قال عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن قضية الصحراء ليست مجرد ورقة تفاوض دبلوماسي، ولا ملفًا خارجياً يُدار من خلف الأبواب المغلقة، بل هي قضية وطنية بامتياز، تتطلب تعبئة داخلية صادقة، وتملّكًا جماعيًا، وخطابًا جديدًا يعكس تطلعات الشعب المغربي في الكرامة والحرية والديمقراطية.
جاء ذلك ضمن مداخلة العزيز في ندوة حول "البرلمان وقضية الصحراء المغربية: من أجل دبلوماسية موازية وناجعة وترافع مؤسساتي فعال" بمجلس المستشارين، الإثنين 5 ماي 2025.
وأكد المتحدث أن المغرب حقق مكاسب دبلوماسية مهمة، من اعترافات دولية بمغربية الصحراء ودعم مقترح الحكم الذاتي. "لكن هذه الإنجازات تبقى هشة في ظل غياب الإغلاق النهائي للملف من قبل المنتظم الدولي. خصوصا أمام التحولات التي يعرفها العالم، وصعود منطق القوة والابتزاز في العلاقات الدولية، حيث تُهمَّش الشرعية القانونية و الدولية والاتفاقات الثنائية لصالح التغيرات المفاجئة والمتناقضة في المواقف وطغيان المصالح والحسابات الضيقة وهو ما يتجلى في السيناريوهات المختلفة التي ما تزال تطرح في بعض الأروقة الدولية كـ "حل عملي" مثل مسوغ التقسيم، أو الرجوع إلى مقولة الاستفتاء، أو مقولة أن لا حل دون اتفاق الأطراف، ومحاولات تزكية تنصل الدولة الجزائرية من كل مسؤولية في الملف".
واعتبر عبد السلام العزيز، أن الحكم الذاتي في الصحراء المغربية لا يمكن أن ينجح أو يقنع دون إرساء ديمقراطية حقيقية تشمل كل جهات الوطن، وتؤسس لعقد اجتماعي جديد قائم على التمثيلية، العدالة المجالية، والحريات الأساسية. "لا يمكن اختزال الحكم الذاتي في مجرد عرض تفاوضي، بل نريده مشروعًا مجتمعيًا ينبثق من إرادة جماعية، ويمتد ليشمل إصلاحًا جذريًا للجهوية والتدبير المحلي، ويعالج أوجه الاختلالات في توزيع الثروة، والتمثيل السياسي، والمشاركة المواطِنة".
ويعتبر حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن الترافع المؤسساتي الناجع، الذي يمكن للبرلمان أن يلعب فيه دورًا محوريًا، يجب أن يكون مبنيًا على خطاب عقلاني، علمي، وتواصلي منفتح، يخاطب الرأي العام الدولي بلغة القانون، والتاريخ، والمعطيات المقارنة.. مؤكدا أن الدفاع عن الوحدة الترابية لأي بلد، لا يتنافى مع الشرعية الدولية بل ينسجم تماماً مع مبادئها الجوهرية. كما أن تقرير المصير لا يعني بالضرورة الاستقلال، وقد يأخذ شكل الحكم الذاتي أو غيره، كما حدث في عدة تجارب دولية..
وقال عبد السلام العزيز، أن المهمة في الترافع تكون أصعب في أوساط أخرى كمؤتمرات الأحزاب اليسارية لدول البحر الأبيض المتوسط، "والتي نعمل على تليين المواقف داخلها وجعلها في حدود القرارات الدولية باعتبار الحضور القوي لبعض التنظيمات التي تستغل أوضاع الحريات والديمقراطية في بلادنا وواقع التطبيع لتأكيد معادلات غير واقعية، معتبرا أن ترافع المؤسسة البرلمانية يقتضي أن يكون البرلمان نفسه نموذجًا للديمقراطية الداخلية، والرقابة الفعالة، والتشريع الجريء الذي يضمن الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية في كل ربوع الوطن. كما أن ترافع الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية وتنظيمات المجتمع عموما يقتضي التوفر على تنظيمات قوية ومستقلة لها مصداقية داخل الوطن وخارجه.
وختم الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي مداخلته بالتأكيد أن سيناريوهات التقسيم، والاقتراحات التي تروج لها بعض الدوائر الدولية، هي إشارات حقيقية لضرورة استعجال الإصلاح الداخلي، وتطوير المقاربة المغربية لتكون أكثر شمولًا ومصداقية.
لقد قدم المغرب سنة 2007 مبادرة الحكم الذاتي، ونالت ترحيبًا دوليًا، لكنها بقيت دون تفعيل. واليوم، بعد أكثر من 15 سنة، يجب أن نمتلك الشجاعة لنقول إن الوقت قد حان لتجديد هذا المشروع، ومنحه بعدًا قانونيًا، وتنفيذيًا حقيقيًا.
كما نرى في فيدرالية اليسار الديمقراطي أن طي ملف وحدتنا الترابية في الجنوب لا ينبغي أن يكون خط نهاية، بل فرصة تاريخية لبناء فضاء مغاربي تسوده الحرية والديمقراطية والتنمية، فضاء متكامل اقتصاديا وأمنيا متحرر من الهيمنات الخارجية وحسابات القوى الاستعمارية قديمها وحديثها. لذا وجب تجنب ونبذ خطاب الكراهية وزرع الأحقاد بين شعوب المنطقة، يقول عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي.