يقع إقليم مديونة في قلب البرنامج الوطني لمدن بدون صفيح، وفي قلب البرنامج الجهوي للتنمية والمخطط الجهوي للتعمير، وفي قلب خطة البيضاء الاقتصادية وارتباطا بتحديات 2030.
مرد ذلك هو موقع الاقليم في الجزء الشمالي الغربي وشرق الدار البيضاء، كضاحية تمتد على على مساحة 234 كلم مربع، يشكل العالم القروي منها حوالي 65%، مما يوفر وعاء عقاريا متسعا يساعد على تحقيق البرامج الوطنية والجهوية المتعلقة بترحيل الخدمات وإعادة ايواء دور الصفيح والسكن الاجتماعي للفئات ذات الدخل المحدود.
حسب تقارير المجالس الاستشارية والمؤسسات ذات الصلة بقدر ما تكون المناطق الضاحوية حلا مناسبا لتحقيق البرامج أعلاه بقدر ما تصبح مستقبلا بؤرا لمعضلات اجتماعية وديمغرافية واقتصادية معقدة، كما حدث مثلا مع منطقة الرحمة، وسيدي البرنوصي، و المنطقة الرابعة التي تتشكل من أحياء مولاي رشيد وللا مريم و حي الفلاح والتشارك، ومناطق أخرى كتامسنا وبوالقنادل وسلا.
يقع إقليم مديونة في قلب هذا التحدي، فالاقليم مرشح ليستقبل جزء كبيرا من عدد المساكن الصفيحية المراد إعادة ايوائها قبل 2030، والتي تتجاوز 62000 أسرة، تضاف إلى 180.000 نسمة التي ازدادت بين 2014 و2024، حيث ارتفع عدد ساكنة الاقليم من 171.822 إلى 345.787 نسمة، مع توقع ارتفاع الساكنة إلى 600.000 في غضون 2034.
توجد اذن السلطات الإقليمية وباقي المتدخلين في صلب تحد خاص للمواءمة بين واجب التنزيل السليم للتوجيهات الملكية و للسياسات العمومية والبرامج الوطنية والجهوية، وبين انجاز بنيات الاستقبال من بنيات تحتية ومرافق عمومية وخاصة، وخدمات عمومية وأمن اجتماعي وروحي وثقافي وترفيه.
على الأقل منذ 2018-2019 تركز اهتمام السلطة الإقليمية بتعاون مع كل المتدخلين لتأطير التحديات والرهانات وتشخيص نقط القوة ونقط الضعف، في ارتباط مع مسؤولية الاقليم في احتضان البرامج أعلاه.
تعتمد الرياضة والثقافة والترفيه كوسائل مبتكرة للادماج الاجتماعي و إعادة تأطير المجموعات البشرية موضوع التنقيل الجماعي (القسري المرتبط بالازمات)، والطبيعي المرتبط ببرامج إعادة الإيواء كما هو الحال أعلاه، وقد رفعها تقرير الأمم المتحدة لإعادة ادماج المرحلين إلى خانة المعايير ذات الأولوية،
والمؤكد أن السلطات باقليم مديونة واعية بأهمية الرياضة والثقافة والترفيه كروافع للادماج وتأمين الانخراط الاجتماعي بموازاة مع التحولات التي يتعرض لها الاقليم من قروي إلى شبه قروي وتوجهه إلى شبه حضري، من خلال أحداث آلية مدنية للتنشيط والتنمية الرياضية والثقافية ومجلسا استشاريا للرياضة والثقافية في أفق احداث آلية مؤسساتية للتدبير الرياضي والترفيهي عبارة عن شركة مساهمة خاضعة لمقتضيات القانون.
بين 2019 و2025 ارتفع عدد ملاعب القرب المعشوشبة التابعة للملك الخاص أو العام إلى 27 ملعبا، و15 ملعبا اسمنتيا، و8 قاعات رياضية، ومسبحا نصف اولمبي، ومركبا متعدد الرياضات، وحوالي 60 مؤسسة اجتماعية- ثقافية، وتهيئة الوعاءات العقارية وبرمجة الاعتمادات المالية لاحداث ثلاث فضاءات ترفيهية كبرى بالاقليم والجهة، وذلك بشراكة مع وزارة الداخلية وجهة الدار البيضاء- سطات وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وبالمقابل يتوفر الاقليم على 53 ملعبا وفضاء ترفيهيا و5مسابح، وفضاء للفروسية تابعة للخواص ويقدر أن ترتفع طلبات الترخيص لإنشاء فضاءات ترفيهية خصوصية إلى 100 فضاء رياضي و ترفيهي خصوصي، ليرتفع عدد المستفيدين من خدماتها من حوالي 160.000 إلى 300.000 في غضون 2034.
