في لحظة عجيبة من لحظات العبث السياسي، يخرج علينا السيد بدر طاهري بنداء "وطني" مبكٍ، يدعو فيه الجميع إلى الترافع من أجل مكناس، متناسياً - أو متناسياً عمداً - أن اسمه ارتبط، في أذهان كثير من المكناسيين، لا بالبناء أو الدفاع، بل بسلسلة من الإخفاقات والتناقضات التي ساهمت في الوضع المتردي الذي يشتكي منه اليوم.
نعم، هو نفسه بدر طاهري الذي قاد مفاوضات فاشلة كانت نتيجتها فقدان حزبه لقيادة مجلس جماعة مكناس، في لحظة سياسية كان يمكن أن تُستثمر لصالح المدينة، لا لصالح الحسابات الشخصية. وهو نفسه من جلب معه على رأس اللائحة شخصاً بوزن سياسي باهت، فقط لأنه "سيساهم في الحملة"، ليتحوّل هذا "الرجل الثاني" إلى شوكة في حلقه، بعدما رفض أن يكون مجرد واجهة مستهلكة.
هو بدر طاهري الذي ساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الإطاحة بجواد باحجي، أحد أبناء حزبه، وكأن القضاء على رفاق الأمس صار هواية سياسية، لا خياراً اضطرارياً. ثم، وبعد أن فُقدت المدينة من يد الحزب، لم نعد نرى الحزب إلا في صورة "المقعد الفارغ"، غائب عن الدورات، متواري عن النقاش، وكأن السياسة أصبحت عنده موسماً انتخابياً لا غير.
أي نعم سيتم تأديب محمد البختاوي ومن معه على تمردهم و سيعزلون باحكام قضائية ، لكن بعد ماذا ؟!
لماذا الاتيان بمثل هؤلاء اصلا الى التنظيم ؟ ثم ما هو تاريخهم السياسي والانتمائي في مشهد السياسة المكناسي ؟!
ولا ننسى، طبعاً، مسلسل فقدانه للمقعد البرلماني، ثم مقعد الغرفة، مما يطرح سؤالاً بسيطاً: هل هذا سجل سياسي لرجل يريد إنقاذ المدينة، أم شهادة حية على جزء من أسباب تعثرها؟
واليوم، بعد كل هذه السيرة "المضيئة"، يخرج علينا السيد طاهري ليلقي خطبة عصماء عن مكناس، كأننا بلا ذاكرة، وكأن الناس نسيت من تسبب في ما تشتكي منه المدينة.
عجيب أمر السياسة حين تُحوّل المتسبب في الأزمة إلى "مناضل" ضدها.