قال الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، أن تنظيم ندوة دولية حول: "التدبير الأمني لاحداث العنف في الملاعب الرياضية بالمغرب"، الثلاثاء 15 أبريل 2025، يعكس الوعي الجماعي المتزايد بضرورة تطوير نماذج أمنية حديثة متوازنة وفعالة، تأخذ بعين الاعتبار التحديات المرتبطة بتنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، وما يصاحبها من مخاطر محتملة تتعلق بأمن وسلامة الجمهور، واحترام حقوق الإنسان، والحفاظ على صورة الرياضة كرافعة للتنمية والتماسك الاجتماعي.
وزاد بلكوش، قائلا في كلمته الافتتاحية، أن تنظيم هذا اللقاء يندرج في سياق دراسة سبق أن أصدرها مركز دراسات حقوق الإنسان ومركز جنيف الحوكمة قطاع الأمن، وقدماها في دجنبر 2025، رغبة منهما في مواكبة الأوراش والاستحقاقات الكروية القارية والدولية التي تحتضنها المملكة المغربية من الآن وفي أفق كأس العالم سنة 2030.
ومع اقتراب تنظيم كأس الأمم الأفريقية 2025 والمشاركة في تنظيم كأس العالم لكرة القدم سنة 2030 وتنظيم غير ذلك من التظاهرات الرياضية الهامة، تطرح تحديا كبيرًا في إدارة الأمن في هذا المجال بشكل دقيق وفعال، إذ من المتوقع أن تجذب هذه الفعاليات ملايين المشجعين والمشاهدين من مختلف القارات، مع ما قد يرتبط بذلك أحيانا من أحداث عنف بالملاعب وفي محيطها وممارسات قد تكون مخلة بالقيم والمبادئ المؤطرة للرياضة عموما وكرة القدم خصوصا، مما يستدعي اعتماد خطط واستراتيجيات استشرافية، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة والضرورية لضمان سلامة وراحة الجميع. ومن ثمة سيكون الفهم العميق لأسباب العنف في الملاعب أساسيا للاستشراف قصد منع الحوادث، مما يساهم في توفير تجربة آمنة وممتعة تضمن الفرجة وتحمي الحقوق وتحافظ على الأمن والسلامة في ذات الآن، يقول الحبيب بلكوش.
وأضاف رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، أن المغرب استثمر الكثير في المجال الرياضي عامة وكرة القدم بوجه خاص، من بنية تحتية شملت بناء الملاعب بمواصفات دولية وملاعب القرب في جل المدن والدفع بتحديث الفرق وتعزيز احترافيتها، وخلق مدراس للتكوين، وتطوير التشريع والانضمام لمعاهدات دولية ذات الصلة وغيرها من الإجراءات، بكل ما يتطلبه ذلك من إرادة سياسية جسدتها العناية الملكية على كافة المستويات واعتماد سياسات عمومية في هذا الباب وساهمت المؤسسات الأمنية المغربية في توفير الخبرة والتأطير المناسبتين لتنظيم أحداث رياضية دولية كما حدث في قطر وباريس.
وربط الحبيب بلكوش، موضوع العنف بالملاعب، بحقوق الإنسان، متحدثا، عن اختيار المغرب القيام بإصلاحات هامة في مجال احترام حقوق الإنسان، مما أدى إلى دمج مبادئها في جوانب مختلفة من الحكامة والحياة الاجتماعية. ومن المفترض أن تندرج إدارة العنف في ملاعب كرة القدم ضمن هذه الدينامية. وهذا ما يستلزم تطوير المهارات الضرورية، واستخدام تكنولوجيا المراقبة الحديثة وتأطيرها بضوابط قانونية وتنظيمية خاصة، والقيام بحملات توعية بين المشجعين لتعزيز السلوك الإيجابي والاحترام المتبادل، وهي مجالات خطت بلادنا على دربها خطوات ملموسة تتطلب المزيد من التكريس والتطوير.
يذكر أن هذه الندوة يحضرها خبراء من داخل المغرب وخارجها، وتتوخى وضع مقاربة أمنية فعالة لمواجهة ظاهرة العنف في الملاعب، تكون شمولية ودامجة، تتجاوز المعالجة الظرفية نحو بناء رؤية استباقية قوامها الحكامة الأمنية الجيدة، والتنسيق المؤسسي المتين، والانفتاح على مقاربات وقائية وتربوية وتواصلية؛ مقاربة تتقاطع فيها أدوار الأجهزة الأمنية، ومؤسسات العدالة، والهيئات الرياضية، والمجتمع المدني والإعلام وجمعيات المشجعين، لتشكيل جبهة موحدة قادرة على خلق بيئة رياضية آمنة ومحفزة.