Thursday 22 May 2025
سياسة

القاضي الشنتوف يستعرض مسار التطور التاريخي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من الحماية إلى الاستقلال

القاضي الشنتوف يستعرض مسار التطور التاريخي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من الحماية إلى الاستقلال القاضي الشنتوف خلال المحاضرة(وسط الصورة)
أبرز عبد اللطيف الشنتوف عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية والرئيس السابق لنادي القضاة، التطور التاريخي للمجلس منذ سنة 1937 إبان الحماية.
جاء ذلك ضمن محاضرة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، ألقاها الشنتوف، حول موضوع: "الأدوار التقليدية والجديدة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية"، وذلك يوم الأربعاء 21 ماي 2025.
وأضاف المحاضر أن ظهيرا صدر، أسس للجنة تبت في وضعيات محدودة  للقضاة مشكلة من مسؤولين حكوميين، في مقدمتهم الصدر الأعظم الذي يوازي رئيس الحكومة الآن وزير للعدل ومستشارين للدولة كبار، مع وجود قاض معين، وصولا إلى تأسيس مجلس أعلى للقضاء سنة 1958 بعضوية مدراء مركزيين في وزارة العدل وقضاة بحكم مناصبهم، وقضاة يعينون باقتراح من وزير العدل إلى دسترة  المجلس الأعلى للقضاء في أول دستور مغربي سنة 1962، وتألف من قضاة  بحكم مناصبهم كالرئيس الأول للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) والوكيل العام للملك (الذي عرف خلال  هذه الفترة عدة تسميات، منها وكيل الدولة وأحيانا سمي ب "المدعي العام"، ولاحقا بالنائب العام وكلها تسميات كان منصوصا عليها في الدستور أو الظهائر  وهي نفسها المستعملة في دون مشرقية كثيرة إلى أن استقر الأمر الآن في  تسمية الوكيل العام للملك، وصولا إلى دستور 2011 الذي أسس في فصله 115 للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ونص أن يتشكل من قضاة منتخبين وقضاة معينين بحكم مناصبهم ومؤسسات وطنية (الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الانسان) وشخصيات غير قضائية معينة من طرف الملك. وفي التجربة الحالية كان من أبرز المعينين أساتذة القانون بالجامعة المغربية، ومنذ أسبوع فقط قام الملك بتعيين الدكتور فريد الباشا عميد كلية الحقوق بأكدال الرباط  عضوا بالمجلس، فالجامعة ليست بعيدة عن عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية. 
بعدها تعرض عبد اللطيف الشنتوف بتفصيل وعلى مدى ساعتين إلى اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية التي قسمها إلى اختصاصات، تقليدية وأخرى جديدة: 
-  الاختصاصات التقليدية: والمقصود بها تلك الاختصاصات التي كانت للمجلس الأعلى للقضاء السابق وبقيت ولكنها عرفت أيضا تطورات، وهي تدبير الوضعية الفردية للقضاة من التعيين إلى التقاعد مرورا بالترقية والتأديب والنقل، فضلا عن مراقبة تدبير الحياة المهنية اليومية للقضاة، وكل ذلك بهدف توفير ضمانات للقاضي حتى لا يتعرض استقلاله لأي تأثير. 
-   ويدبر المجلس هذه الوضعية  بمقتضى معايير دقيقة منصوص عليها في القانون وطورها المجلس من خلال عمله وتراكمه منذ تأسيسه بتاريخ 06-04-2017 . 
-  فضلا عن للقضاة حق الطعن القضائي في كل القرارات الصادرة عن المجلس أو الرئيس المنتدب التي تمس وضعيتهم المهنية، فضلا عن ضمانات أخرى، مثل ضمانة تقييم أداء القضاة التي يحق للقضاة الاطلاع عليه تلقائيا وكذا الملاحظة عليه والتشكي منه بل وحتى الطعن فيه.    
-   الاختصاصات غير التقليدية: وهي  الاختصاصات الجديدة التي أتى بها دستور 2011 والقانون التنظيمي للمجلس أو النظام الأساسي للقضاة، وقد  صنفها المحاضر  على سبيل تقريب الفهم للطلبة والحضور  إلى  عدة أنواع ، منها: 
-  دور تأطير الأخلاقيات القضائية: حيث لأول مرة يمنح القانون للمجلس اعداد مدونة للسلوك والاخلاقيات القضائية. 
-   دور التواصل مع المؤسسات: من خلال تنصيص القانون على أحداث آلية مؤسسات للتعاون والحوار مع وزارة العدل باعتبارها لا زالت فاعلة في قطاع العدالة، فيما لا يتنافى مع استقلال السلطة القضائية وفيما له صلة بالإدارة القضائية. 
-  الدور الاستشاري: من خلال أبداء المجلس لآرائه في القانون التي تهم  العدالة. 
-  الدوري الاقتراحي ودعم قيم الشفافية : من خلال نشر المجلس لتقريره السنوي الذي يتضمن عدة اقتراحات تهم القضاء والعدالة بشكل عام. 
-   دور التشاركية والتفاعل: من خلال تلقي المجلس لتقارير وملاحظات تهم العدالة وأهمها تقرير الجمعيات المهنية  للقضاة وكذا جمعيات المجتمع المدني، فضلا عن أن القانون أشرك الجمعيات المهنية في بعض قرارات المجلس، مثل إعداد مدونة للسلوك والأخلاقيات القضائية . 
-  دور الدبلوماسية القضائية: من خلال تبادل الزيارات اتفاقية الشراكات التي يبرمها المجلس مع مختلف مؤسسات العدالة عبر العالم بتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية. 
-  وأخيرا، دور التكوين، بحيث أصبح المجلس الأعلى للسلطة القضائية يتوفر على مؤسسة للتكوين خاصة به (المعهد العالي للقضاء) تسمح له بتسطير  برامج التكوين وتنفيذها وذلك منذ تغيير القانون المتعلق بالمعهد العالي للقضاء وإلحاقه بالمجلس بدل وزارة العدل منذ 2024، وبالتالي هناك اشتغال على هذا الجانب، لا فيما يخص التكوين الأساسي ولا التكوين المستمر، وهو ما سيسمح بتحديد الحاجيات وتوفيرها في مجال تكوين القضاة. وهنا تم فتح المُحاضر بابا أشار فيها إلى أن التعديلات المدخلة على القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة سنة 2023 سمحت للمجلس بمناسبة بته في ملف تأديبي للقضاة بإمكانية إخضاع القاضي للتكوين إذا كان الخطأ أو الأخطاء لها ارتباط بقصور معرفي تخصص معين، وهو توجه محمود من المشرع لأن الهدف من التأديب لا يكون دائما هو الزجر وإنما أيضا التأطير وخاصة في الاخطاء التي يكون فيها ضررا كبيرا  للمقاضين، كما أن العديد من التجارب الدولية تسير في هذا الاتجاه. 
وختم المحاضر محاضرته بالتأكيد على أن هذه الاختصاصات يمارسها المجلس بمساعدة فريق إداري وقيادة متمثلة في الرئيس المنتدب، يبذل جهودا كبيرا لتنفيذ مقرارات المجلس وتطوير عمله الإداري مؤطرا بمخطط استراتيجي (2021-2026) غير مسبوق في القضاء  يعمل المجلس وإدارته، وقد أسفرت هذه الجهود على تطوير العمل بشكل كبير.