
الأمر أشبه بحفل عرس، وكل حفل عرس، تسبقه استعدادات مكثفة قد تصل لأيام أو أسابيع، هذا ما ميز يوم افتتاح الصيد الايكولوجي أو صيد الأسماك في الأحواض المائية، سدود وأنهار وبحيرات.. أو في المياه القارية.
لأن الأمر يهم أزيد من ألفي صياد منخرط في جمعيات منضوية بدورها في الجامعة المغربية للصيد الايكولوجي، ولأنه لا صيد بدون أسماك، فإن افتتاح موسم الصيد، الأحد 23 فبراير ،2025 عرف تنسيقا مسبقا ومكثفا بين الجامعة والوكالة الوطنية للمياه والغابات، وبالأخص المركز الوطني لأحياء الماء وتربية السمك. (قد تم عقد المجلس الوطني للصيد وتربية الأحياء المائية في المياه البرية، نهاية شهر يناير 2025 بالرباط، وهو مجلس يجمع الفاعلين الرئيسيين في القطاع للقيام بدور استراتيجيً في وضع ومتابعة وتقييم السياسات العامة المتعلقة بالصيد وتربية الأحياء المائية في المياه البرية، كما يدعم المجلس الترويج لمنتجات الصيد وتربية الأحياء المائية البرية وتثمينها. وخلال هذا الاجتماع الأول، اعتمد المجلس نظامه الداخلي، وهو خطوة أساسية لضمان سير العمل بشكل مثالي وتعزيز التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية.)
وكان من مخرجات هذا المجلس، إنشاء مركزين للتميز في تربية الأحياء المائية في المياه البرية، يقع الأول في منطقة جرادة ويهدف إلى تطوير تربية الأحياء المائية في المناطق الجافة من خلال الاستفادة من أحواض تخزين مياه الري، بينما سيُخصص الثاني، في منطقة الحوز، لتربية الأحياء المائية التي تعيش في المياه الباردة.
وتهدف هذه البنى التحتية إلى تعزيز القدرات المحلية، وتشجيع الابتكار، ودعم ريادة الأعمال في مجال تربية الأحياء المائية. (كما تم الكشف أيضًا، في الاجتماع ذاته، عن مشاريع أخرى ذات تأثير اجتماعي واقتصادي كبير، مثل تطوير مصائد الأسماك وتعزيز السياحة البيئية المتعلقة بالصيد في المتنزهات الوطنية بإفران وخنيفرة. وتأتي هذه المبادرات ضمن مقاربة متكاملة تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي المائي مع تعزيز الاقتصاد المحلي).
ووفق ما عاينته جريدة “أنفاس بريس”، فإن مصالح وكالة المياه والغابات قامت باتخاذ عدة تدابير أساسية. وتشمل هذه التدابير الاستزراع السمكي للأوساط المائية والتتبع الهيدروبيولوجي لها، وتأطير جمعيات الصيد من خلال حملات التوعية بالقوانين الجاري بها العمل والممارسات الجيدة المرتبطة بالصيد المستدام. (وفي هذا السياق، تم استزراع أكثر من مليوني من صغار سمك التروتة في المياه المخصصة لها، وذلك بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي المائي وإنعاش السياحة البيئية المرتبطة بالصيد. كما تم إنتاج أكثر من 26 مليون زريعة من مختلف الأصناف داخل محطات تربية الأسماك التابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات، وذلك من أجل استزراع أكثر من خمسين وسطًا مائيًا، بما في ذلك مجاري الأنهار والبحيرات الطبيعية والمسطحات المائية.) من جهتها عقدت الجامعة المغربية للصيد الايكولوجي التي يترأسها عادل السموني، بعقد اجتماعات مسبقة مع رؤساء جمعيات الصيد وإطلاعهم