Friday 9 May 2025
كتاب الرأي

يوسف غريب: نائبة رئيس جماعة أكادير تطالب بتهجير المعارضة خارج المدينة

يوسف غريب: نائبة رئيس جماعة أكادير تطالب بتهجير المعارضة خارج المدينة يوسف غريب
يقول الرائع دوستويفسكي : ” أن الإنسان كائن يستره الصمت، إذا تحدث تعرّى "
ولو تابع هذا الأديب أشغال دورة ماي 25 لجماعة أكادير لن يتردّد أبداً في تحيين هذه القولة بما يناسب الحدث والمقام بتغيير دالٍّ وعميق.. ( وإذا تحدّث تقيّأ علينا) 
والتقيّؤ كما في معجم المعاني هو ما يلقي  المريض - بتكلف - إن ما في بطنه أو ما في  جعبته أو هما معاً كما في حالة السيدة نائبة رئيس جماعة أكادير المكلّفة بالثقافة.. 
بكل صدق هو تعليق كل من تابع تدخل هذه النائبة في إطار أجوبة وردود على أسئلة وملاحظات فريق المعارضة بالمجلس الجماعي.. 
وبالمناسبة إذ أثمّن عاليا هذا النقل المباشر لا شغال الدورات كإنجاز يحسب لهذه التجربة الجماعية باعتباره تمرينا ديمقراطيا يساهم في تقاسم آليات التدبير الجماعي مع المواطنين فإنْه في نفس الوقت يفضح بشكل شفاف وعلني درجة ومستوى البعض ممن سقط بهم السقف نحو مسؤولية التدبير الجماعي  عبر اللائحة وغيرها كعطب من اعطاب الديمقراطية نفسها عبر استغلال الموقع أو المنصب كمنصة تشهير وشتم لكل من يخالفنا الرأي أو يعارض مقاربتنا للوضع. 
كما في حالة هذه السيدة التي طالبت كل من يعارضها داخل المجلس وخارجه مغادرة المدينة وبشكل فوري مع توفير تذكرة سفر عبر عملية الإكتتاب.. وهو بنفس المعنى لا اختلاف مع ذاك الذي وصف معارضة موقفه بالحمير و الميكروبات 
لا اختلاف بين التصريحين والموقفين من زواية المس بمشروعنا الديمقراطي الذي تعاقد عليه المغاربة وفق أخر وثيقة دستورية وبما يحمل من نصوص تحصن دور المعارضة وحرية الرأي والاختلاف.. 
بل الأخطر ان السيدة التي تطالب اليوم تهجير معارضيها من ساكنة أكادير تسيء إلى حزبها الليبيرالي وادبياته السياسية المؤمنة نظريا بحرية التعبير والإختلاف كما في وثائق المؤتمر الأخير. 
كما أن المطالبة بهذا التهجير القسري هو إساءة للمشروع الديمقراطي الحداثي بقيادة عاهل البلاد وإحدى اهم إنجازات العهد الجديد.. 
بل هو إساءة وانتكاسة لنضالات ومكتسبات الشعب المغربي بقيادة وتأطير قواه الحية من الأحزاب الوطنية والديمقراطية منذ الإستقلال.. 
و المؤلم جدّاً ان تكون هذه السيدة نائبة لرئيس الجماعة مكلفة بالثقافة وانا ابحث عن الخيط الرابط بين هذه العجرفة في التعبير والإستعلاء المفرط في القول وبين الثقافة كفعل أخلاقي وسلوك سام في التعامل والتواصل مع الغير من خصومنا السياسيين وغيرهم.. 
نعم بواسطة الثقافة نعرف حدودنا الإنسانية قبل أن يرسمها المشرع بين الفرقاء والجماعات والدول.. 
لذلك فرّق الفلاسفة منذ زمان بين :
الإنسان الطبيعي البدائي 
والإنسان الثقافي المتمدّن 
هذا هو الخلل في نازلة تهجير المعارضة بأكادير نتيجة اختيار قيادة الثقافة بالمدينة لمن لا يملك الحس الثقافي وأخلاقيته التواصليّة مطلقاً
أيضاً  الخلل نفسه ساهم بشكل كبير في تضخم هذه الأنا المرضية الناكرة لكل التجارب السابقة والمؤمنة حد الغرور بأن التاريخ لم يبدأ إلا مع مجيئها بهذه المدينة قبل أربع سنوات فقط… 
ولنفرض جدلاً ان المدينة كانت ارض خلاء قبلك سيدتي.. وسننسب - كذباً - ما أنجز لحد الساعة لفريقك الجماعي.. لماذا تصرخين في وجه معارضيك من المجلس وخارجه إذا كنت واثقة من نفسك.. 
لماذا تطالبين بترحيلهم وتهجيرهم ما داموا على خطأ فاقدين للحجة.. 
هي ردة الفعل المنهزم أمام خصومه.. الذي لا يجد سوى كلمة افتخر افتخر افتخر وكأن هناك من يحاول سحب هذا الافتخار.. 
فالافتخار بالعجرفة والإستعلاء ليس سلوكاً مدنيّاً 
والإستقواء على الخصوم السياسيين ليس سلوكاً ديمقراطيّاً
أمّا الثقافة و التثقيف مع الأنانية والغرور لا يجتمعان أبداً.. إلا في زمن الرّدة كما في تاريخ هذه المدينة 
يوسف غريب، كاتب صحفي