تشكل المراكز الصاعدة في جماعتي سيدي حجاج واد حصار والمجاطية اولاد الطالب مناطق خاصة معنية بالتخوف من عدم المواءمة بين تنفيذ البرامج الوطنية وتأمين الانخراط الاجتماعي، إذ تشكل مناطق الرشاد والحمد والأبرار والرياض والنجاح ومشروع الهراويين الجديد مصدر تحد خاص حيث تشكل مجتمعة كتلة سكانية تتجاوز 100.000 نسمة، بمعدل 65% تقريبا من عدد الوافدين على الاقليم ما بين احصاءي 2014 و2024، وخصوصا في الأربع سنوات الأخيرة،
ومع نسبة قصر وشباب تتجاوز 70% من ساكنة هذه المناطق المعاد إيواءها، ومع السلوكات الاجتماعية والعقلية التي تم تنقيلها واستنباتها في البيئات الجديدة ستكون التحديات الثقافية والاجتماعية والأمنية كبيرة.
تعتبر مثلا المنطقة الرابعة بالدار البيضاء والتي تضم أحياء مولاي رشيد وللامريم والفلاح والمسيرة والتشارك ومبروكة وحمارة من بين أكثر المناطق جريمة بالدار البيضاء والجهة بمعدل 271.000 جريمة سنويا، ورغم أن هذه المناطق اعتمدت كحلول آنذاك لإعادة الانخراط الاجتماعي فإن ذلك لم يتحقق لسبب رئيسي مرتبط تماما بعدم المواءمة بين الأهداف والإجراءات الموازية، حيث لم يتم وضع بنيات استقبال وبرامج ادماج مناسبة تحولت معه هذه المنطقة إلى بؤرة اجتماعية وأمنية معقدة.
لحد الآن بخصوص اقليم مديونة تتم المواءمة بين ضرورة تنفيذ البرامج الوطنية والجهوية وإجراءات الادماج الاجتماعي للفئات المعنية بشكل جيد عبر بنيات الاستقبال وبرامج الادماج وآليات التنفيذ علاه،
اليوم مثلا أشرف عامل الاقليم على تتويج مسابقات كرة القدم التي شارك فيها حوالي 1000 مستفيد من الجماعات الخمس بالاقليم بملاعب القرب بها بتأطير من الجمعيات المدنية، وعلى فعاليات الماراطون النسائي الذي نظم في مشروع الرياض بسيدي حجاج واد حصار بعد نسخ نظمت بالمجاطية ومديونة.
هناك هامش لرفع عدد المستفيدات والمستفيدين من خدمات المرافق والمنشآت الرياضية والترفيهية، بالموازاة مع رفع المداخيل من توفير الخدمات الرياضية والترفيهية وتحقيق الهدف الاجتماعي لهذه المرافق، وذلك بتوحيد آلية التدبير وهو ما ستوفره آلية شركة التنمية المزمع احداثها، وهي آلية ستكون في اختبار فلسفي حقيقي، خصوصا في سنتها الأولى، للتوفيق بين طابعها الاقتصادي والاجتماعي في نفس الوقت، وفي اختبار إداري ومالي بين التخطيط والتنفيذ الترابي و التنموي وبين تدبير مواردها المالية والبشرية حتى تربح التحديات المطروحة بأقل الامكانيات الممكنة.
وبدون أدنى شك فوجود ارادة حقيقية لدى السلطة الإقليمية في المواءمة بين تحديات التحول الديمغرافي و الاجتماعي بالاقليم وبين رهان تأمين الانخراط الاجتماعي للفئات الاجتماعية المعنية بمثابة ضمان لربح التحديات المطروحة على الاقليم في أفق جعله منطقة جذب اجتماعي واقتصادي وسكاني، وهو هدف ممكن وقريب جدا ارتباطا بدينامية تنمية الاقليم التي انطلقت منذ 2019.