشبيه على الشبيه في توحدهم ضد المصالح القومية العليا للمغاربة. واكتشف ضيوف المغرب من مختلف حساسيات الملف الحقوقي عالميا، المسافة بين خطابات البعض وحقيقة ما يمثلونه على أرض الواقع، و اكتشفوا أيضا أن الدولة المغربية، القوية بمؤسساتها الدستورية، أنضج بكثير من أن تقع في ما يحلم به هؤلاء وأولئك، من منحهم فرصة لعب دور الضحية، بل إنه تركهم يعبرون بوضوح عن حجمهم الحقيقي الصغير. وبذلك نجح المغرب نجاحا تاما، في احتضانه للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، لأنه ربح رسالة أمام شهود العالم العقلاء، النزهاء، المتعاملين بمنطق المؤسسات المسؤولة وبأخلاق المبادئ الكونية، أنه دولة مؤسسات ديمقراطية ودولة حقوق بمقاييس عالمية أممية، وأنه يجتهد في الاتجاه الإيجابي لتدعيم تلك الحقوق.
كم كان إخوتنا، للأسف صغارا في مراكش، لأنهم بدلا من أن يمتلكوا ذكاء المشاركة والتعبير عن صوتهم بحرية من داخل المنتدى، اختاروا أن يظلوا خارج المنظومة الدولية. و الحقيقة أنهم بذلك بقوا خارج الطريق العالمية للمبادئ والحقوق، فكانوا نشازا كما هم في حقيقتهم. بئس خيارات مماثلة تحسب حسابات صغيرة غير وطنية.
وللمقارنة فقط، كانت سيدة مغربية صادقة من السلاليات من المغرب المنسي، أعمق أثرا منهم وأذكى بكثير..وبئس المصير.