Thursday 24 April 2025
فن وثقافة

المفكر "ابن خلدون" والعالم "إسحاق نيوتن" كانا حاضرين فوق ركح المعرض الدولي للكتاب

المفكر "ابن خلدون" والعالم "إسحاق نيوتن" كانا حاضرين فوق ركح المعرض الدولي للكتاب
يوم الأربعاء 23 أبريل 2025، وفي الوقت الذي كان تلامذة المؤسسات التعليمية الوافدين من مختلف مدن المغرب، يسيرون بزيهم الموحد، مصطفين وسط الممرّ الرئيسي داخل فضاء المعرض الدولي للنشر والكتاب، وهم يتجاذبون أطراف الحديث فيما بينهم بصوت عال، ويتبادلون الأسئلة والبحث عن جواب لـ "معنى معرض الكتاب" وأهدافه، وتعدد أروقته المتنوعة والمختلفة التي تزينها العناوين والأرقام، وأسماء الدول الوافدة للمشاركة في هذه النسخة...تزامنا مع ذلك أشرقت شمس المعرفة، بلغة أبو الفنون بشكل مفاجئ، محمّلة بخطابات شخصيات فكرية تسترجع بأدوارها التمثيلية، مسارات إشراقاتهم العلمية والفكرية والتاريخية، حيث بزغ دون سابق إعلان إسم صاحب كتاب "المقدمة" العلامة والمؤرخ وواضع أسس السوسيولوجيا "ابن خلدون" بلباسه التاريخي وسحنته العربية وهو يمشي رفقة ثلة من أعلام الفكر والعلم والمعرفة نساء ورجالا.
 
بحركات مسرحية، وبخطاب واضح وسلس، وبلغة عربية أنيقة، انطلقت شخصية ابن خلدون المعروف بـ "أبُو زَيْدٍ وَلِيُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَٰنِ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن جَابِر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَبْدِ الرَّحْمَٰن بن خَلْدُون الْحَضْرَمِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ"، حيث تحدث أمام جمهور المعرض بلسان "عالمٌ من علماء العرب والإسلام"، الذي برع في علم الاجتماع والفلسفة والاقتصاد والتربية.
 
بسرعة أشعل الزوار والضيوف بمختلف فئاتهم العمرية، هواتفهم النقالة لتوثيق هذه اللحظة المتميزة وسط ممر المعرض، وتحلق رجال ونساء الإعلام حول شخصية "ابن خلدون" التاريخية وهو يعرف بنفسه كـ "أول من وضع الأسس الحديثة لعلم الاجتماع". حيث أكد "الممثل" على لسانه بأنه هو الذي "توصل إلى نظريات باهرة حول قوانين العمران ونظرية العصبية وبناء الدولة وأطوارها وعمارها وسقوطها".
 
كانت شخصية "ابن خلدون" تمشي وتتجول في سوق "المعرض الدولي للكتاب" لتجدد التواصل والتأكيد على أنه سبق بعلمه "ما توصل إليه مشاهير العلماء بعد قرون".
 
هكذا استطاع "الممثل" المتميز على ركح المعرض أن يبهر بلسانه العربي الحلقية الفكرية والمعرفية، موضحا للمتلقي بأنه فعلا "نشأ في بيئة أرستقراطية، وبين أهل ينتمون إلى علية القوم، ويملكون الأراضي الشاسعة، ويجمعون بين الجاه والسلطة"...بل أنه استطاع من خلال شخصيته المتفردة أن يوضح بأن أفراد أسرة العالم ابن خلدون "كانوا يتولون المناصب الإدارية العليا" وهو ما سمح بالفعل، للشاب عبد الرحمن بن خلدون بـ "الحضور في أرقى مجالس العلم والسياسة".
 
شخصية "الممثل" التي تقمصت دور المفكر والعالم ابن خلدون، استرجعت موطن عائلته بمدينة إشبيلية الأندلسية التي كانت في ذروة مجدها الإسلامي، حيث "كان الجد الأول خالد رجلا عظيم الشأن"، فصار اسمه على طريقة أهل إشبيلية "يقال له خلدون"، ومنه حملت عائلته هذا الاسم.
 
بمجرد أن انتهى ممثل شخصية المؤرخ "ابن خلدون" من إلقاء خطابه التاريخي المرتبط بمجده العلمي والمعرفي أمام جمهور غفير، اعتلت منصة الخطابة شخصية "إسحاق نيوتن"، الذي تحدث عن مساره العلمي في إنجلترا، على اعتبار أنه من كبار العلماء وهو "صاحب التأثير الكبير في عالم القوانين الفيزيائية والرياضية"، فبالإضافة إلى "كونه عالما، فقد كان "نيوتن" فيلسوفا وتنويريا بارزا، حيث قدم في هذا الصدد حسب لسان "الممثل" إسهامات علمية مهمة، حتى أصبح من أكثر "الشخصيات العلمية شهرة".
 
كان "الممثل" البارع، الذي تقمص شخصية العالم بلباسه الجميل، وهو يؤدي دوره للتعريف بـ "إسحاق نيوتن" يمشي وسط الحلقية في الممر الرئيسي بفضاء المعرض، واضعا بين يديه تفاحة حمراء، ـ التي كانت قد سقطت من شجرة المعرفة العلمية بالصدفة ـ وهو يقلبها من يده اليمنى إلى اليسرى، في إشارة إلى أنه هو من "اخترع قوانين الحركة والجاذبية والرياضيات وعلم التفاضل والتكامل".
 
استمرت مسرحية، تقديم شخصيات متنوعة بحقول معارفها المختلفة، والتي بصمة بمسارها تاريخ الفكر والعلم ـ من الجنسين ـ واستمرت حَلَقِيَاتْ الحكي فوق ركح "المعرض" بعيدا عن أروقته الداخلية التي تعج بالحركية، من أجل إرواء عطش المتلقي علميا وفكريا وثقافيا، فكان حضور المرأة المؤثرة في السياسة والحكم، وفي الدين والثقافة إلى جانب الرجل.