■ ثنائية المحافظة والتجديد:
في حلقة جديدة من برنامج "مدارات"، بثتها الإذاعة الوطنية من الرباط، استضاف الكاتب الإعلامي عبد الإله التهاني، الباحث المغربي في الثقافة المغربية الأستاذ أحمد متفكر، الذي قال عنه في كلمة التقديم، بأنه أضاف إلى تحقيقاته وأبحاثه في التراث الثقافي المغربي، إشرافه على إصدار كتاب "اليواقيت العصرية"، لمؤلفه المؤرخ والعالم المغربي محمد ابن الموقت المراكشي.
وأوضح معد ومقدم "مدارات" أن هذا الكتاب الموسوعي الذي صدر مؤخرا في ثلاثة أجزاء، جاء معززا بالعديد من الهوامش التي وضعها ضيف هذه الحلقة، حيث تضمنت إفادات وبيانات وتعريفات وجيهة، شكلت مفاتيح مهمة، من شأنها أن تسعف القارئ على الإحاطة الدقيقة بمضمون هذا الكتاب الضخم، لواحد من أبرز علماء ومؤرخي المغرب في النصف الأول من القرن العشرين، ومن أكثرهم غزارة في التأليف.
وأضاف بأن الباحث أحمد متفكر، يعد في طليعة المهتمين بالتراث الفكري والأدبي والتاريخي والفقهي للمغرب، وأنه حقق كتبا عديدة لكبار الفقهاء والمؤرخين والشعراء المغاربة، من مختلف الأجيال والمناطق، ولاسيما منهم أعلام منطقة الجنوب المغربي، حيث تجاوز ما حققه وألفه إثنين وستين كتابا.
ولفت الإنتباه إلى الباحث أحمد متفكر يعد بمعية الباحث الدكتور حسن جلاب، من أوائل الباحثين الذين اعتنوا بتراث ابن المؤقت المراكشي، حيث سبق لهما معا أن حققا كتاب "السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية" ، الذي يعتبر من أهم مؤلفات ابن الموقت.
وأوضح عبدالإله التهاني بأنه بصدور كتاب "اليواقيت العصرية"، لهذا العالم المغربي، بمراجعة وتعليق من الباحث أحمد متفكر، ترتسم أمامنا صورة عن ثقافة عالم مغربي ، من النصف الأول من القرن العشرين، وهي ثقافة اتسمت بالطابع المحافظ أحياناً، وكذا بنزوع تجديدي أحيانا أخرى.كما تميزت ثقافته بالشمولية والموسوعية والتنوع.
■ المواجهة مع دعاة الطرقية الفجة:
وعن مكانة محمد ابن المؤقت بين النخبة المغربية في النصف الأول من القرن العشرين، اعتبر الباحث أحمد متفكر، أن هذا العالم يعد من أبرز الشخصيات التي عرفها مغرب القرن الماضي، مسجلا أنه ظلم ولم ينل حقه من البحث والتنقيب، سواء من طرف الباحثين، أو من طرف الجامعة المغربية.
وذكر المتحدث أن هذا العالم، كان قد لاحظ له أن المجتمع المغربي يسير في منعرج سلبي بتأثير الطرقية، فانبرى للدعوة إلى إصلاحه من خلال بعض مؤلفاته، كاشفا عن الثغرات، وعن البدع والأمراض الإجتماعية ، التي كانت منتشرة في المغرب وقتئذ . وأنه في هذا السياق، جاء تأليفه لكتاب "الرحلة المراكشية"، الذي جرَّ عليه متاعب كثيرة من طرف الطرقيين، بحكم أنه كشف وعرَّى حقيقة بعض الطوائف الطرقية، التي كانت تستغل الدين، وتستغل الأفراد في قضاء مصالحها.
وعن مكانة محمد ابن المؤقت بين النخبة المغربية في النصف الأول من القرن العشرين، اعتبر الباحث أحمد متفكر، أن هذا العالم يعد من أبرز الشخصيات التي عرفها مغرب القرن الماضي، مسجلا أنه ظلم ولم ينل حقه من البحث والتنقيب، سواء من طرف الباحثين، أو من طرف الجامعة المغربية.
