الخميس 20 مارس 2025
سياسة

الدولة الاجتماعية.. هل ربح المغرب الرهان؟

الدولة الاجتماعية.. هل ربح المغرب الرهان؟ هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اقتصاد‭ ‬السوق؟‭ ‬
منذ‭ ‬تعيينه‭ ‬رئيسا‭ ‬للحكومة‭ ‬بعد‭ ‬تصدّر‭ ‬حزبه‭ ‬(التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار)‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬8‬شتنبر‭ ‬2021،‭ ‬أضحى‭ ‬مفهوم‭ ‬"الدولة‭ ‬الاجتماعية"‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬التجمعي‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬«رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬33‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب‭ ‬المستقل»،‭ ‬وعلى‭ ‬ألسنة‭ ‬وزرائه‭ ‬الذين‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬تكتل‭ ‬ثلاثي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬أحزاب‭ ‬«التجمع»‭ ‬و«البام»‭ ‬والاستقلال‭. ‬بل‭ ‬استأثر‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم،‭ ‬لكثرة‭ ‬تداوله،‭ ‬بحيز‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬النقاش‭ ‬العمومي،‭ ‬وانبرى‭ ‬له‭ ‬السياسيون‭ ‬والاقتصاديون‭ ‬والأكاديميون‭ ‬والإعلاميون،‭ ‬من‭ ‬كل‭  ‬المراتب‭ ‬والحساسيات‭ ‬والإيديولوجيات،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإحاطة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬صيغته‭ ‬المغربية،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬الفضاءات‭ ‬الرسمية‭ ‬أو‭ ‬المدنية‭. ‬كما‭ ‬خصصت‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬جزءا‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بل‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬شرط‭ ‬وجودها‭ ‬هو‭ ‬تنزيل‭ ‬«النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد»‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬دينامية‭ ‬سوسيو-‭ ‬اقتصادية‭ ‬جديدة‭ ‬للتنمية‭. ‬

هكذا‭ ‬شِيءَ‭ ‬لحكومة‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬معالجة‭ ‬المعضلة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬إذ‭ ‬أطلقت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأوراش،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬برنامج‭ ‬السجل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الموحد‭ ‬والدعم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المباشر،‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ودعم‭ ‬السكن‭.. ‬إلخ‭. ‬ورغم‭ ‬تنوع‭ ‬البرامج‭ ‬والتشريعات‭ ‬التي‭ ‬تروم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ودعم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للأسر‭ ‬وتعميم‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي‭ ‬الإجباري‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تفعيل‭ ‬الآليات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتيسير‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالصيغة‭ ‬المغربية‭ ‬تطرح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬المرتبط‭ ‬بالتساؤلات‭ ‬التالية:
أولا‭:‬ هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اقتصاد‭ ‬السوق؟‭ ‬بل‭ ‬واقتصاد‭ ‬السوق‭ ‬المتوحش، وهل‭ ‬يمكن،‭ ‬في‭ ‬حالتنا‭ ‬المغربية،‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬اقتصاد‭ ‬تابع‭ ‬للدولة‭ ‬الاجتماعية؟‭ ‬وهل‭ ‬هو‭ ‬مؤهل‭ ‬لذلك،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬اقتصاد‭ ‬السوق‭ ‬لا‭ ‬يصبح‭ ‬اجتماعيا‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬طبق‭ ‬تدابير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خلق‭ ‬توازن‭ ‬اجتماعي‭  ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬مرتبط‭ ‬أساسا‭ ‬بمفهوم‭ ‬الإنسان‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬ودور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الأساسية‭ ‬واحترام‭ ‬كرامته‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف،‭ ‬كما‭ ‬نجد‭ ‬في‭ ‬النموذج‭ ‬الألماني‭ ‬مثلا‭.‬
 
ثانيا‭:‬‭‬ هل‭ ‬يتوفر‭ ‬المغرب‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬«دستور‭ ‬مالي»‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تنوع‭ ‬مصادر‭ ‬الإيرادات‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬تنزيل‭ ‬«الدولة‭ ‬الاجتماعية»؟‭ ‬هل‭ ‬تركز‭ ‬البرامج‭ ‬الحكومية،‭ ‬قولا‭ ‬وصدقا،‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭  ‬شغلهم،‭ ‬أو‭ ‬الذين‭  ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬ليست‭ ‬لديهم‭ ‬إمكانات‭ ‬للعلاج‭ ‬أو‭ ‬المأوى‭ ‬أو‭ ‬الإعالة؟
 
