البعض يصفنا بأعداء النجاح ويصفنا بالحاقدين وبالعدميين، فقط لأننا لا نحسن التطبيل، ولا التزمير لما يسمى بالانتاجات الوطنية.
بالله عليكم أين هو هذا النجاح الذي تتبجحون به صباح مساء؟ فقط أرشدونا إليه، دلونا عليه ونحن والله سنزغرد ونرقص ونطبل إلى الصبح، وأين هي هذه الانتاجات الوطنية التي تستحق التشجيع؟ فهل ننافق ونتملق ونصفق لأعمال فاشلة حتى لا نوصف بالعدميين؟
نحاول قدر الإمكان البحث عن ضوء خافت بين فوضى مسلسلاتنا وبرامجنا الكئيبة وإذا عثرنا عليه صفقنا له، والدليل أننا نتكلم ونكتب رغم ذلك على بعض الأعمال رغم ضعفها، فلنفرض أن لدينا عمل أو حتى ثلاثة اعمال ناجحة من بين أكثر من عشرين عملا، فهل يكفي هذا حتى نرفع رؤوسنا عاليا ونقول بأن لدينا صناعة الدراما؟ أو ندعي بأننا تطورنا في المجال؟ كما يتشدق المتشدقون، ويتبجح المتبجحون.
البعض يقول إننا ما زلنا نخطوا الخطوة الأولى، ومازلنا في البدايات، وبالتالي لا نستحق كل هذه الانتقادات، جاهل من يقول هذا الكلام، وهو لا يعلم أو لا يريد أن يعلم بأن أول مسلسل تلفزيوني في المغرب أنتج في الستينات وهو ''بائعة الخبز'' للمخرج محمد حسن الجندي، أي أننا انطلقنا تقريبا في نفس الوقت الذي انطلق فيه المصريون والسوريون، صحيح أنه كان عملا متواضعا جدا بسبب الفقر في الإمكانيات والتقنيات، لكن كان من الممكن أن نبني عليه ما سيأتي من بعده، هذا لو كانت لدينا إرادة حقيقية، لكن للأسف حتى مع الانطلاقة الاحترافية نوعا ما في ثمانينات القرن الماضي لم نستفد شيئا، ولم نتطور، فالدراما المصرية أسست لنفسها مدرسة خاصة بها وانطلقت وكذا السورية، ونحن مازلنا في مكاننا تائهين ضائعين بين الاقتباس والسرقة من الأتراك وأعمال امريكا اللاتنية والعرب وغيرهم برعاية من أخطبوطات ولوبيات الفساد، أولئك الذين أجهضوا أحلامنا وطموحاتنا، وحققوا أحلامهم وطموحاتهم.
سينطق أحد الأغبياء السذج من مكان ما من هذا الفضاء الأزرق محاولا إفحامنا - حسب ذكائه المتواضع - بالعبارة المستهلكة الغبية (اللي قال العصيدة باردة إدير فيها إديه)، وسنرد عليه ونقول له نعم هناك الكثير من الأسماء التي تريد فعلا أن تتحمل مسؤوليتها وتضع أياديها في هذه العصيدة سواء كانت باردة أوساخنة لأنها مواهب حقيقية قادرة على صنع محتوى جيد يناسب ذكاء الجمهور المغربي دون استغبائه، فقط عليكم أنتم أن ترفعوا أياديكم عنها وتتركوها للأفضل والأجدر.
وإلى أن يصلح الله الحال ويهدي النفوس سنبقى نشجع ونصفق لمن يستحق بعيدا عن التملق والوطنية الزائفة، ومن لم يعجبه الحال فليشرب من البحر ومن المحيط أيضا، والحمد لله الذي منَّ على المغرب ببحرين طويلين عريضين.