وذكر المتحدث أن هذا العالم، كان قد لاحظ له أن المجتمع المغربي يسير في منعرج سلبي بتأثير الطرقية، فانبرى للدعوة إلى إصلاحه من خلال بعض مؤلفاته، كاشفا عن الثغرات، وعن البدع والأمراض الإجتماعية ، التي كانت منتشرة في المغرب وقتئذ . وأنه في هذا السياق، جاء تأليفه لكتاب "الرحلة المراكشية"، الذي جرَّ عليه متاعب كثيرة من طرف الطرقيين، بحكم أنه كشف وعرَّى حقيقة بعض الطوائف الطرقية، التي كانت تستغل الدين، وتستغل الأفراد في قضاء مصالحها.
وأبرز نفس الباحث بأن ابن الموقت، كان قد طبع كتابه "اليواقيت العصرية،" بمصر عام 1930 في مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة ، وهي من أهم المطابع المصرية وقتئذ.
وذكر أن ابن الموقت كان قد لقي بعض المعارضات وبعض الانتقادات، وخصوصا من العلامة أحمد بلعياشي سكيرج، الذي ألف كتابا يرد فيه على ابن المؤقت، مما دفع هذا الأخير بدوره إلى نشر كتاب في الرد والتعقيب على أحمد سكيرج، لكن هذا الكتاب حوصر، وتم جمعه من داخل المطبعة، بأمر من الباشا الكلاوي، الذي كانت له علاقة بالعلامة أحمد بلعياشي سكيرج.
وذكر أن ابن الموقت كان قد لقي بعض المعارضات وبعض الانتقادات، وخصوصا من العلامة أحمد بلعياشي سكيرج، الذي ألف كتابا يرد فيه على ابن المؤقت، مما دفع هذا الأخير بدوره إلى نشر كتاب في الرد والتعقيب على أحمد سكيرج، لكن هذا الكتاب حوصر، وتم جمعه من داخل المطبعة، بأمر من الباشا الكلاوي، الذي كانت له علاقة بالعلامة أحمد بلعياشي سكيرج.
وشدد نفس المتحدث على أن ابن المؤقت، يعتبر من أكثر العلماء تأليفا، مشيرا إلى أن هناك وثيقة بخط يد ابن الموقت، يثبت فيها بأن "مؤلفاته بلغت ما يربو على مائتي مؤلف، مما يظهر أن الرجل كان منكبا على البحث وللكتابة.
وأضاف بأن ابن المؤقت، قد كتب في العديد من المجالات، كالتاريخ والتصوف والحديث والتفسير والأدب، إلى غير ذلك من مؤلفاته، رغم أن جزءا مهما منها قد ضاع، بحيث لم يبق منها في تقديره سوى 42 مؤلفا مطبوعا، وما يقارب 45 كتابا مخطوطا، مما يدل على أنه كان رجلا متفرغا للبحث، رغم أنه كان مكلفا بمهمة التوقيت في جامع ابن يوسف بمراكش، حيث كان قد أخذ علم التوقيت عن والده محمد بن عبدالله الموقت، الذي يعتبر هو أيضا من كبار علماء المغرب في عصره.
■ رحلة مع "اليواقيت العصرية":
وأوضح الأستاذ أحمد متفكر في حديثه، بأن اطلاعه على كتاب "اليواقيت العصرية" لابن الموقت، كان في بداية الثمانينات من القرن الماضي، حيث تبين له من خلال القراءة الأولية، أن الرجل موسوعي، مما حفزه على إصدار كتاب آخر له، هو كتاب "السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية"، اعتنى فيه ابن الموقت بالتعريف بصلحاء مدينة مراكش.
وشدد أحمد متفكر على أن كل باحث أراد أن يعرف تاريخ علماء وصلحاء مدينة مراكش، لاغنى له عن الرجوع إلى كتاب "السعادة الأبدية".
