لا تفصلنا عن دجنبر 2014 سوى أيام قليلة، وتحديدا يوم 19 دجنبر (تاريخ أربعينية الراحل أحمد الزيدي) الذي سننتظره للوقوف على حجم الدينامية التي سيطلقها خصوم إدريس لشكر من أجل حشد أكبر عدد ممكن من الاتحاديين، والذهاب بهم جميعا إلى وجهة الاتحاد الوطني، وهو ما يعني نهاية حزب الاتحاد الاشتراكي الذي استمر في تلقي الضربات دون أن ينيخ أو يضعف، والسبب هو عجز القيادة في تدبير الخلاف، وعجز الزعماء التاريخيين عن إيجاد مخرج للأزمة.
فمع احتدام الصراع بين المعسكرين المتناحرين داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، يجمع المراقبون على أنه من الصعب في الوقت القريب احتواء الأزمة السياسية التي أججتها الصراعات «غير الديمقراطية» بين فريق حاكم متمسّك بكل شيء بدعوى بناء «الحزب المؤسسة» والقطع مع «الحزب السيبة»، وفريق «يمتهن» معارضة لا هوادة فيها بغاية إرغام "رجل التنظيم الحديدي" (إدريس لشكر) على الجلوس إلى الطاولة، وإلزامه بإشراكه في وضع الخطوط العريضة لما ينبغي أن يكون عليه الحزب.
لشكر يصرخ أمام خصومه بأن الحزب في أوج لياقته، وبأنه مستمر في إصلاحه، والانتقال به إلى حزب المؤسسة، وبأن مرحلة «السيبة» و«الريع» انتهت.
وخصومه، وعلى رأسهم عبد الهادي خيرات وأحمد رضا الشامي ودومو والعزوزي وشباعتو، يؤكدون أنهم ليسوا مضطرين للبقاء في حزب تابع وممسوخ ولا علاقة له بالحزب الذي «كبروا» في مدارجه، وبأن لا خيار لهم سوى الرحيل نحو حزب آخر.. وليكن الحزب الذي تشبث به الراحل عبد الله ابراهيم إلى آخر رمق (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية).
فماذا يحدث فعلا في حزب الاتحاد الاشتراكي؟ وهل نحن فعلا على أعتاب انشقاق جديد سيعيشه هذا الحزب الذي أثخنته الانشقاقات والتمزقات منذ مرحلة السبعينيات إلى الآن؟
أما الخلاف الحالي فهو يحصل اليوم بسبب الموقف من التدبير الداخلي للحزب. ففي حين يعتبر فريق لشكرأن منتقديه إنما يفعلون ذلك لأنهم غير ديمقراطيين، وبأنهم «يحتقرون» القواعد الحزبية التي أوصلته إلى الكتابة الأولى، يرى الفريق الثاني أن إدريس لشكر مسخر من طرف قوى خارجية تريد تدجين الحزب وإضعافه وتقليم أظافره وتطويعه بغرض استعماله في ضرب الإسلاميين. ويضيفون بأن لشكر لا يستمع إلا لنفسه، وبأنه يتملص من كل الالتزامات التي يبرمها معهم بشهادة قياديين سابقين وزعماء بارزين في الاتحاد، مما يؤكد بأنه يتلقى «الأوامر» من أطراف ليست مجهولة، هي التي أصبحت تتحكم في الحزب.
والحقيقة أن ما يعيشه الاتحاد الاشتراكي حاليا يثبت شيئا واحدا، هو أن الحزب مقبل على ضياع وحدته التنظيمية، في غياب زعيم محنك يضمن التوافق ويذيب الجليد الذي تراكم منذ عامين بين الفريقين، أي منذ المؤتمر التاسع الذي أنتج صراعا قويا بين شرعيتين: «شرعية المؤتمر» التي يلوذ بها إدريس لشكر، و«شرعية الخط السياسي» التي يرافع من أجلها خصومه ويدافعون عنها، ويعتبرونها أكبر من أي إطار تنظيمي، ولو كان هذا الإطار هو حزب «الاتحاد الاشتراكي» الذي ترعرعوا فيه، وهو ما يعني أنهم قادرون على مغادرة الحزب ما دام الحزب غير قادر، الآن، وفي ظل قيادة إدريس لشكر، على حماية الفكرة الاتحادية وتسويقها جيدا في المجتمع.
(تفاصيل أكثر تجدونها في غلاف "الوطن الآن" الذي نزل إلى الأكشاك تحت عنوان "هل سيكون 19 دجنبر تاريخ وفاة حزب «الاتحاد الاشتراكي»؟)