ثالثا‭:‬‭‬ هل‭ ‬نجح‭ ‬«السجل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الموحد»،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬العمل‭ ‬به‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬القوائم‭ ‬المستهدفة‭ ‬بالدعم‭ ‬والإعانة؟‭ ‬وهل‭ ‬يتوفر‭ ‬المغرب‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬«قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬اجتماعية»‭ ‬صلبة‭ ‬يوظفها‭ ‬كلوحة‭ ‬قيادة‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتطبيق‭ ‬البرامج‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬تنزيل‭ ‬الدعم‭ ‬المباشر‭ ‬أثبت‭ ‬وجود‭ ‬اختلالات‭ ‬جسيمة‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬المطبقة،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬بـ‭ ‬«المؤشر»‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬للمستفيد‭ ‬أن‭ ‬ينام‭ ‬وهو‭ ‬داخل‭ ‬المؤشر،‭ ‬ويستيقظ‭ ‬داخله،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تفسير‭ ‬منطقي!؟‭ ‬
 
رابعا‭ :‬‭‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬بقانون‭ ‬«الشباك‭ ‬الموحد‭ ‬للبرامج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬كأداة‭ ‬لفرز‭ ‬الأسر‭ ‬منخفضة‭ ‬الدخل‭ ‬ودعمها‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬محلية‭ ‬متخصصة،‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬البرازيل‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬أي‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الأسر‭ ‬المتضررة‭ ‬أثناء‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد؟‭ ‬
 
خامسا‭:‬ على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التمويلات‭ ‬المهمة‭ ‬المرصودة،‭ ‬سجلت‭ ‬«الدولة‭ ‬الاجتماعية»،‭ ‬أثناء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬46 %‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬خارج‭ ‬منظومة‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬5.5‭ ‬مليون‭ ‬أسرة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬المُهَيْكَل،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬معايير‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬سجلت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاستهداف‭ ‬العشوائي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالا‭ ‬عريضا‭ ‬حول‭ ‬هندسة‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتناقض‭ ‬الوصفات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر‭ ‬والإقصاء‭ ‬والهشاشة‭..‬
 
سادسا‭:‬ هل‭ ‬هناك‭ ‬معايير‭ ‬تكفل‭ ‬وصول‭ ‬الدعم‭ ‬لمستحقيه‭ ‬وولوج‭ ‬عادل‭ ‬إلى‭ ‬الخدمات،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬برامج‭ ‬تفتقد‭ ‬لمعايير‭ ‬ثابتة‭ ‬وواضحة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬«الأهلية‭ ‬الاجتماعية»‭ ‬التي‭ ‬تخول‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬الدعم،‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬محاربة‭ ‬الفقر‭ ‬بالعالم‭ ‬القروي،‭ ‬واستفادة‭ ‬المتمدرسين‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬الطالب‭ ‬والطالبة،‭ ‬وحتى‭ ‬برامج‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬الإجبارية،‭ ‬وأيضا‭ ‬برنامج‭ ‬المنح‭ ‬الجامعية‭ ‬والأحياء‭ ‬الجامعية‭ ‬التي‭ ‬تتوقف‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬اللجان‭ ‬الإدارية‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬سلطة‭ ‬تقديرية‭ ‬مطلقة‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬أو‭ ‬رفض‭ ‬الطلبات؟
 
سابعا‭ :‬تريد‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬التأسيس‭ ‬لثورة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فهل‭ ‬تساعد‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬المتخذة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬هذا‭ ‬الرهان،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الارتفاع‭ ‬المهول‭ ‬في‭ ‬الأسعار،‭ ‬ومعضلة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬بالمستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة،‭ ‬وضعف‭ ‬الأجور،‭ ‬والهشاشة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتفاوتات‭ ‬المجالية‭ ‬الخطيرة‭ ‬«منكوبو‭ ‬زلزال‭ ‬الحوز‭ ‬نموذجا»،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬والبطالة‭ ‬والفقر؟
 
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"