وأضاف ذات الباحث بأنه ظل مهتما ومنشغلا أيضا بكتاب "اليواقيت العصرية"، وأنه بقي يبحث الطريقة التي تمكنه من إخراجه إلى النور.
وفي سياق متصل، تحدث ضيف برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية، عن أسلوب ابن الموقت ودقته في الكتابة، واستعماله عربية فصيحة لا اعوجاج فيها، معتبرا كتابه هذا من أهم المراجع في علم التاريخ والجغرافية والعمران ، وفي الفلاحة وفي علم الحيوانات، والعواصف والأوبئة.
وأكد الباحث أحمد متفكر بأنه قام بالتدقيق في كل فصل من فصول كتاب "اليواقيت العصرية"، وقام بالتنقيب والبحث، من أجل وضع هوامش، يستعين بها القارئ على فهم مضامين هذا الكتاب، حيث عرف بالشعراء والأعلام، وعرف أيضا بالاستشهادات التي استشهد بها ابن الموقت في كتابه.
واعتبر الباحث أحمد مفتكر بأن مضمون كتاب "اليواقيت العصرية"، فرض عليه أن يحرص على جعل القارئ، يواكب بسهولة كلام محمد ابن الموقت، وذلك بالتوقف عندكل كلمة غامضة، أو عند كل علم من الأعلام الذين تم ذكرهم، وذلك بإثبات تاريخ الوفاة، ثم التعريف بمكانته العلمية، إضافة إلى إثبات ملحق بالمصادر والمراجع، التي استعان بها في إعداد الهوامش والتعليقات، والتي تناهز 700 مرجعا.
■ البعد الجغرافي في اهتمامات ابن الموقت:
وجوابا على سؤال لمعد البرنامج الإذاعي "مدارات"، يتعلق بمظاهر الفكر الجغرافي عند العالم المؤرخ محمد ابن الموقت، أبرز الباحث أحمد متفكر أنه رغم تخصص ابن الموقت في الأدب والفقه، إلا أنه تبين بأن الرجل لم يكن منحصرا فيما تلقاه على يد علماء جامعة ابن يوسف بمراكش في علوم الشريعة وفي الفقه والحديث، وإنما كان يعيش عصره، ويتتبع كل ما يقع في العالم بأسره.
وجوابا على سؤال لمعد البرنامج الإذاعي "مدارات"، يتعلق بمظاهر الفكر الجغرافي عند العالم المؤرخ محمد ابن الموقت، أبرز الباحث أحمد متفكر أنه رغم تخصص ابن الموقت في الأدب والفقه، إلا أنه تبين بأن الرجل لم يكن منحصرا فيما تلقاه على يد علماء جامعة ابن يوسف بمراكش في علوم الشريعة وفي الفقه والحديث، وإنما كان يعيش عصره، ويتتبع كل ما يقع في العالم بأسره.
وأشار في هذا الصدد، بأنه عندما نقف عند إحصائيات السكان، التي تضمنها كتابه "اليواقيت العصرية"، فإننا ندرك أن الرجل كان له اطلاع على ما يكتب عن إحصاء السكان في أوروبا، وكذا في المغرب أيضا، وخاصة إحصاء عام 1926 بإشراف إدارة الحماية الفرنسية، فضلا عن وضعية وأعداد السكان في أقطار الشرق العربي وآسيا، مما يظهر أن ابن الموقت كان متفتحا على هذه العوالم الخارجية، وله اطلاع شمولي على الثقافة العربية ، والثقافة الغربية.
■ كتاب آخر في الأفق:
وبخصوص الكتاب القادم من مؤلفات ابن الموقت، المبرمج لإعادة الطبع ، ذكر الباحث أحمد متفكر أنه يشتغل على إخراج كتابه المسمى "سبيل السعادة في معرفة أحكام العبادة"، واصفا إياه بأنه كتاب نفيس ودقيق، يتضمن دراسة منهجية ومبسطة، توضح للقارئ أحكام العبادات في المذهب المالكي، إضافة إلى كتاب آخر لابن الموقت في باب "التوسلات والأدعية".