الخميس 17 إبريل 2025
كتاب الرأي

خديجة الكور: من المرتبة 107 إلى المرتبة 112.. هل فقد المغرب بوصلته نحو ضمان سعادة مواطنيه؟؟

خديجة الكور: من المرتبة 107 إلى المرتبة 112.. هل فقد المغرب بوصلته نحو ضمان سعادة مواطنيه؟؟ خديجة الكور
كشف تقرير السعادة العالمي لسنة 2024 الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة بمناسبة اليوم العالمي للسعادة الذي يصادف 20 مارس من كل سنة عن تراجع ملحوظ في تصنيف المغرب ضمن مؤشر السعادة، حيث انتقل من المرتبة 107 سنة 2023 إلى المرتبة 112 سنة 2024.

ويأتي المغرب في هذا التصنيف خلف دول الجوار مثل الجزائر (الرتبة 84) وتونس (الرتبة 88) وبفارق كبير عن دول الإمارات العربية المتحدة (الرتبة 22) والمملكة العربية السعودية (الرتبة30).
يعتمد التقرير العالمي حول السعادة على مجموعة من المؤشرات لقياس مستوى سعادة الشعوب من أبرزها نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام ومستوى الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، وهامش الحريات الفردية وحجم ظاهرة الفساد في المجتمع.

وقد أبانت قراءة المؤشرات المرتبطة بالمغرب عن تراجع مستوى الشعور بالأمان والاستقرار على المستوى المالي وتفاقم ظاهرة أزمة الثقة في المؤسسات.

وقد خلص هذا التقرير إلى أن الفئة الأقل سعادة هم الشباب من (15 إلى 24 سنة) الذين يعانون من الشعور المتزايد بالقلق والتوتر وانسداد الأفق وتراجع مستوى التقدير الذاتي.

في حين أظهر كبار السن (أكثر من 60 سنة) مستوى أعلى نسبيا من الرضى والاستقرار النفسي والقدرة على التكيف مع الظروف والاستفادة من قيم وسلوكيات التضامن في أنساق اجتماعية تقليدية أكثر تماسكا.

وفي ظل هاته النتائج، لابد من التساؤل حول ما يجب فعله لتعزيز الشعور بالسعادة لدى المواطن المغربي وما هي طبيعة المبادرات التي يجب اتخاذها لدعم الرفاه الاجتماعي والنفسي للمواطن؟

إن النتائج التي كشف عنها التقرير تتطلب من جميع الفاعلين تعبئة جماعية وشاملة لتعميم تغطية صحية شاملة وفعلية لكافة المواطنات والمواطنين ونهج سياسة حماية اجتماعية حقيقية ضامنة لحقوق الفئات الهشة داخل المجتمع، وتحسين مستوى البنية والخدمات الصحية و تعميمها خاصة في العالم القروي والمناطق النائية وهوامش المدن وتوفير الموارد البشرية الكافية والمؤهلة للاستجابة للحاجيات الصحية والاجتماعية للمواطن, تحقيقا للعدالة الاجتماعية والمجالية وضمان تكافؤ الفرص.

ان تجاوز هذا الوضع يتطلب القيام بإصلاح جدري لمنظومة التربية والتكوين بما يضمن الولوج العادل والمتكافئ لكافة المواطنين إلى التعليم وتقليص الفوارق بين التعليم العمومي والخصوصي وتجديد المناهج وضمان ملاءمتها مع مستلزمات سوق الشغل والتحولات التي تفرضها الوسائط الجديدة للاتصال وإصلاح منظومة العدالة ومكافحة الفساد، وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة ومحاصرة قيم الريع والزبونية والمحسوبية وإطلاق مبادرات لإعادة ثقة المواطن بالمؤسسات ودعم المواطنة الإيجابية.

كما يجب إطلاق مبادرات لفتح مجالات الاستثمار للشباب ومصاحبتهم لضمان نجاح مشاريعهم وهيكلة القطاع الغير المهيكل ليصبح قطاعا منتجا وحاميا لحقوق العاملين فيه. وتعزيز منظومة الحريات الفردية وتوسيع دوائر المشاركة السياسية خاصة بالنسبة للمرأة والشباب ودعم الطبقة المتوسطة والمقاولات الصغرى وتشجيع المبادرات الفردية.
لا بد أيضا من اعادة الاعتبار للإبداع الثقافي والفني وتأهيل منظومة الإعلام بما يضمن تحقيق نهضة ثقافية كفيلة بمحاصرة ثقافة التيئيس والتبخيس ودعم شعور الاعتزاز بالانتماء للوطن والانخراط الجماعي في كسب رهانات وتحديات المغرب.

إن سعادة المواطن ليس ترفا بل هي حق إنساني ومؤشر أساسي على نجاعة السياسات العمومية، فهل سيشكل تقرير 2024 حول السعادة جرس إنذار أم سيؤول إلى تقرير يشكل رقما جديدا ينضاف إلى لائحة عدد من التقارير الوطنية والدولية حول حال المغرب والمغاربة التي شملها الحفظ؟؟
 
د.خديجة الكور
فاعلة سياسية ومدنية