عبّرت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرنسي المغرب – عن قلقها البالغ إزاء ثلاث قضايا اعتبرتها بالغة الخطورة، لما لها من تداعيات على الحقوق الأساسية للمواطنين واستقرار الدولة ومصداقية المؤسسات. وشددت الجمعية على أن هذه الملفات التي هزّت الرأي العام الوطني، تكشف عن اختلالات بنيوية في تدبير الشأن العام وخرق صارخ لمبادئ الشفافية والمساءلة.
أولى القضايا التي أثارت انتباه الجمعية وتضمنها بيانها الصحفي، تتعلق بالهجمات السيبرانية الأخيرة التي استهدفت عدداً من المؤسسات العمومية، من بينها وزارة التشغيل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما أدى إلى تسريبات "واسعة النطاق" لمعطيات شخصية ذات حساسية قصوى.
وأعربت الجمعية عن استيائها مما وصفته بـ"الاستخفاف غير المقبول" بمقتضيات الدستور والقانون 08-09 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، مشيرة إلى أن هذه التسريبات تهدد السلم الاجتماعي والعائلي، في ظل غياب تواصل مسؤول وشفاف من الجهات المعنية.
وطالبت ترانسبرنسي المغرب السلطات بالكشف عن استراتيجية الدولة في ما يخص حماية الأنظمة المعلوماتية، والإفصاح عن هوية الأطراف المستفيدة من خدمات الدعم والتدقيق التي قد تنطوي على تضارب مصالح، إلى جانب فتح تحقيق قضائي وبرلماني لتحديد المسؤوليات.
أما القضية الثانية فتتعلق بعملية استيراد البقر والغنم التي خصصت لها الحكومة مبلغ 13,3 مليار درهم بهدف خفض أسعار اللحوم وأضاحي العيد، وهو الهدف الذي وصفته الجمعية بـ"الفاشل" في ظل استمرار الأسعار المرتفعة في الأسواق.
وسجلت الجمعية وجود "انحرافات وشبهات جنائية" في هذه العملية، خصوصاً ما يتعلق باستفادة بعض الجهات من المعلومة قبل صدور المرسوم، مما يشكل جريمة تداول من الداخل. وفي هذا السياق، دعت ترانسبرنسي المغرب إلى الكشف عن المستفيدين وظروف حصولهم على الدعم، واسترجاع الأموال العمومية المهدورة، مستغربة رفض الأغلبية البرلمانية تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الموضوع.
القضية الثالثة التي تطرقت إليها الجمعية تمثلت في عمليات الهدم التي طالت مساكن مواطنين في عدد من المدن، أبرزها الرباط والدار البيضاء، والتي اعتُبرت "تعسفية" وافتقدت لشروط العدالة القانونية والاجتماعية، خصوصاً أنها تمت في فترات حساسة (وسط السنة الدراسية وقبيل شهر رمضان).
وانتقدت الجمعية ما وصفته بـ"التمييز الصارخ" في تطبيق القانون، حيث جرى استثناء أراضٍ وممتلكات تعود لشخصيات نافذة ومؤسسات اقتصادية كبرى من قرارات الهدم، بينما طُبّق القانون بصرامة على الفئات الهشة، دون تعويض مناسب أو احترام للمساطر القانونية. كما دعت الجمعية إلى الكشف عن من يقف وراء الضغط على سكان حي المحيط للبيع بأسعار "جزافية مفروضة"، واعتبرت أن هذا النهج يشكل "تجسيداً للكيل بمكيالين" في مشروع "تجميل المدن".
وطالبت ترانسبرنسي المغرب الحكومة بنشر نتائج التحقيقات المرتبطة بهذه القضايا الثلاث، وإعمال مبدأ الشفافية لتنوير الرأي العام، مؤكدة أن محاربة الرشوة تبدأ من احترام القوانين وتكريس المساواة أمامها، مهما كانت هوية المعنيين.