على مخرجات المجلس الوطني للصيد، مع حثهم على التقيد بالتدابير التنظيمية، وتفكيرهم بالحصص اليومية المسموح بها لكل صياد، والأحجام الدنيا المسموح بصيدها لكل صنف، إضافة إلى المناطق المحمية التي يُمنع فيها الصيد. (وبالنسبة لهذا الموسم، فإن الحصيص اليومي لصيد سمك التروتة حُدد في حد أقصى قدره 8 وحدات، على ألا يقل طول كل سمكة عن 24 سم. أما بالنسبة لصيد باقي الأصناف، فسيكون مسموحًا به ابتداء من 10ماي في البحيرات والمسطحات المائية.) ليلة السبت 22 فبراير 2025، كانت ضفاف نهر أم الربيع على صعيد الجماعة الترابية التي تحمل نفس الاسم بإقليم خنيفرة، على غرار أقاليم إفران وميدلت ومراكش وغيرها من المناطق التي تتمتع مياهها بالنقاء والبرودة محجا للعشرات من هواة الصيد الايكولوجي.“أما بالنسبة للقادمين من المدن القريبة من منابع أم الربيع، فاختاروا المجيء قبيل إشراقة شمس يوم الافتتاح، لم تمنع التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة وانخفاض درجة الحرارة التي لم تتعد ذلك الصباح أربع درجات، من أن تكون الجاهزية في صفوف 456 صيادا من مختلف الأعمار انتشروا على ضفتي النهر، وعلى سد تانفنيت..“ ولأن هذا الصيد ارتبط اسمه بالبيئة والنظم الإيكولوجية، فإن الدور الكبير يعود لشرطة الصيد، الذين يحرصون على مراقبة المياه وجودتها، خصوصا وأن سمك التروتة يعيش في الأوساط المائية ذات الجودة، كما يحرص هؤلاء الحراس، الذين يتمتعون بالصفة الضبطية على التأكد من سلامة الوثائق لدى كل صياد، والتزامه بأداء الانخراط السنوي المحدد في 600 درهم، وطبعا المهمة الأساسية لشرطة القنص، هي ضبط كل مخالفات الصيد، سواء من حيث تجاوز العدد المسموح به، أو خارج الموسم، وكذا ضبط الصيد العشوائي، الذي يشكل أكبر تهديد للثروة السمكية في الأحواض المائية، واطلعت جريدة “أنفاس بريس“ على مقطع فيديو، يبين ضبط أفراد قاموا بوضع شبكة صيد في مجرى مائي بنهر أم الربيع، حيث تمت مصادرة هذه الشبكة، وتعقب الأشخاص الذين وضعوها هناك. “ريان، طفل لايتعدى 14 سنة، كان بدوره يحمل قصبة صيد، وهو وسط النهر، منخفض المنسوب، إلى جانب والده، صرح لجريدة “أنفاس بريس“، أنه ابتلي بهذه الهواية منذ كان عمره 6 سنوات، وشارك في عدد من المسابقات بأزرو، وهو ما جعله يحرص سنويا على مرافقة والده في رحلات الصيد، مقابل انخراط رمزي مخصص للأطفال، لتشجيعهم على ممارسة هذه الهواية.“ لم يكن هَمُّ كل هؤلاء هو اصطياد الأسماك، وإن كان مشروعا، لكن فئة أخرى من الصيادين كان شعارهم هو الصيد الرحيم، حيث يتم إرجاع الأسماك إلى محيطها بمجرد اصطيادها، وبالتالي فالمتعة عند هذه الفئة هي تقنيات الصيد والتي قال عنها عبد الله بوزيد، رئيس نادي الاطلس المتوسط للصيد بالريشة، هي الأصل في الصيد الايكولوجي.. وبين هذه الفئة وتلك كان الصبر هو الجامع بينها، صبر قد يطول لساعات طوال في سبيل الحصول على سمكة أو أكثر، لتغرب شمس يوم الافتتاح على صيد إجمالي بجماعة واد ام الربيع إلى حوالي 340 سمكة تروتة مستوفية للضوابط المعمول بها، ويضربوا جميعا موعدا يتجدد كل نهاية أسبوع حتى شهر أكتوبر .2025