
وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية على مشروع قانون يتيح "الموت بمساعدة الغير"، في خطوة تقرّب فرنسا من الانضمام إلى الدول الأوروبية التي تجيز إنهاء الحياة طوعًا للأشخاص المصابين بأمراض مستعصية.
ورغم أن المشروع لم يدخل حيز التنفيذ بعد، حيث لا يزال بحاجة إلى المرور بمراحل تشريعية إضافية، منها مناقشته في مجلس الشيوخ، إلا أن المؤشرات توحي بإمكانية اعتماده نهائيًا، خاصة في ظل التأييد الشعبي الواسع، حيث تُظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من 90% من الفرنسيين يدعمون تشريع هذا النوع من القوانين لمنح المرضى الحق في إنهاء معاناتهم .
وبينما تعتبر أوساط في الحكومة هذه الخطوة بأنها تتعلق بـ "الموت بكرامة"، يصفها آخرون بأنها "شرعنة للقتل" تحت غطاء الرحمة. كما تأتي هذه الخطوة بعد أشهر من النقاشات المحتدمة وسط ضغط من الرأي العام وبعض الجمعيات الحقوقية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف التصويت في الجمعية الوطنية بأنه "خطوة مهمة"، مشيرًا إلى دلالته التشريعية والرمزية في آن.
وينص القانون المقترح على منح الحق في "الموت بمساعدة الغير" لأي مواطن فرنسي تجاوز سن الثامنة عشرة، ويعاني من حالة صحية خطيرة، لا يمكن علاجها، وتشكل تهديدًا لحياته سواء كانت في مراحلها الأخيرة أو المتقدمة. ويشترط أن يكون قرار إنهاء الحياة نابعًا من إرادة حرة للمريض، وأن تكون معاناته الجسدية أو النفسية مستمرة ولا يمكن تخفيفها. ومع ذلك، أكد المشرّعون أن الألم النفسي وحده لا يُعدّ سببًا كافيًا لإنهاء الحياة وفقًا للقانون.
ويُتاح للمريض أن يتناول بنفسه الجرعة القاتلة، أو يمكن أن يتم ذلك عبر مختص طبي مؤهل في حال كان المريض غير قادر جسديًا على تنفيذ ذلك بنفسه. كما يضمن المشروع حق الطواقم الطبية في الامتناع عن المشاركة في هذه الإجراءات لأسباب شخصية أو أخلاقية. وفي المقابل، ينص القانون على عقوبات تصل إلى السجن لمدة عامين وغرامة قدرها 30 ألف يورو لأي شخص يعيق أو يمنع تنفيذ هذا الحق.
يأتي هذا القانون ضمن موجة من التشريعات المماثلة في أوروبا والعالم. ففي نوفمبر الماضي، أيد البرلمان البريطاني مناقشة مشروع قانون مماثل، مما قد يمهد الطريق لانضمام المملكة المتحدة إلى دول مثل أستراليا وكندا وبعض الولايات الأميركية التي شرّعت هذا الحق سابقًا.
كما صادقت جزيرة مان، التابعة للتاج البريطاني، في مارس الماضي على مشروع قانون مشابه، مما يجعلها مرشحة لتكون أول منطقة في الجزر البريطانية تجيز "الموت بمساعدة الغير" للأشخاص المصابين بأمراض عضال.
وفي هذا السياق، صرّح النائب اليساري أوليفييه فالورني،" قائلاً: "فرنسا من آخر دول أوروبا الغربية التي تتحرك في هذا الاتجاه"، مضيفًا: "نحن جزء من حركة عالمية، وقد تأخرت فرنسا، لكنني آمل أن ننجز ذلك وفق نموذجنا الخاص".